الصعود الشعبوي يفشل في دك أسوار الاتحاد... وإيطاليا مسرح اختباره الأول

لوبان زعيمة اليمين الفرنسي.
لوبان زعيمة اليمين الفرنسي.
TT

الصعود الشعبوي يفشل في دك أسوار الاتحاد... وإيطاليا مسرح اختباره الأول

لوبان زعيمة اليمين الفرنسي.
لوبان زعيمة اليمين الفرنسي.

الزلزال الذي أحدثه تكريس صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية في الانتخابات الأوروبية أوّل من أمس، لن تكون له التداعيات التي كانت تنشدها هذه القوى في البرلمان الأوروبي، الذي ما زال تحت سيطرة الأحزاب أوروبية التوجّه، رغم التراجع المتوقع للكتلتين المحافظة والتقدمية اللتين تقاسمتا السلطة فيه منذ تأسيسه. وليس وارداً أن تقيم هاتين الكتلتين أي تحالف مع القوى الصاعدة التي خاضت معركتها تحت شعار «دكّ أسوار القلعة الأوروبية من الداخل».
لكن النصر الواضح الذي أحرزته أحزاب اليمين المتطرف في 3 من الدول الأوروبية الكبرى؛ إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، وتكريس سيطرتها في بلدان أخرى مثل المجر وبولندا، لم يعد يترك مجالاً للشك بأن الرياح الجديدة التي تهبّ على المشهد السياسي الأوروبي لن تقف عند أبواب مؤسسات الاتحاد، التي ستكون هدفها المقبل.
المؤشر الأوضح على دخول المشروع الأوروبي هذه المرحلة الجديدة كان الفوز الساحق الذي حققّه حزب الرابطة اليميني المتطرف وزعيمه ماتّيو سالفيني في إيطاليا، مضاعفاً النتيجة التي حصل عليها منذ عام فقط في الانتخابات العامة، ومكرّساً سيطرته على المشهد السياسي في القوة الاقتصادية الثالثة في أوروبا.
34.4 في المائة من الأصوات هي النتيجة التي حصدها سالفيني يوم الأحد الماضي، أي ضعف ما حصلت عليه حركة النجوم الخمس، شريكته في الحكومة التي بات من شبه المؤكد أن تسقط ما لم تقبل الحركة بإعادة توزيع القوى داخلها لمصلحة الرابطة.
وكانت الأحزاب الإيطالية قد خاضت معركة انتخابات البرلمان الأوروبي كجولة ثانية للانتخابات التشريعية التي أجريت منذ عام، وأثمرت حكومة ائتلافية مترنّحة منذ تشكيلها وفي صدام مستمرّ مع الاتحاد الأوروبي. وسيكون من الصعب على حركة النجوم الخمس، في ضوء النتائج التي حصلت عليها الرابطة، عدم التجاوب مع المطالب التي تلح عليها الرابطة بخفض الضرائب وإعطاء الأقاليم صلاحيات أوسع وزيادة حصتها داخل الحكومة. فبعد النجاحات المتعاقبة التي حققتها الرابطة في الانتخابات المحلية، وتوّجها الفوز الواضح في الانتخابات الأوروبية، وتراجع حركة النجوم الخمس من صدارة المشهد السياسي الإيطالي إلى المركز الثالث، أصبح سالفيني يملك الشرعية المعنوية الكافية لفرض شروطه، وإلا ستكون أيام الائتلاف الحاكم معدودة.
لكن النجاحات التي حققتها الرابطة وعزّزت موقف سالفيني أيضاً على الصعيد الأوروبي لم تمكّن تحالفه من الوصول إلى نسبة الثلث التي كان يطمح إليها للتأثير في دوائر القرار الأوروبية، رغم أن الرابطة ستكون ثاني الأحزاب الممثلة في البرلمان الأوروبي بعد الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل.
ويلفت في المسار السريع الذي حمل سالفيني إلى تصدّر الساحة الإيطالية الارتفاع المذهل في شعبيته منذ عام 2014 عندما تزعّم حزب الرابطة، الذي كان مقصوراً وجوده على مقاطعات الشمال التي كان ينادي بانفصالها ويعاني من أزمة داخلية بسبب فضائح فساد مالي طالت مؤسسه وبعض أفراد عائلته. وقد حصلت الرابطة يومها على 6.2 في المائة من الأصوات، ثم على 17 في المائة في انتخابات العام الماضي بعد أن تخلّى الحزب عن طابعه الإقليمي ومطالبه الانفصالية، وخاض الانتخابات مع تحالف يميني بزعامة سيلفيو برلوسكوني. لكن سالفيني فاجأ الجميع عندما فضّل التحالف مع حركة النجوم الخمس لتشكيل حكومة شعبويّة مناهضة للمشروع الأوروبي.
لم يتضّح بعد الاتجاه الذي ستسير فيه تحالفات سالفيني في المرحلة المقبلة. وليس مستبعداً، في ضوء التراجع المضطرد لحزب برلوسكوني الذي ما زال يصرّ على تشكيل تحالف حكومي يميني، أن يحافظ زعيم الرابطة على ائتلافه مع حركة النجوم الخمس التي خسرت نصف شعبيتها في أقل من سنة، لكن بعد تغيير معادلة توزيع الحقائب داخل الحكومة لصالحه.
ومن الأسباب التي أدت إلى تراجع النجوم الخمس تدنّي نسبة المشاركة في أقاليم الجنوب التي تشكّل الخزّان الانتخابي للحركة، والدور المهيمن الذي مارسه سالفيني داخل الحكومة، حيث نجح دائماً في فرض مشاريعه وأفكاره، فضلاً عن استمرار الركود الاقتصادي رغم الإجراءات الكثيرة التي اعتمدتها الحكومة لتنشيط النمو، والتي كانت عماد البرنامج الانتخابي للحركة.
وما يزيد في خطورة التراجع الذي أصاب حركة النجوم الخمس صعود الحزب الديمقراطي إلى المرتبة الثانية بعد أن تجاوزها، علماً أن هزيمته في انتخابات العام الماضي كانت أساساً بسبب هجرة ناخبيه إلى الحركة.
في غضون ذلك، عاد برلوسكوني ليطرح مشروعه من أجل تشكيل حكومة يمينية تقوم على تحالف كالذي خاضت فيه أحزاب اليمين كثيراً من الانتخابات المحلية وفازت فيها، بينما لم يعد مستبعداً إحياء التحالف الذي كان المفضّل لدى رئيس الجمهورية سرجيو ماتريلا العام الماضي ورفضته قيادة الحزب الديمقراطي، فاتحة بذلك الباب أمام الائتلاف الحالي بين النجوم الخمس والرابطة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.