تأهب في الشارع السوداني لبدء الإضراب العام من اليوم

البرهان يزور جوبا ويلتقي سلفاكير... وحميدتي يؤكد أن السلطة {ستسلم لأيادٍ أمينة}

مسيرة لدعم الحراك في مطار الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مسيرة لدعم الحراك في مطار الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

تأهب في الشارع السوداني لبدء الإضراب العام من اليوم

مسيرة لدعم الحراك في مطار الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مسيرة لدعم الحراك في مطار الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يتهيأ الشارع السوداني لبدأ الإضراب العام اليوم، حطت أمس طائرة رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان في مطار جوبا، ليلتقي رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ليناقشا الأوضاع الراهنة في السودان، والجهود المبذولة لتجاوز هذه الفترة الحالية، وليقدم البرهان تنويراً للرئيس ميارديت بما تم التوصل إليه من اتفاق مع قوى الحرية والتغيير، ونقاط الخلاف حول تشكيل المجلس السيادي.
ووصل البرهان إلى دولة جنوب السودان أمس، في زيارة تستغرق عدة ساعات، واستقبل بحفاوة في مطار جوبا، وكان على رأس مستقبليه الرئيس سلفاكير ميارديت، وعدد من المسؤولين بحكومة الجنوب.
وزار البرهان جوبا بعد يوم واحد من زيارة الإمارات التي بحث خلالها مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الأوضاع بالبلاد في السودان.
وفي أثناء ذلك، تزايدت حالة من التأهب والتحفز في الشارع السوداني، مع اقتراب الموعد المضروب للإضراب السياسي الذي دعت له قوى إعلان الحرية والتغيير، اليوم (الثلاثاء)، ويستمر حتى غد (الأربعاء).
ويهدف التصعيد الذي تنظمه قيادة الحراك لممارسة المزيد من الضغوط على المجلس العسكري الانتقالي للاستجابة إلى مطالب قوى الحراك الشعبي بمجلس سيادي بأغلبية مدنية ورئاسة دورية.
ومقابل دعوات الإضراب السياسي، شدد نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان دلقو (حميدتي)، أمس الاثنين، على أن قوات الدعم السريع موجودة بدعم من الجيش، وقال إن قوى الحرية والتغيير «لا يريدوننا شركاء بل في موقع شرفي»، لافتاً إلى أنه لن يغلق باب التفاوض، ولكن يجب إشراك الآخرين.
وأكد نائب رئيس الانتقالي السوداني أن قوى الحرية والتغيير تريد تغيير كل الأجهزة بما فيها الدعم السريع والأجهزة الأمنية والمدنية، ووعد بمحاسبة المتورطين في الفساد، مشدداً على أن «الملف في صميم مسؤوليتنا».
وأضاف حميدتي: «لدينا القاعدة الجماهيرية الأكبر في السودان»، مقسماً بأن المجلس العسكري لن يسلم السودان إلا إلى أيادٍ أمينة.
وكان حميدتي وجه بتطبيق لوائح الخدمة، ودعا وكلاء الوزرات القومية المكلفون بتصريف الوزرات، ومديري الوحدات التابعة للوزرات والشركات الحكومية، لإفشال دعوات قوى الحرية والتغيير للإضراب السياسي في كل البلاد.
وشدد التعميم على تطبيق لوائح ونظم الخدمة المدنية في ضبط حضور وانصراف العاملين، ومخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأي مظاهر سالبة، واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وفي موازاة ذلك، سجلت كثير من المؤسسات الحكومية، وقطاع الأعمال الخاص، توقيعاتها على دفتر الحضور الثوري من خلال الفعاليات التنشيطية، تأكيداً على مشاركتها في الإضراب السياسي، حيث نفذ المئات من العاملين في السكك الحديدية بمدن الخرطوم وعطبرة ومدني وكوستي وقفات احتجاجية، رفعوا خلالها لافتات تؤكد جاهزيتهم للإضراب السياسي والعصيان المدني، ويعول كثيراً على قطاع السكك الحديدية في إنجاح الإضراب والعصيان المدني.
وقالت اللجنة التمهيدية للقضاة السودانيين، في بيان، إن واجب المسؤولية الوطنية، وتعبيراً عن دور القضاة في تاريخ السودان، أعلنت الإضراب عن العمل لمدة يومين (الثلاثاء والأربعاء). وينفذ الإضراب داخل المحاكم، وبحضور القضاة إلى مواقعهم، والانصراف منها في المواعيد الرسمية، دون ممارسة أي أعمال قضائية أو إدارية.
وأضافت اللجنة: ينفذ الإضراب في المحاكم التابعة للأجهزة القضائية الثلاثة بولاية الخرطوم كافة، وجميع الأجهزة القضائية بولايات السودان.
فيما قررت السكرتارية التمهيدية لنادي النيابة العامة، بكامل عضويته، الإضراب عن العمل يومي الثلاثاء والأربعاء، وأن يكون الإضراب بالحضور إلى مقر العمل، والامتناع عنه. ولا يشمل الإضراب الحالات الطارئة (أوامر التشريح، والمنتظرين بالحراسات الذين لهم الحق في الإفراج بالضمان). وأكدت أنها قررت أيضاً وضع العصيان المدني قيد الدراسة.
من جهتها، التقت لجنة العلاقات الخارجية لتجمع المهنيين السودانيين بمبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن لبات. وتناول اللقاء تعثر عملية تسليم السلطة للمدنيين في السودان، بحسب القرار السابق من مجلس السلم والأمن والأفريقي، الذي يطالب بسرعة انتقال السلطة للمدنيين، أو تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.
وقال تجمع المهنيين في تصريح صحافي إن اللجنة تطرقت إلى العقبات التي يضعها المجلس العسكري أمام عملية التفاوض، وأشارت إلى القرارات والسياسات التي ينتهجها المجلس العسكري لفرض سلطاته كأمر واقع. ومن جانبه، أكد مبعوث الاتحاد الأفريقي أنه أخذ علماً بملاحظات التجمع، وسيضمنها في تقريره الدوري لمجلس السلم والأمن الأفريقي، وتوافق الطرفان على ضرورة استمرار التواصل بينهما بشكل راتب.
وكانت لجنة تجمع المهنيين السودانيين، في إطار جهودها لعكس رؤيتها للأطراف الدولية والإقليمية، أجرت أول من أمس لقاءين منفصلين مع السفير البريطاني والسعودي المعتمدين لدى السودان.
وطلب وفد تجمع المهنيين، خلال لقائه السفير السعودي علي بن حسن جعفر، دعم المملكة لخيارات الشعب السوداني في إقامة سلطة مدنية انتقالية، وأكد الطرفان بحسب بيان التجمع على ضرورة أن يستمر التعاون بين البلدين.
وفي منحى متصل، ناقش القائم بالأعمال الأميركي بالخرطوم استيفن كوتسيس مع نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، ياسر عرمان، الترتيبات الانتقالية بالبلاد، وإنشاء حكومة مدنية.
وأكد أن الترتيب خلال المرحلة الانتقالية يجب أن يتضمن حواراً شاملاً من أجل السلام، والسماح لجميع الفصائل المستعدة للانضمام بالعودة إلى السودان فوراً دون قيود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».