رئيس مجلس القضاء الأعلى: أزمة الاعتكاف ستنتهي قريباً

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن القضاء اللبناني بخير ولن تحصل استقالات

القاضي جان فهد
القاضي جان فهد
TT

رئيس مجلس القضاء الأعلى: أزمة الاعتكاف ستنتهي قريباً

القاضي جان فهد
القاضي جان فهد

طمأن رئيس مجلس القضاء الأعلى في لبنان القاضي جان فهد، إلى أن «القضاء اللبناني بخير، ولا خوف على العدالة بسبب اعتكاف بعض القضاة لأسباب تتعلّق بالحفاظ على استقلالهم المادي وتحصين استقرارهم المعنوي والمادي». وشدد على «تمسّك مجلس القضاء باستقلالية السلطة القضائية وعدم التفريط بها، وعلى المحافظة على الأمن الاجتماعي للقضاة»، مؤكداً أنه «لن تكون هناك أسباب مقلقة يمكن أن تدفع القضاة إلى تقديم استقالات فردية أو جماعية، ونحن مستعدون لمواجهة الأسباب التي تعيق أداء القضاة لمهامهم القضائية بحرية وصفاء ذهن، والتي تشكل سبباً يدفع بعضهم إلى الاستقالة».
وفي مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» لتوضيح أسباب الأزمة التي يمرّ بها القضاء حالياً بفعل اعتكاف جزء كبير من القضاة عن ممارسة مهامهم، وأفق هذه الأزمة بسبب البنود التي تتضمنها الموازنة والتي تقتطع جزءاً من واردات صندوق تعاضد القضاة، أعلن القاضي فهد أن «الإشكالية التي كانت قائمة في الموازنة جرت تسويتها، والأمور تسير بشكل إيجابي، ولا أزمة قائمة بين السلطة السياسية والقضاء». وأوضح أن «القضاة المعتكفين ينتظرون إقرار الحكومة لمشروع الموازنة بصيغتها النهائية، وهم سيعلّقون اعتكافهم قريباً وربما خلال الساعات المقبلة، ونحن اطّلعنا على مشروع الموازنة من وزير العدل والأمور إيجابية».
ولم يخفِ رئيس مجلس القضاء الأعلى مساهمة السلطة القضائية بجزء من إيرادات الخزينة، وقال: «سمعنا من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كلاماً مقنعاً بأن الوضع المالي والاقتصادي صعب، وهذا يفرض على كلّ إدارات الدولة أن تضحّي وتسهم بإنقاذ البلد، كلّ قطاع حسب قدرته»، مشيراً إلى أن «القضاء هو جزء من هذه الدولة وسيسهم على قدر استطاعته، لكننا معنيون بتثبيت الأمن الاجتماعي للقضاة عبر حفظ موارد صندوق التعاضد الخاص بهم»، مدلياً بأنه «جرى اقتطاع نسبة 5% من أصل 30% من حصة صندوق التعاضد في عائدات غرامات أحكام السير».
وبدأت المخاوف تتراجع حيال تهديد مكتسبات القضاة عند إقرار كلّ موازنة، بما يضرب استقلالية القضاء، وأعطى القاضي فهد المبررات التي تبدد هذه الهواجس، وقال إن «قانون الموازنة العامة يتضمن نفقات جميع السلطات بدءاً من رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي ورئاسة الحكومة وكلّ الوزارات، وهذا الحال ينطبق على القضاء». وأشار إلى أن «رواتب القضاة المالية ومستحقاتهم يجب أن تدخل ضمن الموازنة العامة، فمن حقّ المواطن اللبناني وهو المكلّف بتسديد الضريبة، أن يعرف كيف تقوم الدولة بتوزيع النفقات بين مختلف سلطاتها، وأن يعرف النسبة التي تخصصها الدولة للقضاء وهي حالياً نحو 0.4%».
