أمينة زاهر، فنانة مصرية متخصّصة في تصوير الأزياء وأسابيع الموضة، تُنشر أعمالها في الكثير من المجلات حول العالم مثل «Vogue وLUCY’s Magazine» وغيرها. في رحلتهما الترفيهية الأخيرة إلى كينيا وعدت زوجها ألّا تحمل الكاميرا طوال مدة إقامتهما هناك، حتى يستمتعا بالرحلة بعيداً عن ضغوط العمل، ولكن منذ اللحظات الأولى للوصول والانبهار بالمكان وناسه نكثت أمينة وعدها، بل نجحت في إقناع زوجها بمشاركتها العمل، لينتج عن ذلك معرض فني يقدّم ربما لأول مرة صوراً توثق حضارة نيروبي ورونق الجمال الإنساني لقبائل ماساي عبر تأثيرات فنّية نابعة من عالم الموضة.
«كانت تجربة تلقائية غير مألوفة، لم أكن أنوي التصوير، فقد كانت الكاميرا التي أخذتها معي خلسة، فقط لتسجيل ذكريات جميلة منتظرة مع زوجي، في رحلة ترفيهية لمكان مثل كينيا يتمتّع بطبيعته الخلابة»، تقول أمينة لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «ولكن ما أن وصلنا، حتى وجدت نفسي أخلف بوعدي على الفور، فقد وجدت نفسي أمام شعب مُلهم بشكل غير مسبوق، مثل لي - خاصة أفراد قبيلة ماساي - أروع (فاشين شو)» (عرض أزياء). وتضيف: «رأيت فيهم شعباً جميل الطّلعة، مبتسماً على الدّوام، متمتعاً بحالة من السلام الدّاخلي، متحلياً بقامة ممشوقة كأنّها مرسومة من فرط تناسقها، بسبب نظامهم الغذائي القائم على تناول اللحوم بعيداً عن النشويات والدّهون. وخطف بصري وعقلي كمصورة للأزياء، ملابسهم بتعدّد ألوانها الصّارخة، خاصة القماش الأحمر الذي يفضّله الرجال والنّساء على السّواء، ويلفّونه بشكل فضفاض حول أجسامهم الرشيقة، فيشكّلون بقامتهم وبملابسهم وألوانها الزّاعقة المتناسقة مع لون بشرتهم، لوحة فنية غنية بالتفاصيل الجميلة، ويزيد الأمر روعة تزيّن النساء بياقات خَرَزية مستديرة وضخمة كثيرة الألوان، وأسلاك مجدولة من النّحاس تُلَفّ بإحكام على الأذرع والكواحل».
يضمّ المعرض الذي يحتضنه «غاليري أركيد» بحي المعادي الهادئ في القاهرة 28 صورة فوتوغرافية في معظمها لأفراد من «ماساي»، تلك القبيلة البدائية المتواجدة في كينيا وتتوغّل في التماهي مع الطبيعة والجذور معاً.
تقول أمينة إنّ «قبيلة ماساي تتشبّث بثقافتها وعاداتها المتوارثة وفنونها اليدوية التراثية منذ آلاف السنين، ورغم التأثيرات الثقافية للحضارة الغربية المستمرة، ومن إصرار الحكومة على نشر التعليم والعمل على اتقانهم للإنجليزية فإنّهم يتمسّكون بالطّريقة التقليدية المتوارثة لحياتهم، ما يجعلهم رمزاً للثقافة الكينية. وواحدة من أهم أسباب الجذب السياحي إليها».
تقدم أمينة أفراد القبيلة في الصّور بشكل جديد يظهر فيه بوضوح تأثرها بعملها كمصورة للأزياء، فإلى جانب تركيزها على اختياراتهم من الملابس التي يرتدونها، كانت أيضاً تنسّق معهم الأقمشة التي يلفونها حول أجسادهم، من ثمّ تضع الأقمشة نفسها في الخلفية ويساعدها زوجها في تثبيتها بإحكام.
