الجيش الوطني الليبي يخترق دفاعات قوات السراج جنوب طرابلس

جدل حول اتهامات «الإخوان» لحفتر بمحاولة اغتيال سيف الإسلام القذافي

صورة وزعها الجيش الوطني الليبي أمس لتقدم قواته جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش الوطني الليبي أمس لتقدم قواته جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الوطني الليبي يخترق دفاعات قوات السراج جنوب طرابلس

صورة وزعها الجيش الوطني الليبي أمس لتقدم قواته جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
صورة وزعها الجيش الوطني الليبي أمس لتقدم قواته جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

في تطور لافت، أعلن الجيش الوطني الليبي، أمس، أن قواته اخترقت للمرة الأولى الدفاعات المستحكمة للقوات الموالية لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج جنوب العاصمة طرابلس، وسط جدل حول تصريحات قيادي موال لحكومة السراج زعم خلالها أن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش طلب منه اغتيال سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في إحصائية جديدة أمس، عبر بيان لمكتبها في ليبيا، أن عدد القتلى في النزاع المسلح الدائر منذ أسابيع في طرابلس وصل إلى 562 قتيلاً، بينهم 40 مدنياً، و2855 جريحاً، بينهم 106 مدنيين، مشيرة إلى أن حصيلة الضحايا خلال الأسبوع الماضي تضمنت اثنين من موظفي سيارات الإسعاف.
وشنت مقاتلات تابعة للجيش الوطني أيضاً سلسلة غارات جوية على أهداف ومواقع لقوات السراج صباح أمس في جنوب طرابلس وغربها، فيما دخل القتال بين قوات الطرفين أسبوعه الثامن على التوالي.
وبثت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، مساء أول من أمس، عبر صحفتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مشاهد مصورة لما وصفته باللحظات الأولى لاقتحام منطقة الأحياء البرية (قرب مطار طرابلس) ومن ثم السيطرة عليها و«تطهيرها من الحشد الميليشياوي الإرهابي»، في إشارة إلى القوات الموالية لحكومة الوفاق. وقالت إن «هذه الميليشيات فرت أمام بسالة وشجاعة رجال الجيش وهم يلقنون العدو فنون القتال والإقدام»، على حد تعبيرها.
وفي ساعة مبكرة من صباح أمس، اتهم المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني، أحمد معيتيق، نائب السراج، بأنه أصدر أوامر بقطع اتصالات الهواتف النقالة وخدمة الإنترنت عن الجنوب وجنوب طرابلس. ولم يقدم المركز مزيداً من التفاصيل لكنه اعتبر أن هذه هي «بداية النهاية لـ(الإخوان) وأذنابهم».
في المقابل، تحدثت قوات تابعة لحكومة السراج عن رصدها تحركاً لخلايا تنظيم داعش الإرهابي باتجاه منطقة الشويرف جنوب غربي طرابلس، وأعلنت عن حالة استنفار تعيشها المنطقة تحسباً لهجوم مباغت من عناصر التنظيم الإرهابي.
وأعلنت غرفة عملية «بركان الغضب» التي تشنها قوات السراج ضد قوات الجيش الوطني، في بيان مقتضب، عن توجه تعزيزات من كتيبة حطّين التابعة للمنطقة العسكرية الوسطى إلى المواقع المكلفة بها وفقاً لتعليمات قيادة العملية. وكانت قوات المنطقة العسكرية الوسطى بالمحور الجنوبي سبقت هذا التحرك بإعلان أنها مشطت فجر أمس أيضاً محيط منطقة الشويرف، جنوب مدينة غريان، بعد ورود معلومات عن تحرك خلايا تابعة لتنظيم داعش.
وادعت العملية عبر صور فوتوغرافية وزعتها أمس مسؤولية قوات الجيش الوطني عن إصابة مواطنين بمنطقة صلاح الدين بضواحي طرابلس نتيجة سقوط قذائف صاروخية عشوائية، مشيرة إلى أن الطيران التابع للجيش قصف منازل ومزارع المواطنين في منطقة السواني على أطراف العاصمة الليبية. لكن مسؤولاً عسكرياً في الجيش الوطني قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش لم يقصف أي أهداف مدنية واتهم الميليشيات المسلحة بمحاولة تأليب الرأي العام المحلي عليه.