أما بشأن، ما يثيره القضاة عن غياب الضمانات التي تكرّس استقلالية السلطة القضائية قولاً وفعلاً، فقد كشف القاضي جان فهد أن مجلس القضاء «أنشأ لجنة من كبار القضاة لصياغة اقتراح قانون جديد يؤمّن استقلالية السلطة القضائية، بما يحصّن القاضي ضد تأثير التدخلات السياسية، ويوفّر الضمانات اللازمة التي تمكّن مجلس القضاء الأعلى من إجراء التشكيلات والمناقلات القضائية، دون أن تكون للسلطة السياسية قدرة على تعطيلها».
ولا يبدو أن الطرح الذي يقدمه القضاة المعتكفون لكفّ يد السلطة السياسية عن تعيين رئيس مجلس القضاء وأغلبية أعضاء المجلس، وبعض المراكز القضائية الأساسية مثل مركز النائب العام التمييزي والتفتيش القضائي، وأن يجري انتخابهم من قبل القضاة، يلاقي موافقة القاضي فهد «فهذا الأمر غير معتمد في أي دولة عربية أو أجنبية لأن القاضي غير منتخب من الشعب». ورأى أن «كل سلطة يجب أن تراقب عمل السلطات الأخرى لمنعها من التعسف في استعمال صلاحياتها». وأعطى مثالاً افتراضياً على ذلك، قائلاً: «في حال اتخذ مجلس القضاء الأعلى المنتخب من القضاة، قرارات لا تصب في مصلحة حسن سير العدالة كما يريدها ويراها المواطن، ولم تكن هناك إمكانية لأي سلطة لمحاسبته، نصبح أمام (حكم القضاة) وليس أمام سلطة تمارس مفهوم العدالة وترسّخ حكم القانون». غير أن القاضي فهد يرى «ضرورة زيادة عدد أعضاء مجلس القضاء الأعلى المنتخبين، بما لا يقلّ عن نصف الأعضاء بدل عضوين من أصل عشرة، وضرورة تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي المتعلقة بالتشكيلات القضائية».
وحظي تلويح القضاة المعتكفين باستقالات جماعية بمتابعة من قبل المراجع القضائية وحتى السياسية، وبدا أن الكلّ حريص على عدم وصول الأمور إلى هذا الخيار أو مجرّد التفكير فيه، وجزم القاضي جان فهد بأنه «لا أسباب جوهرية تبرر الاستقالات الجماعية». وأكد أن «كلّ قاضٍ يشكّل بالنسبة إلى مجلس القضاء والدولة قيمة قانونية كبيرة وضمانة للنظام القضائي ولحقوق الناس، عدا عن الكلفة المالية التي تتكبّدها الدولة من أجل اختياره، وبالتالي فإن الدولة لن تفرّط بأي قاضٍ». وسأل: «هل من مخاطر جدية تدفع القضاة إلى الاستقالة؟». وأجاب: «هذه الأسباب غير متوافرة ولن نسمح بخلق أرضية تدفع أي قاضٍ إلى سلوك درب الاستقالة». وأضاف: «قد يستقيل القاضي عندما يشعر بأنه لم يعد قادراً على ممارسة دوره وإصدار قراراته وأحكامه باستقلالية، وبالتالي فهو لن يستقيل من أجل مسائل مادية غير مؤثرة على أمنه الاجتماعي».
وعمّا إذا كانت الموازنة تهدد بالفعل التقديمات الاجتماعية للقضاة مثل المنح التعليمية والتغطية الصحية، أوضح رئيس مجلس القضاء الأعلى أن «هذه المنح والتغطية الصحية، يؤمّنها صندوق تعاضد القضاة الذي لديه استقلالية تامة، والحكومة تؤكد دائماً حرصها على الضمانات التي يوفرها الصندوق، وبالتالي لا خوف على الصندوق وما يقدمه من ضمانات للقضاة وعائلاتهم».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».