رحيل شيخ المناضلين السودانيين علي محمود حسنين

عارض كل الأنظمة الديكتاتورية وتمنى أن يحضر زوال نظام البشير

محمولا على الأكتاف لدى وصوله إلى الخرطوم من منفاه في 17 أبريل
محمولا على الأكتاف لدى وصوله إلى الخرطوم من منفاه في 17 أبريل
TT

رحيل شيخ المناضلين السودانيين علي محمود حسنين

محمولا على الأكتاف لدى وصوله إلى الخرطوم من منفاه في 17 أبريل
محمولا على الأكتاف لدى وصوله إلى الخرطوم من منفاه في 17 أبريل

في موكب مهيب، شيع آلاف السودانيين، القطب «الاتحادي»، علي محمود حسنين، الذي قضى جل سنوات عمره مكافحاً ضد الأنظمة الشمولية والديكتاتوريات العسكرية التي تعاقبت على حكم السودان، منذ استقلاله في 1956، بعد أن حقق آخر أمانيه بأن يطيل الله أيامه ليشهد سقوط «نظام الجبهة الإسلامية» بزعامة عمر البشير.
ولد الراحل حسنين في عام 1938 بمنطقة أرقو شمال السودان، وفيها تلقى تعليمه الأولي، ومنها إلى مدرسة وادي سيدنا الشهيرة، ومن ثم انتقل إلى جامعة الخرطوم ليدرس في كلية الحقوق، ومنها تلقى دراسات عليا في القانون بالولايات المتحدة الأميركية.
انضم علي محمود حسنين في وقت باكر إلى حركة «الإخوان المسلمين»، ثم تخلى عنها، وانضم إلى الحركة «الاتحادية» في عام 1963. وعقب انتفاضة أبريل (نيسان) 1985 التي أطاحت نظام الرئيس الراحل جعفر نميري، كون حسنين «الحزب الوطني الاتحادي»، وانتخب رئيساً للحزب.
اعتقل حسنين عدة مرات في نظام مايو (أيار) العسكري 1969 - 1985، وتجاوزت فترة اعتقاله سبع سنوات، وكان من قادة العمل السياسي لـ«الجبهة الوطنية» التي نفذت عملية عسكرية داخل الخرطوم في عام 1976 بهدف الإطاحة بنظام النميري، واعتقل حينها حسنين، وحوكم في محكمة عسكرية بالإعدام، قبل تخفيف الحكم وإطلاق سراحه بعد المصالحة الوطنية الشهيرة في 1977.
كان الراحل من أوائل الذين رفضوا انقلاب «الجبهة الإسلامية» في يونيو (حزيران) 1989، ونشطوا في مقاومتها من الداخل، والعمل على إسقاطها عبر العمل السلمي الجماهيري.
عقب اتفاقية السلام السودانية «نيفاشا» 2005، التي شارك بموجبها «التجمع الوطني الديمقراطي» المعارض في البرلمان مع حكومة البشير، اختير حسنين عضواً في البرلمان، لكنه استقال قبل أن يكمل عاماً، وكانت له مساهمات قيمة في التعديلات التي أجريت على وثيقة الحقوق في الدستور الانتقالي.
أُجبر «شيخ المناضلين»، كما يناديه أشقاؤه في «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، على مغادرة البلاد في عام 2009، يقول حسنين: «تلقيت تهديداً مباشراً من مدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق محمد عطا المولى، الذي أخبرني أن الرئيس المخلوع عمر البشير أمره بقتلي إن لم ألتزم الصمت»، ويضيف: «لم يكن أمامي خيار سوى العيش مرغماً في المنافي خوفاً على أسرتي».
تنقل حسنين بين القاهرة ولندن، وأسس تنظيم «الجبهة الوطنية العريضة المعارضة»، وكان يدعو لإسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية، ويرفض أي حوار معه، وكان لا يمل دائماً من ترديد مقولته الشهيرة أن الشعب السوداني سينتفض يوماً ليطيح بالحكام الطغاة كما يحدث كل مرة.
فور عودته إلى البلاد في السابع عشر من أبريل الماضي، بعد غياب 10 سنوات، انخرط حسنين مباشرة في الحراك الثوري، وتقدم بمعية عدد من كبار المحامين بفتح بلاغات جنائية ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، وكل من شارك وتورط في الانقلاب على النظام الديمقراطي في 1989، وهي تهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري وتصل عقوبتها الإعدام، وسببت هذه الخطوة إزعاجاً كبيراً وسط رموز النظام السابق والأحزاب الموالية له.
وعرف حسنين السياسي والقانوني الضليع، بموقفه المساند لقرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على الرئيس المخلوع عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية؛ الأمر الذي عرضه للاعتقال عدة مرات من قبل الأجهزة الأمنية قبل رحيله من البلاد.
آخر بيان أصدره حسنين، الثلاثاء الماضي، كان حول تطورات الأوضاع في البلاد، أكد فيه على مطالب ثورة الشعب السوداني، في إزالة نظام «الإنقاذ»، وتصفية مؤسساته ومحاسبة رموزه، على كل الجرائم، بدءاً من القيام بالانقلاب نفسه، ومن ثم ممارسات النظام حتى لحظة سقوط رئيسه.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.