بدورها، زعمت وزارة الداخلية بحكومة السراج مشاركة عناصر إرهابية ضمن قوات الجيش الوطني في الحرب لتحرير طرابلس. وأعلنت الوزارة، في بيان، أنها «تعتزم مخاطبة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي عبر وزارة الخارجية بشأن هذه الوقائع وتقديم البراهين والأدلة التي تثبت تورط القوات المهاجمة في ارتكاب جرائم حرب وانضواء عناصر إرهابية إجرامية في صفوفها».
وقالت إن عناصر الأجهزة الأمنية التابعة لها تمكنت بالفعل من ضبط عدد من المنتمين لتنظيم داعش خلال الشهر الماضي، وبينهم «أمير ديوان الحسبة» بالتنظيم وعنصر آخر من تنظيم «القاعدة»، موضحة أنها رصدت وجود عدد من المجموعات الراديكالية المتطرفة المنتسبة إلى بعض المدارس الدينية المتشددة.
من جانبها، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن «عميق قلقها» من واقعة اختطاف عضو في المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وأيضاً بشأن سلسلة الحوادث الخطيرة التي وقعت في الأيام القليلة الماضية في طرابلس وما حولها. وقالت البعثة إنه يساورها قلق شديد إزاء أنباء عن اختطاف أحد أعضاء المجلس الأعلى للدولة من منطقة قصر بن غشير، وذلك بعد ساعات فقط من اتهام المجلس لقوات الجيش الوطني باختطاف النائب محمد بوغمجة قبل يومين في المنطقة التي تبعد 30 كيلومتراً جنوب العاصمة وتسيطر عليها قوات الجيش.
كما أبدت البعثة انشغالها للغارة الجوية التي استهدفت مجمع «ريكسوس» الفخم في طرابلس، مشيرة إلى أن هذه المنشأة المدنية تقع في منطقة مأهولة بالسكان استخدمها أعضاء مجلس النواب للاجتماعات. واعتبرت البعثة أن «قصف الأهداف المدنية واختطاف المدنيين بما في ذلك الفاعلين السياسيين يبعث برسالة مناهضة للديمقراطية مثيرة للقلق»، مشيرة إلى أنها تعمل مع الأطراف على الأرض للحصول على الأدلة اللازمة لملاحقة جميع من يثبت تورطهم في هذه الانتهاكات وجميع الحوادث الأخرى ضد السكان المدنيين والبنى التحتية المدنية.
ودعت البعثة مجدداً إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين والمختطفين قسراً، ومذكرة جميع أطراف النزاع بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، وصف «حراك ليبيا إلى السلام»، الموالي للنظام السابق، الاتهامات التي وجهها إبراهيم المدني قائد لواء المدني الموالي لحكومة السراج، إلى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، بأنه طلب منه اغتيال سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، بأنها كناية عن كلام مفبرك لا أساس له.
وكان المدني قد زعم في تصريحات تلفزيونية أن قيادة الجيش طلبت منه اغتيال نجل القذافي مقابل حصوله على أي ضمانات ومميزات، بعدما طرح المدني نفسه مبادرة للمصالحة الوطنية. كما زعم أن حفتر سعى إلى إقناع الكتيبة التي كانت تتولى حماية نجل القذافي في محبسه السابق بمدينة الزنتان الجبلية بتسليمه، لكن قائدها رفض.
وكان الرائد محمد حجازي الناطق السابق باسم الجيش الوطني الذي انشق على حفتر مؤخراً، قد زعم أيضاً في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس أن المشير حفتر حاول اغتيال نجل القذافي مرتين، لكنه لم يقدم أي أدلة على ذلك.
لكن «حراك ليبيا إلى السلام» الموالي لنجل القذافي اعتبر في بيان له أن هذه الاتهامات تأتي في إطار ما سماه بعمليات «شراء الذمم» التي تقوم بها جماعة «الإخوان» في ليبيا، معتبراً أنها مجرد محاوله أخرى وفاشلة للجماعة لتشويه قيادة الجيش الوطني. وأوضح أن نجل القذافي سبق له وصف «الإخوان» بـ«الخونة والعملاء»، مشيراً إلى أن «الجماعة المقاتلة» وجماعة «الإخوان» يحملان «حقداً كبيراً» على سيف الإسلام وعائلته.
ودخلت «الحركة الوطنية الشعبية الليبية» على خط الجدل المثار حول هذا الملف، بتصريح على لسان الناطق الرسمي باسمها، اعتبرت فيه أن هذه الاتهامات محاولة «بائسة وخبيثة من قبل التيار (الإخواني) - الميليشياوي لإضعاف الموقف الشعبي الكاسح لقوات الجيش، ومحاولة مكشوفة للالتفاف حول الدعم الجماهيري الذي تحظى به معركة القوات المسلحة ضد حركة الإخوان المسلمين وأتباعهم من الميليشيات المجرمة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.