ترمب: تجارب كيم الصاروخية محاولة للفت الأنظار

التقى عائلات يابانيين مخطوفين لدى بيونغ يانغ

إمبراطور اليابان وزوجته يستقبلان ترمب وميلانيا في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
إمبراطور اليابان وزوجته يستقبلان ترمب وميلانيا في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
TT

ترمب: تجارب كيم الصاروخية محاولة للفت الأنظار

إمبراطور اليابان وزوجته يستقبلان ترمب وميلانيا في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
إمبراطور اليابان وزوجته يستقبلان ترمب وميلانيا في طوكيو أمس (إ.ب.أ)

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجدل، مرة أخرى، حول الأزمة الكورية الشمالية، بعدما عبر عن خلافه علناً مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، حول تجارب بيونغ يانغ الصاروخية.
وفي مؤتمر صحافي، ناقض ترمب، آبي، وتجاهل القلق المرتبط باختبار بيونغ يانغ صواريخ قصيرة المدى. وفيما اعتبر آبي أنها شكلت انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، قال ترمب: «يعتقد البعض أنه ربما شكل انتهاكاً (...) أما أنا فأنظر إلى الأمر على أنه محاولة من شخص للفت الأنظار»، في إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وقال إنه يتحدث «كثيراً» إلى كيم، وإنه يفضل زيادة انفتاح كوريا الشمالية على الاستثمار بدلاً من تكديسها للأسلحة النووية، مؤكداً أنه يرى في الزعيم الكوري الشمالي «رجلاً ذكياً جداً».
في المقابل، أشاد الرجلان بالعلاقات الثنائية الراسخة بين بلديهما، وبصداقتهما الشخصية. وقال آبي: «نظراً للعلاقة الشخصية المقربة للغاية مع دونالد، أصبحت الروابط في التحالف الياباني الأميركي راسخة للغاية، والأقرب في العالم».
واختار رئيس الوزراء، ترمب، ليكون أول زعيم في العالم يلتقي الإمبراطور ناروهيتو، كما أرضى ذوق الرئيس الأميركي في اللحم المطهو بشكل جيد، والتقط صورة «سيلفي» معه في ملعب الغولف، بينما تعهد بشراء 105 مقاتلات من طراز «إف - 35».
ورتّب آبي حضور ترمب في حلبة «السومو» ذات الأهمية الخاصة بالنسبة لليابانيين، حيث قدّم الكأس للفائز في البطولة. وقال الرئيس الأميركي: «قمنا بذلك شخصياً. جلبنا هذه الكأس الرائعة التي سيحتفظون بها، كما آمل لمئات السنين».
وفي أعقاب قمة مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، التقى الرئيس الأميركي، للمرة الثانية، عائلات رعايا يابانيين خطفهم عملاء لبيونغ يانغ في خضم الحرب الباردة. ودائماً ما يدعو شينزو آبي، الذي تكتسب هذه القضية في نظره أهمية كبيرة على صعيد السياسة الداخلية، الرئيس ترمب، للتوسط مع كوريا الشمالية حتى تعيد الناجين إلى اليابان.
وقال ترمب، وقد أحاط به أقرباء اليابانيين المخطوفين، وحمل بعضهم صورهم: «هذه القصص حزينة جداً»، مضيفاً: «يمكنني أن القول لكم إنها مسألة تقلقني كثيراً». وتابع: «وسنعمل معاً من أجل إعادة أقربائكم وأولادكم وأبنائكم وأمهاتكم إلى بلادهم».
وأتاحت جهود الرئيس الأميركي «إحراز تقدم بشكل ملموس في اتجاه حل مسألة المخطوفين»، كما قالت ساكي يوكوتا التي خطفت ابنتها ميغومي مع المجموعة. ودعا كويشيرو إيزوكا، الذي خطفت والدته ياكو تاغوشي عام 1978، ترمب وآبي، إلى «وضع حد لهذا المأزق»، قائلاً: «والدتي منفصلة عن ابنها وأفراد من عائلتها منذ 41 عاماً».
