الجيش الليبي يحرز تقدماً في «كافة المحاور»... وحفتر يستعد لزيارة موسكو

الناطق باسم مجلس النواب: قصف الفندق مجرد تمثيلية نفذتها الميليشيات

TT

الجيش الليبي يحرز تقدماً في «كافة المحاور»... وحفتر يستعد لزيارة موسكو

يستعد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، للقيام بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو خلال الأيام المقبلة، وسط تكهنات بأنه تلقى دعوة أخرى لزيارة العاصمة الأميركية واشنطن من الرئيس دونالد ترمب. وفي غضون ذلك أعلنت قوات الجيش الوطني، أمس، تحقيق تقدم ميداني مهم ضد قوات حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج في معارك العاصمة طرابلس.
ووسط معارك عنيفة جرت أمس على تخوم طرابلس الجنوبية، قالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني» في ساعة مبكرة من صباح أمس، إن وحدات الجيش «حققت تقدما بخطى ثابتة في جميع محاور القتال بالعاصمة»، خاصة في محور طريق مطار طرابلس الدولي، موضحة أن قوات الجيش «كبّدت العدو العديد من الخسائر، ما أجبرهم على الفرار وترك مواقعهم، وما زال التقدم مستمرا».
في المقابل ظهر الفريق محمد الشريف، رئيس الأركان العامة للقوات الموالية لحكومة السراج، للمرة الأولى وهو يتفقد بعض المحاور في جبهة القتال حول طرابلس، حيث قال بيان حكومي إنه التقى بالقوات المرابطة في هذه المواقع من منتسبي الجيش والقوات المساندة، وحثهم على الاستعداد للمرحلة التالية من معركة الدفاع عن العاصمة، ودحر القوات المعتدية.
في غضون ذلك، راجت معلومات غير رسمية عن احتمال قيام المشير حفتر بزيارة إلى واشنطن لعقد أول لقاء مباشر ورسمي مع ترمب. وبينما لم يصدر أي تعليق رسمي من الإدارة الأميركية، التزم مكتب حفتر الصمت.
وكان السفير الأميركي لدى ليبيا بيتر بودي، الذي أعلن انتهاء فترة عمله هناك، قد لفت في بيان نشره الموقع الإلكتروني الرسمي للسفارة الأميركية، أول من أمس، إلى أن «القتال المستمر في طرابلس يدمّر البنية التحتية المدنية الأساسية، ويعرّض للخطر جهود مكافحة الإرهاب بين الولايات المتحدة وليبيا، ويشكل مصدر قلق كبير، ويعرّض حياة المدنيين الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال للخطر».
وفي أولى ردود الأفعال على قصف فندق ريكسوس وسط طرابلس أول من أمس، اعتبر عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، أن قصف الفندق «مجرد تمثيلية نفذتها الميليشيات المسلحة، التي اعتادت على القيام بأعمال ومحاولات مماثلة لإيهام الرأي العام والمجتمع الدولي بأن الجيش الوطني قام بهذا العمل»، لافتا إلى أن قيادة الجيش الوطني نفت أن تكون استهدفت أي مقار أو مؤسسات مدنية، وأن الضربات الجوية التي ينفذها الجيش دقيقة، وذلك بشهادة وزراء السراج وأمراء الميليشيات أنفسهم، حسب تعبيره.
وأضاف بليحق في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المقر الرسمي لمجلس النواب «يوجد بمدينة طبرق، وأي جلسات تتم بدون دعوة من رئاسة المجلس وخارج مقره الرسمي باطلة وغير دستورية ولا قانونية». مضيفا أن «اجتماعات طرابلس يعقدها نحو 25 نائبا، أغلبهم من المقاطعين للمجلس منذ حرب (فجر ليبيا)، التي قام بها الإخوان المسلمون في إطار انقلابهم على نتائج انتخابات مجلس النواب، وهؤلاء النواب لم يؤدوا اليمين القانونية، وكل ما يقومون به باطل وغير قانوني ولا دستوري ولا قيمة له».
وكان بليحق يعلق بهذه التصريحات على تعرض مجمع يضم فندقا في وسط طرابلس، يجتمع فيه نواب مؤيدون للسراج لقصف تسبب في أضرار مادية، لكن بدون تسجيل خسائر بشرية.
ويتركز القتال أساسا في الضواحي الجنوبية، لكن الصواريخ أصابت فندق ريكسوس الفاخر القريب من وسط المدينة، ونفى «الجيش الوطني» مسؤوليته عن القصف، واتهم في المقابل الميلشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج بالقيام به.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.