خطة إعادة النازحين السوريين في لبنان تنتظر الانتهاء من الموازنة

انتقادات للتسرع في ظل غياب مصالحة تحميهم وتضمن إعادة البناء

اندلع أمس حريق في خيمة للنازحين في منطقة الفرزل في البقاع وأعلن عن وفاة رضيع (الشرق الأوسط)
اندلع أمس حريق في خيمة للنازحين في منطقة الفرزل في البقاع وأعلن عن وفاة رضيع (الشرق الأوسط)
TT

خطة إعادة النازحين السوريين في لبنان تنتظر الانتهاء من الموازنة

اندلع أمس حريق في خيمة للنازحين في منطقة الفرزل في البقاع وأعلن عن وفاة رضيع (الشرق الأوسط)
اندلع أمس حريق في خيمة للنازحين في منطقة الفرزل في البقاع وأعلن عن وفاة رضيع (الشرق الأوسط)

«لم أشعر أني لاجئة وغريبة إلا عندما سقطت القلعة»، تقول اللاجئة السورية أم عدنان لـ«الشرق الأوسط»، وهي تتابع أخبار سقوط بلدتها قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي الشرقي.
بذلك تختصر أم عدنان نموذج انعدام الأمل بإمكانية العودة لأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، لأن بلدتها شهدت تهجيراً جماعياً مطلع الشهر الحالي، بعد قصف روسي متواصل منذ ثلاثة أشهر ودخول الجيش النظامي السوري إليها.
وتقول: «بيتي وبيوت كل أهالي القلعة، لا ينفع فيها الترميم. سرقوا كل شيء، وما وجدوه قديماً ومستهلكاً أحرقوه. حتى المجلى كسروه. البيوت تحتاج إعادة بناء. الله يهدئ الوضع، فنعود ونجلس تحت السما. الخوف أن لا يعطونا أرضنا لنزرعها ونستثمر منها ونعيش. ومن يجري المصالحة مع النظام ليبقى في القلعة يضعونه في بوز (فوهة) المدفع بعد إرغامه على الالتحاق بالخدمة العسكرية».

خطة العودة برضا الحكومة

واقع أم عدنان يتناقض مع الكلام اللبناني الرسمي عن العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم. وتتكتم أوساط وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين صالح الغريب عن عمل الوزارة لإزالة هذا التناقض، وتكتفي بتأكيد أن خطة العودة تسير بجدية، مع حرص على سحب الموضوع من التداول حتى إنجازها. في المقابل توضح مصادر معنية بخطة الوزارة لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطة ستكون شاملة وأساسية وقوامها العودة الآمنة والكريمة لهؤلاء. وستطرح في مجلس الوزراء فور الانتهاء من الموازنة، ومن المتوقع أن تحظى برضا غالبية الوزراء، انطلاقاً من أن مصلحة لبنان فوق كل اعتبار. ومقاربة الملف لا تتم بشكل سياسي، بالتالي أي حديث عن التطبيع مع القيادة السورية ليس من الاهتمامات الحالية للوزارة. الأولويات الإنسانية لها الغلبة، وهي تسير في المسار الصحيح، كما أن الوزارة تتعاون بشكل يومي مع الإدارات المدنية والأمنية التي تهتم باللاجئين في لبنان».
إلا أن مدير الأبحاث في مركز عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركيّة الدكتور ناصر ياسين يقول لـ«الشرق الأوسط» بأن «الكلام عن العودة بشكله الحالي لا يتجاوز الشعبوية، أكثر مما هو فعلاً للعودة. فلا مصالحة حقيقية في سوريا تحمي الناس من الاضطهاد ولا دعم لأي عملية إعمار ولا تمويل للاقتصاد. وحصول المصالحة التي تضمن العودة الآمنة تستدعي تنازل النظام، الأمر الذي لا أفق له في المدى المنظور».
وتشير دراسة للأمم المتحدة إلى أن لبنان احتل المرتبة الأولى عالميا بعدد النازحين الموجودين على أراضيه. ومقابل كل ألف مواطن لبناني هناك 164 نازحا. لذا تقول مصادر الوزارة بأن «لبنان لم يعد يتحمل وزر اللجوء السوري. وكلفة عودة اللاجئين وإقامتهم أينما كان في بلادهم تبقى أقل مما هي عليه في لبنان حالياً». وترى المصادر أنه «لا بد من الخطة التي بدأت مع زيارة الغريب إلى دمشق ولقائه وزير الإدارة والبيئة السوري حسين مخلوف، وهي لا تزال تتواصل بكل جدية كي تؤمن للعائدين الظروف الإنسانية وأسس الحياة الكريمة بما يفوق ما يمكن لهم الحصول عليه في لبنان. ومن كان يسكن في مناطق أصبحت آمنة ستتم مساعدته ليستقر حيث كان قبل النزوح. أما من تستحيل عودته إلى منطقته بسبب التهجير الجماعي، ـ كما في مناطق القصير والغوطة وقلعة المضيق والقلمون وغيرها، فسيتم تأمين مناطق بديلة له في الداخل السوري».

