طائرات سورية توسع دائرة الغارات إلى ريف حلب

أنباء عن مقتل «عناصر روس» في ريف حماة... وفصائل معارضة تؤكد على «الوحدة لصد الهجوم»

أعمدة دخان تتصاعد من كفر نبل جراء غارات على ريف إدلب أمس (أخبار إدلب)
أعمدة دخان تتصاعد من كفر نبل جراء غارات على ريف إدلب أمس (أخبار إدلب)
TT

طائرات سورية توسع دائرة الغارات إلى ريف حلب

أعمدة دخان تتصاعد من كفر نبل جراء غارات على ريف إدلب أمس (أخبار إدلب)
أعمدة دخان تتصاعد من كفر نبل جراء غارات على ريف إدلب أمس (أخبار إدلب)

وسّعت قوات النظام السوري بدعم من الطيران الروسي دائرة قصفها لتشمل ريف حلب؛ وذلك مع استمرار القصف على ريف إدلب، ما أدى إلى مقتل مدنيين؛ بينهم أطفال. وإذ ترددت أنباء عن مقتل «عناصر روس» في ريف حماة، بحث قادة فصائل «الوحدة لصد الهجوم» على ريفي حماة وإدلب.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بمقتل «7 مدنيين وسقوط عدد كبير من الجرحى في حصيلة لأكثر من 500 ضربة جوية وبرية خلال اليوم التاسع والعشرين من التصعيد الأعنف، وطائرات (الضامن) الروسي تستأنف قصفها بعد أكثر من 34 ساعة على غيابها عن الأجواء».
من جهتها، أفادت شبكة «شام» المعارضة بأن «الطيران المروحي والحربي التابع للنظام وسّع من دائرة القصف لتطال ريفي حلب الغربي والجنوبي، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وتدمير مركز للدفاع المدني».
وأضافت أن الطيران «استهدف بلدات البوابية والزربة ورسم الصهريج ومنطقة إيكاردا بريف حلب الجنوبي، ومدينة الأتارب وبلدات كفرتعال والأبزمو و(الفوج 46) بريف حلب الغربي، حيث أدى القصف لسقوط قتيل في البوابية وعدد من الجرحى».
وأكد مراسل الشبكة أن الغارات الجوية استهدفت بشكل مباشر مركزاً للدفاع المدني في مدينة الأتارب ما أدى لخروجه من الخدمة.
من جهته، قال «المرصد» إنه «وثق مزيداً من القتلى الذين قضوا (أمس) الثلاثاء جراء القصف الجوي في اليوم التاسع والعشرين من التصعيد الأعنف ضمن منطقة (خفض التصعيد)، حيث ارتفع إلى 10 عدد المدنيين الذين قتلتهم طائرات النظام الحربية والمروحية، وهم 3 أطفال على الأقل قتلوا في قصف طائرات النظام على بلدة احسم بجبل الزاوية، ومواطنة وطفل جراء قصف طائرات النظام الحربية على قرية معرة ماتر بريف إدلب، ورجل جراء قصف الطيران الحربي التابع للنظام على قرية البوابية جنوب حلب، و3 بينهم مواطنة جراء تنفيذ طائرات حربية تابعة للنظام غارات على قرية سفوهن بجبل الزاوية، ومواطنة جراء قصف طائرات النظام الحربية على الأتارب، في حين لا يزال عدد الشهداء مرشحاً للارتفاع لوجود أكثر من 38 جريحاً بمناطق متفرقة، جراح بعضهم خطرة».
على صعيد متصل، واصلت الطائرات الروسية تنفيذها مزيداً من الضربات الجوية ضمن منطقة «خفض التصعيد»؛ حيث نفذت مزيداً من الغارات على شهرناز بجبل شحشبو، وقرية الحامدية جنوب معرة النعمان. كما استهدفت طائرات النظام الحربية بمزيد من الغارات المكثفة أماكن في النقير وترملا والشيخ مصطفى وكرسعة وفليفل وكفر عويد، فيما ارتفع لاحقاً إلى 510 عدد القذائف والصواريخ التي أطلقتها قوات النظام أمس الثلاثاء على أرياف حماة وإدلب وحلب واللاذقية.
وأفادت شبكة «الدرر» المعارضة بأن «طيران النظام الحربي دمر مستشفى (دار الحكمة) في مدينة كفر نبل والمركز الصحي للرعاية الأولية في قرية ركايا، إضافة إلى تدمير مسجد أبو بكر الصديق في خان السبل جنوب إدلب».
كما شهد كثير من القرى والبلدات في ريف إدلب قصفاً جوياً مكثفاً بعشرات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة؛ ما أسفر عن دمار واسع لحق بالممتلكات العامة والخاصة.
وقتل 18 مدنياً على الأقلّ، بينهم 6 أطفال، في غارات جوية شنتّها قوات النظام السوري الاثنين الماضي على محافظة إدلب، بحسب «المرصد». وقال إنّ «18 مدنياً بينهم 6 أطفال قتلوا بطائرات النظام وقواته البرية في ريف محافظة إدلب».
