دراسة تكشف تعامل الأمعاء مع الطعام على مراحل

عند دخول الطعام إلى الأمعاء، يبدأ في رحلة طويلة كان الاعتقاد السائد أن الظروف المحيطة بها واحدة، ولكن الأبحاث الجديدة التي أجراها فريق بحثي من جامعة روكفلر الأميركية أظهر أن الأمعاء تتكون من شرائح، حيث يتم في الأجزاء الأولى منها امتصاص المواد الغذائية مع وجود دفاعات أقل قوة تجاه مسببات الأمراض التي توجد بها، ثم تحدث في الأجزاء الموجودة بالطرف البعيد منها «فلترة» لما تم إدخاله، ليتولد عنها استجابات مناعية أكثر قوه للقضاء على مسببات الأمراض.
وخلال الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر»، أدخل الفريق البحثي بعض مسببات الأمراض مثل بكتريا السالمونيلا على الغذاء المقدم لفئران التجارب، ثم فحصوا ما يحدث في الأمعاء، فوجدوا أن الغدد الليمفاوية التي تنظم الاستجابات المناعية يتباين نشاطها من موقع لآخر، حيث تكون أكثر قوة في الأجزاء العميقة من الأمعاء.
ويقول د.دانيل موسيدا من مختبر علم المناعة بجامعة روكفلر ورئيس الفريق البحثي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 23 مايو (أيار) الجاري: «هذه النتيجة التي توصلنا لها تكشف عن وجود استجابات مناعية مفصولة في الأمعاء حسب الموقع، حيث تكون الأجزاء الأولى مسؤولة عن امتصاص معظم العناصر الغذائية، ولذلك لا يحدث تدخل مناعي كبير، ثم يقوم النظام المناعي بتركيز قوته في الأجزاء الأعمق للتخلص من مسببات الأمراض دون التدخل في تناول الطعام».
ويؤكد موسيدا أن هذه الاختلافات المناعية بين شرائح الأمعاء، يمكن أن تفيد في عدد من الأغراض العلاجية، بما في ذلك علاج اضطرابات الجهاز الهضمي.
ويضيف: «على سبيل المثال يمكن تصميم العقاقير المناعية لاستهداف الجزء الذي سيكون له التأثير الأكبر في مقاومة الأمراض، وقد يفيد ذلك في تخفيف الآثار الجانبية للأدوية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتحسن نتائج العمليات الجراحية التي تزيل جزءاً من الأمعاء إذا أخذ في الاعتبار الاختلافات بين الأجزاء المختلفة منها». وإلى جانب كل ذلك، فإن الفائدة الأكبر من هذا الاكتشاف قد تكون في إنتاج لقاحات عن طريق الفم بدلاً من تلك التي تعطى عن طريق الحقن.
ويقول موسيدا: «جهود تصنيع اللقاحات عن طريق الفم تعثرت بسبب صعوبة توليد استجابة مناعية قوية تؤدي إلى إنشاء ذاكرة مناعية قوية في الجسم تجاه المسببات المرضية لتجهيزه لمواجهة أي هجوم محتمل، وقد تكون الاستجابة المناعية الخافتة في بداية الأمعاء جزءاً من سبب كون اللقاحات الفموية أقل فعالية».
وانطلاقاً من ذلك، يشير موسيدا إلى أن «استهداف المنطقة الصحيحة من القناة الهضمية، قد يساعد في إنتاج لقاحات تعطى عن طريق الفم».