مشاركة ضعيفة في انتخابات بلدية جزئية بتونس

TT

مشاركة ضعيفة في انتخابات بلدية جزئية بتونس

شهدت الانتخابات المحلية الجزئية التي نظمت في منطقة سوق الجديد التابعة لمحافظة سيدي بوزيد (وسط تونس)، خلال اليومين الماضيين، مشاركة ضعيفة، الأمر الذي عزز المخاوف من عزوف الناخبين قبل أشهر من الاقتراعين الرئاسي والبرلماني المقررين في الربع الأخير من العام الحالي.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تسجيل نسبة مشاركة في حدود 13.41 في المائة في صفوف العسكريين والأمنيين في الانتخابات التي جرت بمنطقة سوق الجديد، وأكدت أن 35 ناخباً فقط شاركوا من العسكريين والأمنيين في الاقتراع من بين 261 ناخباً مسجلاً.
وفي انتظار استكمال اقتراع المدنيين المشاركين في العملية الانتخابية، قال بوجمعة المشي رئيس الهيئة الفرعية للانتخابات في سيدي بوزيد، إن العملية تمت بسلاسة فيما يتعلق بمشاركة العسكريين والأمنيين الذين تم تخصيص مركز اقتراع وحيد لهم وأدوا واجبهم الانتخابي يوم السبت، أما المدنيون فقد خصص لهم 30 مركز اقتراع على أن يدلوا بأصواتهم بعد يوم (الأحد) من تصويت العسكريين والأمنيين.
وبلغ عدد القوائم الانتخابية المترشحة للمنافسة على المقاعد البلدية 10 بينها 3 قوائم حزبية تقدمت من خلالها حركة النهضة وحركة تحيا تونس وحزب التيار الديمقراطي المعارض بمرشحيها، كما ترشحت 7 قوائم انتخابية مستقلة.
ومن المتوقع أن تكون المنافسة على أشدها بين حركة النهضة وحركة تحيا تونس. ورأى متابعون للعملية أن الانتخابات البلدية الجزئية ستمثل أول اختبار انتخابي حقيقي بين الطرفين في غياب حركة نداء تونس التي فازت في انتخابات 2014 وتحالفت إثر الإعلان عن النتائج مع حركة النهضة.
ويقدر عدد الناخبين في بلدية سوق الجديد بنحو 13361، موزعين على 30 مركز اقتراع، يتنافسون على 18 مقعدا بلديا. وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية التي جرت في السادس من مايو (أيار) 2018 بالبلدية نفسها في حدود 42 في المائة أي بمشاركة 5555 ناخباً، وهي نسبة من الصعب بلوغها خلال هذه الانتخابات الجزئية.
وبشأن تواتر الانتخابات البلدية الجزئية قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في الربع الأخير من السنة الحالية، قال نبيل بافون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن الهيئة تتابع الاستقالات الجماعية التي شهدتها بلديات تونسية عدة في الوقت نفسه، وأشار إلى استقالة نحو 70 مجلساً بلدياً من مجموع 350 مجلساً منتخباً قبل نحو سنة. واعتبر أن تعدد الانتخابات البلدية ستكون نتيجته «إرهاق هيئة الانتخابات وتشتيت جهودها» قبل أقل من خمسة أشهر عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة في تونس.
على صعيد متصل، أكد سليم العزابي الأمين العام لحزب «حركة تحيا تونس» الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أن حركة النهضة، الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم، تعد «المنافس المباشر والطبيعي» لحزبه. وأشار في اجتماع ضم قيادات من «حركة تحيا تونس»، إلى أن الحزبين لا يشتركان في المشروع المجتمعي ولا في المنطلقات ولا في الأهداف، واستدرك ليشير إلى أن الاتفاق الحاصل حالياً بين حركة تحيا تونس وحركة النهضة، يقتصر على إتمام انتخاب الهيئات الدستورية والحفاظ على الاستقرار الحكومي قبل فترة قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. من ناحية أخرى، دعا شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في مسامرة رمضانية عقدها اتحاد الشغل (نقابة العمال) ليلة السبت في مدينة سوس (وسط شرقي تونس)، إلى ضرورة اعتماد معيار النزاهة والموقف الشخصي والجماعي من ظاهرة الفساد، أهم معيار يقاس على أساسه المترشحون للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأن ينتخب التونسيون من يسعى إلى مكافحة مظاهر الفساد والثراء غير المشروع، ولا يدعموا بأي شكل من الأشكال المخالفين للقانون، ويمنحونهم أصواتا تمكنهم من دخول الهيئات الدستورية المنتخبة. وشدد على ضرورة إضفاء مزيد من النجاعة على الرقابة، خاصة فيما يتعلق بتمويل الحملات الانتخابية، وإلى توضيح مصادر تمويل تلك الحملات الانتخابية. ودعا إلى تشديد العقوبات على المخالفين وضد كل طرف سياسي يثبت تلقيه تمويلات أجنبية، على حد قوله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.