وأوضح أن 10 من القتلى سقطوا في مدينة أريحا وحدها في ريف إدلب الجنوبي. وقال في هذا الصدد إنّ «10 مدنيين استشهدوا؛ بينهم 4 أطفال جرّاء مجزرة نفذتها طائرات النظام باستهدافها مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي».
وكان قصف الطيران السوري أوقع 12 قتيلاً مدنياً الأحد الماضي في المناطق نفسها، بحسب «المرصد».
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في أريحا بأنّ عناصر من «الخوذ البيضاء» كانوا يبحثون عن أحياء تحت أنقاض منزل هدمه القصف الجوي السوري.
واستعان المسعفون من «الخوذ البيضاء» بمدنيين واستخدموا جرافة لسحب طفل كان عالقاً تحت أنقاض منزل.
وحسب «المرصد»، فإنّ أكثر من 250 مدنياً؛ بينهم نحو 50 طفلاً، قتلوا في موجة العنف الأخيرة التي ضربت هذه المنطقة منذ نهاية أبريل (نيسان) الماضي.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، وتوجد مع فصائل إسلامية في أجزاء من محافظات مجاورة. وتخضع المنطقة لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل، لم يتم استكمال تطبيقه.
وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق في سبتمبر (أيلول) الماضي. ونشرت تركيا كثيراً من نقاط المراقبة لرصد تطبيق الاتفاق. إلا إن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) الماضي وتيرة قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.
وتتهم دمشق أنقرة الداعمة للفصائل بالتلكؤ في تنفيذ الاتفاق، إلا إن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار اتهم ليل الثلاثاء قبل الماضي النظام السوري بتهديد اتفاق وقف إطلاق النار.
ودفع القصف والمعارك منذ نهاية أبريل الماضي نحو 200 ألف شخص إلى النزوح، بينما طالت الغارات 20 مرفقاً طبياً، لا يزال 19 منها خارج الخدمة، بحسب الأمم المتحدة.
وأوضحت «الدرر» أن 23 عنصراً من القوات الروسية الخاصة «قتلوا في كمين محكم للفصائل في منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي». وقالت: «الجبهة الوطنية للتحرير»: «قتلى وجرحى في صفوف القوات الخاصة الروسية؛ إثر وقوعهم في كمينٍ محكمٍ بعد محاولة تسلل لهم على عدة نقاط بجبهة المشاريع في سهل الغاب».
من جانبها، أعلنت «غرفة عمليات» على معرّفاتها عن «إحباط محاولة تسلل لما يسمى بالقوّات الخاصة للمحتل الروسي وإيقاعهم في كمينٍ محكمٍ وجرح أحدهم في محور خربة الناقوس بسهل الغاب».
وفي السياق ذاته، ذكر «مركز نورس» في حسابه على «تلغرام»، أن «عدد القوات المهاجمة وصل إلى 23، وتم الاشتباك معهم والتأكد من وجود جرحى تم إخلاؤهم بتمهيد عنيف من قِبَل قوات الإسناد ليتمكنوا من سحبهم».
وكان قادة الفصائل عقدوا اجتماعاً يوم الأحد الماضي، قيل إن قائد «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني شارك فيه، إضافة إلى قائد «جيش العزة» الرائد جميل صالح وقائد «ألوية صقور الشام» أبو عيسى الشيخ، وجابر علي باشا وحسن صوفان من «أحرار الشام» (الجبهة الوطنية للتحرير).
وقال صالح: ‏«نقاتل روسيا وإيران وعصابة بشار المدعوم بعشرات الفصائل من الميليشيات الإيرانية. نقاتل في ظل تخاذل العالم عن أهلنا. هذه معركة طويلة وليست معركة ليوم واحد لكي نحدد المنتصر. النصر لأصحاب القضية ولمن صبر، فلا تستعجلوا النصر على أبنائكم وإخوتكم الثوار. إنها معركة الثورة وسننتصر بإذن الله».
وأكد أبو عيسى الشيخ أنه لا بد من التصدي للهجمة، مضيفاً: «في وجه هذه الهجمة الروسية المجرمة على بقية الأرض والدم أيهما خير؛ الوقوف على تفاصيل الخلاف الفصائلي أمام هجمة لن تفرق بين أطيافنا وألواننا ومسيئنا ومحسننا، أم ردم الهوة وتناسي شعث الماضي أمام هول الحاضر؟ ما هو مؤكد أننا لن نستطيع دحرهم أشتاتا، ولكن بعون الله ندحرهم جميعاً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم