جدل في مصر بعد حصول منصة «Watch it» على الحقوق الرقمية لـ«تراث ماسبيرو»

خبيرة إعلامية اعتبرت البروتوكول خطوة لمواجهة سرقة المحتوى

واجهة منصة «watch it» المصرية (الصفحة الرسمية للتطبيق)
واجهة منصة «watch it» المصرية (الصفحة الرسمية للتطبيق)
TT

جدل في مصر بعد حصول منصة «Watch it» على الحقوق الرقمية لـ«تراث ماسبيرو»

واجهة منصة «watch it» المصرية (الصفحة الرسمية للتطبيق)
واجهة منصة «watch it» المصرية (الصفحة الرسمية للتطبيق)

وقعت الهيئة الوطنية للإعلام المصرية (اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقاً) بروتوكولا مع «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، المالكة لأكبر 4 شبكات تلفزيونية في مصر، من أجل الحصول على الحقوق الرقمية لما تم إنتاجه سابقاً أو حالياً من التلفزيون المصري (ماسبيرو).
وبموجب البروتوكول، يصبح محتوى ما ينتجه التلفزيون المصري حصرياً على المنصة الرقمية الجديدة المملوكة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، واسمها «watch it»، التي أطلقتها الشركة منذ نحو 3 أسابيع.
ووفقاً للبروتوكول، فإن مكتبة التلفزيون المصري، التي تضم التراث الذي قدمه التلفزيون سابقاً، من أعمال درامية وإذاعية نادرة، سوف تكون متاحة حصرياً عبر التطبيق، الأمر الذي أثار جدلاً بين محبي هذا التراث عبر منصات التواصل الاجتماعي منذ أمس (الجمعة)، إذ اعتبر عدد من التعليقات أن التراث من حق المصريين، ولا يجوز احتكاره، في الوقت الذي عد فيه البيان المشترك بين الاتحاد والشركة أن البروتوكول يهدف للحفاظ على التراث المصري.
واعتبر حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أن البروتوكول هو «جزء من مسؤوليتنا نحو حماية حقوق المحتوى الإعلامي المصري. كما أننا نقدم المحتوى باستخدام تقنيات حديثة تناسب تغير طرق تلقي المحتوى عالمياً، وتعظم عوائده»، وفقاً لما نقله بيان لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، عبر الصفحة الرسمية للتطبيق على موقع «فيسبوك».
وقال تامر مرسى، رئيس مجلس إدارة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، إن شركات إنتاج المحتوى العالمية أو القنوات المتخصصة في مختلف المجالات اتجهت عالمياً إلى حماية حقوق الملكية الفكري للمحتوى، من خلال منصات رقمية وبصورة حصرية.
ومن بين الانتقادات، كتب الشاعر المصري أيمن بهجت قمر، ابن المؤلف الراحل بهجت قمر، أنه سيتخذ الإجراءات القانونية كافة تجاه الحقوق الرقمية الحصرية لأعمال والده.
https://twitter.com/AymanBahgatamar/status/1132076190506860545
وأوضحت الإعلامية المذيعة المصرية بثينة كامل، في تغريدة عبر «تويتر»، أن البروتوكول لا يخص فقط تراث ماسبيرو، بل يشمل أيضاً محتوى القناة الأولى الرسمية، ونشرتي أخبار السادسة والتاسعة مساءً.
ومن جانبه، اعتبر الصحافي المصري سيد محمود أن ما حدث «استغلال، وليس استثمار».
وفي السياق ذاته، قالت ليلى عبد المجيد، العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطوة من شأنها الحفاظ على تراث التلفزيون المصري ممن يعرضوه بشكل غير قانوني، ويقومون بسرقته وعرضه عبر موقع «يوتيوب»، ويحصلون على مقابل مادي نظير ذلك، مضيفة أن توقيع البروتوكول من شأنه أن يساعد على مواجهة «فوضى سرقة أرشيف التلفزيون المصري».
وتابعت عبد المجيد: «المئات يسرقون محتوى التلفزيون المصري، سواء بالتسجيل أو حتى بفساد في فترات سابقة... وينشرونه ويتكسبون منه. أشخاص ودول يسطون على محتوى (الأبيض والأسود)»، في إشارة للتراث.
وعن توجه بعض من أبناء الفنانين إلى القضاء بشأن العرض الرقمي الحصري لما أنتجه آباؤهم، قالت عبد المجيد إنه من المهم مراجعة التنازلات الخاصة بتلك الأعمال الفنية، خصوصاً أنه وفق العقود تكون الشركة المنتجة هي المالكة للتراث، وليس أبناؤهم.
وأطلقت منصة «watch it» مع بداية شهر رمضان، لتتيح للمستخدم مشاهدة الأعمال ومتابعتها من خلال المنصة، وبصورة حصرية، بمقابل مادي بلغت قيمته 99 جنيهاً مصرياً (الدولار الأميركي يعادل 17 جنيه مصري) شهرياً، أو 555 جنيهاً مصرياً تدفع كل 6 أشهر، أو 999 جنيهاً تدفع كل عام. وواجهت المنصة انتقادات عبر مواقع التواصل في بداية انطلاقها نظير اعتياد عدد كبير من الجمهور على مشاهدة مسلسلات رمضان مجاناً على «يوتيوب»، بعد عرضها على التلفزيون دون الحاجة لدفع أموال. بعدها، أعلنت الشركة المالكة للمنصة إتاحة المسلسلات مجاناً لمدة 7 أيام، وهو ما أثار انتقادات أيضاً.
وعبّر متابعون عن مخاوفهم من إغلاق قناة «ماسبيرو زمان»، التي أطلقها اتحاد الإذاعة والتلفزيون قبل سنوات لإذاعة تراث التلفزيون المصري القديم بالأبيض والأسود، من أفلام ومسلسلات وسهرات وأغانٍ بشكل مجاني، ولاقت إقبالاً من الجمهور منذ انطلاقها، ولم يكشف بيان البروتوكول عن مصير القناة، فيما توقعت عبد المجيد أن القناة ستسمر، ومن غير المحتمل إغلاقها، كما أن البروتوكول يستهدف العرض الرقمي فحسب.
ولم توضح الهيئة الوطنية للإعلام أو «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» تفاصيل البروتوكول، مثل المقابل المادي لحقوق العرض الحصري على المنصة، وهو ما أثاره متابعون عبر «تويتر»، فيما رفض آخرون «احتكار التراث»، وفق رأيهم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.