الهاجس الأمني و«الهاتف النظيف»

عن الخطة المحتملة لوزارة شؤون اللاجئين يقول ياسين: «المسألة تحتاج إلى تمويل. ويتم الحديث عن إيواء في المدارس لأبناء مناطق التهجير الجماعي، في حين أن 30 في المائة من المدارس أما متضررة أو تستخدم حالياً لإيواء النازحين. ربما قد يتم إعادة أعداد قليلة بمشهدية إعلامية للتغني بالإنجازات، لكن الأكثرية لن تعود في ظل هذه الظروف».
والحديث إلى بعض أهالي قلعة المضيق اللاجئين في إحدى قرى قضاء عاليه، يكرس الهواجس. أحدهم يحدثك عن حرصه على «الهاتف النظيف»، أي محو أي اتصال أو صورة لرجل ملتحٍ تحتفظ بها ذاكرة الهاتف ويمكن أن يشكلا سببا للاعتقال.
ويضيف: «لم يحصل شيء في القلعة. كل الأمور بخير». فهو يعتقد أن رقابة النظام موجودة في لبنان من خلال حلفائه. لذا يفضل الصمت ولا يتجول أبعد من محيط المبنى الذي يعمل ناطوراً فيه.
ويؤكد ياسين أن «الموضوع الأمني يخيف السوريين، لا سيما أن بعض من يساقون للتحقيق يختفون. كما أن على العائدين إلزامية الخدمة العسكرية، من 17 إلى 50 حتى لو كانوا خدموا قبل ذلك، وحتى لو كانوا مناصرين للنظام السوري أو لا يتعاطون السياسة. كما أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 35 في المائة من المنازل أما مهدمة أو متضررة».
ويلاحظ ياسين أن «هناك عملية ضاغطة وغير منطقية، مقابل ظروف غير مواتية للعودة. فالجهات المختصة في لبنان تلجأ إلى إجراءات ضاغطة لدفع السوريين إلى العودة مهما كانت الظروف، كإخلاء أبنية يسكنونها وإقفال محال تجارية لهم في بعض المناطق، والتشديد على إزالة أي بناء إسمنتي كما حصل في عرسال، وجرف مخيماتهم قرب مجرى نهر الليطاني بحجة تلويثه في حين ترمي المصانع نفاياتها الملوثة في النهر وتسبب السرطان».
ويوضح ياسين أن «73 في المائة من السوريين إقامتهم غير شرعية. أما إجازات العمل، فتجدر الإشارة إلى أن معاهدة الصداقة والأخوة اللبنانية - السورية نصت على حصول العامل السوري على إجازة عمل فورية، وليس اتباع الإجراءات التي تطبق على العمالة الأجنبية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.