وتوضح أمينة: «أردت أن أحتفي بملابسهم، كرمز لتمسّكهم بجذورهم، فعندما يشاهد المتلقي هذا الامتداد الواضح والبارز للقماش المتصدّر الصورة في الخلفية أيضاً، سيتملكه الإحساس بأنّها ليست مجرد أقمشة، إنّما هي نتاج عظيم لخلفيتهم وجذورهم الثقافية العميقة ومخزونهم الفني الممتد إلى آلاف السنين، كما أنّه نوع من التركيز على مفهوم الجمال في الخامة واللون والتصنيع اليدوي».
وإلى جانب تصوير أفراد من قبيلة «ماساي» صورت أيضاً فتيات من نيروبي: «استوقفتني طريقة تنسيق ملابسهن، وألوانها، ورشاقتهن وطريقة سيرهن، وبعين مصورة للأزياء رأيتهن فتيات عارضات بامتياز، وحين تحدثت معهن انبهرت بثقافتهن الواسعة».
ولاهتمامها الشّديد بعالم الموضة لا تقدّم أمينة صوراً تركز على الوجوه بقدر ما تجسّد الحركة والأزياء: «كنت أتعمّد أن أجعل اهتمامي بتصوير الأزياء ينعكس على الصّور، ولذلك وراء كل صورة طلّة ووقفة معينة لشخوصها واحتفاء بمشاعرهم ولون بشرتهم، وذلك إنّما هو جزء من تصوير «الفاشن» الذي يحرص على أن يتجه إلى ناحية الملابس وشكل الوجه ولون البشرة على السواء لتوضيح من يناسبه ارتداءها».
أيضا تأثرت الإضاءة في الصور بتكنيك أمينة في تصوير الأزياء، فرغم عدم وجود معدات التصوير معها، فإنّها نجحت في تخطّي هذه المشكلة باعتمادها على الإضاءة الطبيعية الدافئة، أي إضاءة الشّمس، وهو أمر سائد في تصوير «الفاشن» في المجلات العالمية منذ سنوات، كما هو معروف، وفي إطاره تميل الإضاءة لترك مسحة برتقالية الأجواء، لنقل أحاسيس ومشاعر عميقة تحقق التواصل والارتباط العاطفي بشكل غير مباشر بين تصاميم الأزياء التي تُصوّر والمتلقّي».
ورغم أنّ المعرض هو تجربتها الأولى، التي تُقدّم من خلالها مجموعة متكاملة من الصّور بعيداً عن عالم «الفاشن»، فإنّها جاءت كتجربة مميزة في الطّرح والتكنيك، ولعلّها تأثرت كثيراً بدراستها المتخصّصة في الفوتوغرافيا، فبعد تخرجها في بيزنس الأكاديمية البحرية بالقاهرة عام 2007. وعملها بعد ذلك، في شركة مايكروسوفت العالمية، اتّجهت لدراسة التصوير في أكاديمية New York Film Academy في عام 2014»، وهناك كان من بين ما درسته التصوير التوثيقي الذي استفادت منه كثيراً، وطبّقته عملياً في هذه الرحلة للمرة الأولى».
وعن سر عشقها لتصوير الأزياء الذي تخصّصت فيه، وتركت من أجله العمل في شركة مايكروسوفت العالمية، تقول: «تأثرت كثيراً بحبّي لهذا المجال، وأخذت هذا الولع من أمي منذ طفولتي، فمزجت بينه وبين شغفي بالتصوير، فكانت النتيجة أن أتفرغ لتصوير الأزياء لمجلات مصرية وعالمية».
الوجوه والملابس الكينية مصدر إلهام لمعرض مُصوّرة مصرية
مزجت بين الفوتوغرافيا التسجيلية وعرض الأزياء
الوجوه والملابس الكينية مصدر إلهام لمعرض مُصوّرة مصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة