حملة إيرانية على مواقع التواصل لتضليل الرأي العام

آلاف الحسابات انتحلت شخصيات سياسيين وإعلاميين وروّجت لمصالح طهران

شعار موقعي «فيسبوك» و«تويتر» (رويترز)
شعار موقعي «فيسبوك» و«تويتر» (رويترز)
TT

حملة إيرانية على مواقع التواصل لتضليل الرأي العام

شعار موقعي «فيسبوك» و«تويتر» (رويترز)
شعار موقعي «فيسبوك» و«تويتر» (رويترز)

أعلن موقعا «فيسبوك» و«تويتر» للتواصل الاجتماعي أمس (الثلاثاء) عن إغلاق حسابات استخدمت في حملة إيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام عبر انتحال هويات شخصيات ومؤسسات إعلامية وسياسيين وغيرهم.
وأزال «فيسبوك» 51 حساباً و36 صفحة و7 مجموعات و3 حسابات على «إنستغرام» بعد تلقّيه معلومة من شركة «فايرآي» للأمن إلكتروني وتحقيقه فيها، وفق رئيس سياسات الأمن السيبراني في الموقع الأوسع انتشاراً ناثانيال غليتشر.
بدوره، أبلغ موقع «تويتر» وكالة الصحافة الفرنسية بأنّه أزال في مطلع مايو (أيار) الجاري شبكة مكوّنة من 2800 حساب غير حقيقي، من دون أن يكون أي من مسؤوليه على اطّلاع على نتائج تحقيق «فايرآي» التي نشرت أمس.
وقالت متحدثة باسم «تويتر»: «تحقيقاتنا في هذه الحسابات مستمرة»، رافضة أي نقاش في التفاصيل حتى الانتهاء من تحليل المعلومات.
ووفقا لشركة «فايرآي» ومقرّها كاليفورنيا، فإنّ شبكة حسابات باللغة الإنجليزية على وسائل التواصل الاجتماعي تنتحل شخصيات متعدّدة تمّ تشغيلها بشكل لا لبس فيه للترويج للمصالح السياسية الإيرانية.
وقالت الشركة في مدوّنتها: «بالإضافة إلى استخدام شخصيات أميركية مزيّفة تبنّت مواقف سياسية تقدّمية ومحافظة على حدّ سواء، انتحلت بعض الحسابات شخصيات أميركية حقيقية تشمل بعض المرشّحين الجمهوريين الذين خاضوا انتخابات مجلس النواب عام 2018».
وشخصيات هذه الشبكة تشاركت مواد منشورة في وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية، وشنّت حملات ضغط على إعلاميين لتغطية مواضيع معيّنة، ويبدو أنها نظّمت مقابلات سياسية في الولايات المتحدة وبريطانيا، وفقا لـ«فايرآي».
وأشارت «فايرآي» إلى أنّه لم يتّضح بعد ما إذا كانت هذه الحملة مرتبطة بعملية تأثير أوسع على وسائل التواصل الاجتماعي اتّخذت من إيران مقرّاً لها وتمّ الكشف عنها العام الماضي.
وأفاد غليتشر بأنّ «الأفراد الذين يقفون وراء هذا النشاط الذي استخدم أيضا منصّات ومواقع إنترنت أخرى، ضلّلوا الناس حول هوياتهم وأنشطتهم».
ولفت موقع «فيسبوك» إلى أنّ الحسابات المزوّرة التي ادّعت أنّ مواقعها في الولايات المتحدة أو أوروبا أدارت صفحات أو مجموعات وانتحلت شخصيات مؤسسات إعلامية موجودة في الشرق الأوسط.
وأوضح غليتشر أنّ «الأفراد الذين يقفون وراء هذا النشاط قدّموا أنفسهم كإعلاميين أو أشخاص آخرين وحاولوا الاتّصال بصانعي السياسات والصحافيين والأكاديميين والمعارضين الإيرانيين وشخصيات عامة أخرى».
وتناولت هذه الحسابات المزوّرة محتوى باللغتين الإنجليزية والعربية، وشملت موضوعات النقاش شخصيات عامة وحركات انفصالية أميركية والسياسة في الولايات المتحدة وبريطانيا.



عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية، تباينت آراء الخبراء والسياسيين الإيرانيين حول عودة دونالد ترمب للمكتب البيضاوي، وتأثيرها على إيران. ويراها البعض فرصة للتفاوض بناءً على ميول ترمب للحوار، بينما يرى آخرون أن عودة سياسة «الضغط الأقصى» بما فيها العقوبات الاقتصادية والخيار العسكري، لا تزال احتمالاً قائماً.

ويعتقد مؤيدو التفاوض المباشر مع واشنطن أن غياب إيران عن أولويات ترمب الأولى يمثل فرصة لتخفيف الضغوط وفتح باب للحوار، خصوصاً في ظل فتوى تحظر الأسلحة النووية في إيران.

في المقابل، يحذِّر منتقدو الحوار من «تغلغل» أميركي واستغلال التفاوض لفرض تنازلات، ويشيرون إلى انعدام الثقة وتجارب الماضي، بما في ذلك انسحاب ترمب من الاتفاق النووي.

وأشارت صحيفة «شرق» الإيرانية إلى «قلق» بين غالبية الخبراء، وقالت إن احتمالية عودة سياسة «الضغط الأقصى»، مثل تقليص صادرات النفط الإيراني، وتحريك آلية «سناب باك»، وعودة القرارات الأممية، وحتى احتمال اللجوء إلى الخيار العسكري، لا تزال قائمة.

وفي المقابل، هناك فئة ترى أن عودة ترمب قد تخلق فرصاً أكبر لإيران للتفاوض والوصول إلى اتفاق، نظراً لميول ترمب للتفاوض. وقال علي مطهري، نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق، إن عودة ترمب قد تمثل فرصة وليس تهديداً لإيران، خصوصاً إذا أظهر ترمب رغبة في التفاوض.

ودعا مطهري إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأميركية بدلاً من الاعتماد على الوسطاء؛ لأن «التجربة السابقة أظهرت أن المفاوضات غير المباشرة لم تحقق النتائج المرجوة».

ورأى أن «تطوُّر الوضع في منطقة الشرق الأوسط، مثل الاتفاقات مع روسيا ووقف إطلاق النار في غزة، يجعل إيران في موقع قوي للتفاوض من موقف متساوٍ مع الولايات المتحدة»، وأضاف: «في ظل الأوضاع الحالية أفضل قرار هو بدء المفاوضات».

ومن جهتها، تحدثت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية عن جدار مرتفع من انعدام الثقة بين إدارة ترمب وطهران. وقالت: «كثيرون في إيران يترقبون أي ترمب سيواجهون؟»، في إشارة إلى «التوقعات المتباينة» حول كيفية تعامل ترمب مع إيران.

وقال الناشط الإصلاحي، محمد هاشمي رفسنجاني للصحيفة إن «برنامج حكومة ترمب ليس خوض صراعات مع إيران في الشرق الأوسط، بل السعي لحل القضايا العالقة مع طهران بأسرع وقت ممكن». وقال: «ترمب أعلن أنه إذا لم تمتلك إيران أسلحة نووية، فبإمكان البلدين بناء علاقات بناءة في مجالات أخرى. كما أن بناء الأسلحة النووية محظور في إيران وفقاً لفتوى القيادة، وإيران ليس لديها برنامج لتنفيذه».

ونقلت الصحيفة عن الناشط الإصلاحي محمد صادق جواد حصار قوله إنه «في حال التزم ترمب بتعهدات لتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط وإقامة علاقات بناءة مع إيران فإن ذلك سيؤثر إيجاباً في الساحتين السياسية والاقتصادية في إيران».

