الجزائر: «مليونيات الجمعة» تطالب قائد الجيش بـ«رفع يده عن حراك الكرامة»

رفعت شعار «يا بن صالح أنت رايح رايح... فخذ معك قايد صالح»

جانب من «المليونية» الغاضبة التي اجتاحت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من «المليونية» الغاضبة التي اجتاحت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: «مليونيات الجمعة» تطالب قائد الجيش بـ«رفع يده عن حراك الكرامة»

جانب من «المليونية» الغاضبة التي اجتاحت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من «المليونية» الغاضبة التي اجتاحت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

«دولة مدنية لا عسكرية»...
كان هذا هو الشعار الأبرز أمس في جل المظاهرات التي عاشتها مدن الجزائر، والذي تم التركيز عليه بقوة كرسالة موجهة أساسا لقائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي نفذت قوات الأمن أوامره بـ«تأطير الحراك»، وذلك باعتقال العشرات من رموزه لمنعهم من التأثير على الحشود.
ودان المحامي والحقوقي المعروف نور الدين أحمين، في تصريحات لصحافيين أثناء المظاهرات بالعاصمة، «القمع البوليسي» المتبع ضد المتظاهرين، بقوله «لقد أشادت السلطة مرات عديدة بسلمية المسيرات وتحضر المحتجين، وها هي تتنكر اليوم لموقفها بقمع المتظاهرين المسالمين». وكان أحمين محاطا بمحامين ونشطاء.
ومنذ الساعات الأولى لصباح أمس، لوحظ انتشار غير عادي لرجال الأمن في محيط البريد المركزي. وكان لافتا على تصرفاتهم أنهم تلقوا تعليمات «فوقية» بالتشدد مع المتظاهرين، إن أظهروا تصميما على الوقوف بساحة البريد المركزي، التي أحاطتها قوات الأمن من كل جانب. وقد تعرض أول شخص حاول «مقاومة» الإجراءات الأمنية المشددة، فورا للاعتقال.
وبمرور الوقت ساقت قوات الأمن عددا كبير من المتظاهرين إلى مراكز الأمن بهدف تحييدهم لغاية انتهاء المظاهرات في المساء. وهذه الطريقة يجري اتباعها بشكل خاص مع القيادي الإسلامي علي بن حاج منذ بداية الحراك في 22 من فبراير (شباط) الماضي. فعندما يخرج من بيته متوجها إلى ساحات التظاهر، يجد رجال أمن بزي مدني أمامه يأخذونه في سيارتهم إلى غابة بالضاحية الغربية للعاصمة، أو إلى الملعب الأولمبي، حيث يتركونه يقضي اليوم كاملا تحت أعينهم، ثم يعيدونه إلى بيته. وتخشى السلطات كثيرا من احتكاك الناس ببن حاج، إلى درجة أنها منعته من حضور جنازة عباسي مدني، رفيقه في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة.
ورفع المتظاهرون أمس شعارات جديدة في «جمعة الحراك الـ«14»، من بينها «لا تخافوا لن نسمح بدولة عسكرية... حافظوا على سلمية الحراك»، «يا بن صالح أنت رايح رايح (مغادرا الحكم لا محالة) فخذ معك قايد صالح»، وهي شعارات تعبر عن مواقف حادة ضد رئيس أركان الجيش، الذي بات غير راض على الحراك الذي يهاجمه، وقد عبر عن ذلك بشكل قوي الاثنين الماضي، عندما قال عن نشطاء الحراك إنهم «يتحركون بأوامر العصابة».
ولم تثن الاعتقالات المتظاهرين عن التوافد على الساحات العاصمة بالعاصمة، حيث ازداد عددهم بشكل كبير بعد صلاة الجمعة. وتعالت الصيحات ضد قائد الجيش، مطالبة إياه بـ«رفع يده عن حراك الكرامة»، والتخلي عن الحل الدستوري، الذي يعني بقاء رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي في الحكم. وفي بداية المساء كبرت المظاهرة، ولم يعد بإمكان قوات الأمن أن تواجهها، من دون الإفراط في استعمال القوة.
وبدا واضحا أمس أن الشرخ بات عميقا بين المؤسسة العسكرية وملايين المتظاهرين. فبعد أن كان الجيش «فوق الرؤوس» عقب إجباره الرئيس بوتفليقة على التنحي في الثاني من الشهر الماضي، حلت الريبة والتوجس محل الثقة وعبارات الود المتبادلة بيم الطرفين، والتي تم التعبير عنها في وقت سابق في خطب قايد صالح، وفي هتافات المتظاهرين. ويخشى مراقبون أن تتطور «الخصومة» بينهما إلى خروج أفراد الجيش إلى الشوارع، وإن كان قايد صالح تعهد بأنه «لن يدخل أبدا في مواجهة مع الشعب، الذي كان عونا وسندا لجيش التحرير أيام الصراع مع الاستعمار الفرنسي».
ويرى مراقبون أن كل تصرفات وتصريحات رئيس أركان الجيش، وتعامله مع الحراك ومطالبه، باتت تؤكد أن كل مؤسسات الدولة أضحت تحت سيطرته: رئيس الدولة ورئيس الوزراء والقضاء، وجهاز الشرطة والولاة التابعين للحكومة في 48 ولاية. أما البرلمان فهو مشلول بسبب استقالات جماعية للنواب تضامنا مع الحراك.
وبعكس العاصمة، كان موقف قوات الأمن أقل صرامة مع «مليونيات الجمعة»، كما كانت الشعارات ضد صالح في باقي الولايات أقل حدة نسبيا، ما عدا ولايات القبائل (شرق) التي لم تهادنه، حيث طالبه المتظاهرون بالتقاعد بحجة أنه تجاوز سن التقاعد (عمره 79 سنة)، كما طالبوه بـ«احترام الدستور الذي يحرم السياسة على الجيش».
وفي سياق ذي صلة، تنتهي منتصف ليلة اليوم (السبت) آجال إيداع ملفات الترشح للرئاسة بالمجلس الدستوري، تحسبا لانتخاب الرابع من يوليو (تموز) المقبل. وقالت وزارة الداخلية أن 74 شخصا سحبوا استمارات إعلان نية الترشح، أبرزهم رئيس حزب «جبهة المستقبل» عبد العزيز بلعيد، ورئيس «التحالف الوطني الجمهوري» بلقاسم ساحلي. أما أهم قادة أحزاب المعارضة، وحتى الموالية للسلطة، فهم عازفون عن الموعد، الذي يتمسك به الجيش. لكن يبدو عمليا أن تنظيمه شبه مستحيل.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.