وتشتبه الحكومة اليابانية في أن بيونغ يانغ مسؤولة عن عشرات حوادث الاختفاء في السبعينيات والثمانينيات لتدريب جواسيس على اللغة والعادات اليابانية. واعترفت كوريا الشمالية في 2002 بخطف 13 يابانياً، لكن الحكومة اليابانية تتحدث عن 17 على الأقل. وبعد شهر على هذه الاعترافات، سُمح لخمسة بالعودة إلى اليابان. وتؤكد بيونغ يانغ أن الثمانية الآخرين قد ماتوا، لكنها لم تقدم أدلة على ذلك.
وفي 2004، سلمت كوريا الشمالية، اليابان، بقايا محروقة، قائلة إنها رماد الفتاة ميغومي يوكوتا (13 عاماً) التي خُطفت في 1977، وهي الأصغر من بين 17 حالة تحصيها طوكيو. لكن اليابان قالت آنذاك إن فحوص الحمض النووي تتناقض مع هذا التأكيد.
ويشتبه اليابانيون في أن كوريا الشمالية قد خطفت عشرات من المواطنين الآخرين. وتتحدث الشرطة اليابانية عن 800 حالة اختفاء، ولا تستبعد قيام بيونغ يانغ بخطفهم.
وجاء في تقرير أصدرته الأمم المتحدة في 2014، أن «جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية تطبق منذ 1950، على صعيد سياسة الدولة، وعلى نطاق واسع، سياسة منهجية للخطف ورفض الإعادة إلى الوطن، يليهما الاختفاء القسري للأشخاص من بلدان أخرى».
واعتبر التقرير أن «أكثر من 200 ألف شخص، بينهم أطفال، قد أحضروا من بلدان أجنبية» إلى كوريا الشمالية، «كانوا على الأرجح ضحايا للاختفاء القسري».
وأوضح التقرير أن معظمهم من الكوريين الجنوبيين الذين علقوا في كوريا الشمالية بعد تقسيم البلاد والحرب الكورية 1950 - 1953. وقال التقرير إن مئات آخرين، بينهم نساء من لبنان وتايلاند وماليزيا وسنغافورة ورومانيا وفرنسا، قد خُطفوا أو اختفوا لدى إقامتهم في كوريا الشمالية بين الستينيات والثمانينيات، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي الآونة الأخيرة، خطفت كوريا الشمالية أيضاً عدداً من مواطنيها في كوريا الجنوبية والصين.
وقد جعل شينزو آبي من هذه المسألة أولوية. وأعرب ترمب عن دعمه طوكيو عندما التقى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، عائلات المواطنين المخطوفين، خلال زيارته الأولى لليابان. وبموجب اتفاق أبرم في استوكهولم في مايو (أيار) 2014، بدأت كوريا الشمالية بإعادة التحقيق في جميع عمليات خطف المواطنين اليابانيين، وهذا ما يُعد إنجازاً كبيراً في قضية عرقلت فترة طويلة العلاقات بين طوكيو وبيونغ يانغ.
لكن لم يحصل أي تقدم تقريباً منذ ذلك الحين، على رغم الوفاق واضح المعالم في شبه الجزيرة الكورية، الذي اتسم في 2018 بانطلاق المفاوضات حول برامج بيونغ يانغ النووية والباليستية.
ومنذ فشل قمة هانوي في فبراير (شباط) بين ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، عادت التوترات إلى الظهور. إلا أن ترمب أبدى ميولاً تصالحية حيال بيونغ يانغ لدى وصوله إلى طوكيو، حيث قلل من أهمية تجربتين لصواريخ قصيرة المدى أجرتهما بيونغ يانغ في أوائل مايو، وتحدث عن «احترام كبير» بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.