أما الناشط المحافظ، حسين كنعاني مقدم فقد قال للصحيفة إن «ترمب يعمل على تمهيد الطريق للاستفادة من القوى العالمية مثل الصين وروسيا، وكذلك القوى الإقليمية مثل إيران التي لها تأثير في المعادلات السياسية والإقليمية. بالنظر إلى حقيقة أن حكومة بزشكيان هي حكومة وفاق وطني، يبدو أن هناك إشارات تُرسل إلى أميركا مفادها أن إيران مستعدة للعمل على حل القضايا الإقليمية».

ويعتقد النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، أن غياب إيران عن أوامر ترمب التنفيذية الأولى وسعيه للابتعاد عن الأزمات الإقليمية «مؤشر» على تراجع نفوذ المتشددين في واشنطن وإمكانية فتح قنوات للتفاوض، رغم توقعات بضغط اقتصادي محدود.

وأكد فلاحت بيشه في افتتاحية صحيفة «آرمان ملي»، غياب اسم إيران من أول أوامر تنفيذية وقَّعها ترمب في يومه الأول، وهو «مؤشر إيجابي»، وذلك بعد توقعات بأن تتضمن أوامره الأولى عقوبات على طهران.

وقال فلاحت بيشه الذي كان رئيساً للجنة الأمن القومي، إن إيران «ليست ضمن أولويات إدارة ترمب العشرين الأولى؛ إذ تتركز أغلب أولوياته على إدارة الشؤون الداخلية، وتحقيق وعوده الانتخابية».

وكتب: «عدم وجود إيران ضمن أولويات ترمب لا يُعد عاملاً سلبياً، بل قد يُشكل فرصة إيجابية، لو كانت إيران من أولوياته لكان من المحتمل أن تتحول إلى هدف تجريبي للرئيس الأميركي الجديد». وأضاف: «سعي ترمب للابتعاد عن الأزمات الإقليمية وعدم فرض ضغوط قصوى على إيران في أول يوم عمل له يُظهر تراجع نفوذ المتشددين، واحتمالية تقديم مقترح للتفاوض من قِبَل الولايات المتحدة، على الرغم من إمكانية بدء ضغوط اقتصادية محدودة».

من جهة أخرى، واصلت صحيفة «كيهان» الرسمية انتقاداتها لمسؤولين في حكومة مسعود بزشكيان بسبب تأييدهم التفاوض مع الولايات المتحدة. وقالت إن تصريحات الرئيس التي تحدث فيها بحذر عن المفاوضات مع أميركا «تتناقض مع أقوال نوابه ومستشاريه التي يترتب عليها عواقب للبلاد».

وكان مستشار الرئيس الإيراني علي عبد العلي زاده، قد قال نهاية الشهر الماضي، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وحذرت «كيهان» من «التسلل»، وقالت: «كثير من القلاع صمدت أمام الضربات القوية، لكن أبوابها فُتحت بيد عناصر خائنة ومتسللة». وهاجمت وسائل إعلام مؤيدة لمسعود بزشكيان قائلة إنها «تعد التفاوض مع أميركا الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد».

وقالت: «إثبات ما إذا كانت أميركا مستعدة للالتزام بالتوافق أو لا، هل يكون بناءً على (التجربة الماضية) أو بناءً على وعد آخر من أميركا أو توقيع آخر مثل توقيع جون كيري على الاتفاق النووي؟! إذا كانت أميركا قد أثبتت استعدادها لعبد العلي زاده، فمن الأفضل أن يعرف الناس طريقة هذا الإثبات». وأشارت أيضاً إلى الشكوك التي أبداها مستشار بزشكيان في التوصل لاتفاق خلال شهرين إلى ثلاثة من المفاوضات، وحذر من «مراوغة» ترمب لإجبار طهران لتقدم التنازلات، ودفع «لتغيير القواعد تحت الطاولة»، وسخِرت صحيفة «كيهان» من ذلك قائلة: «من أين جاءك هذا الاعتقاد بشأن تحت الطاولة من أمريكا، أيها المستشار؟! لماذا تشك في أميركا وتزرع اليأس في نفوس الناس من الآن؟!».