وزارة الخارجية الإسرائيلية على شفا الإفلاس

الأزمة انعكست على «وكالة المساعدات الخارجية» ونشاطات أخرى

القائم بأعمال وزارة الخارجية الإسرائيلية بالوكالة يسرائيل كاتز وزير المواصلات مع نتنياهو في اجتماع أخير لمجلس الوزراء (أ.ف.ب)
القائم بأعمال وزارة الخارجية الإسرائيلية بالوكالة يسرائيل كاتز وزير المواصلات مع نتنياهو في اجتماع أخير لمجلس الوزراء (أ.ف.ب)
TT

وزارة الخارجية الإسرائيلية على شفا الإفلاس

القائم بأعمال وزارة الخارجية الإسرائيلية بالوكالة يسرائيل كاتز وزير المواصلات مع نتنياهو في اجتماع أخير لمجلس الوزراء (أ.ف.ب)
القائم بأعمال وزارة الخارجية الإسرائيلية بالوكالة يسرائيل كاتز وزير المواصلات مع نتنياهو في اجتماع أخير لمجلس الوزراء (أ.ف.ب)

بعد أن يئسوا من الشكوى أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والقائم بأعمال وزير الخارجية يسرائيل كاتس، فجّر كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية معركة بواسطة الإعلام للمطالبة بحل الأزمة المالية الشديدة التي تواجه عملهم، وأعلنوا أن هذه الأزمة تتسبب في شلل نشاطهم الدبلوماسي.
وقال أحد كبار المسؤولين في الوزارة، إن العجز في ميزانية الوزارة وصل إلى 400 مليون شيكل (120 مليون دولار)، في أعقاب تقليصها بموجب قرار حكومي، بداية العام الماضي. وأكد أن النشاط السياسي للوزارة متوقف بالكامل تقريباً، وإنه يتم إلغاء الكثير من الخطط بسبب عدم وجود ميزانية. وقدم مثلاً لمدى شح الميزانيات بالقول إن الوزارة تنازلت عن قرارها شراء قطعة أرض لصالح السفارة الإسرائيلية في القاهرة، لأنها غير قادرة على تمويل تذكرة طائرة للمسؤولة عن المقتنيات في الوزارة. وكشف أن «وكالة المساعدات الخارجية» في الوزارة (ماشوف)، التي تنشط منذ سنوات الخمسينات من القرن الماضي في مجال تطوير علاقات إسرائيل مع الدول النامية، لم تنفّذ أي نشاط منذ مطلع العام الجاري. كما أنه لا يتم تنظيم دورات تعليم وتثقيف جديدة، ولا يتم استقدام وفود إلى البلاد. وهناك حظر شامل للسفريات التي لا تتخذ طابع الإلحاح الشديد.
وأكد مسؤول آخر في إحدى الدوائر، أن سفراء وقناصل ودبلوماسيين إسرائيليين لا يشاركون في مؤتمرات ولقاءات بسبب عدم توفر ميزانيات لسفرهم.
وحسب مصادر أخرى، فقد تم إلغاء حوارات سياسية مع عدة دول بسبب الأزمة المالية للوزارة، وفي بعض الأحيان تسدد الدول المضيفة ثمن تذاكر الطيران للإسرائيليين من أجل إجراء اللقاءات. وتوقف تنظيم استقبال وفود صحافية في إسرائيل وكذلك وفود صناع القرار وتم إلغاء حملات دعائية إسرائيلية، بسبب نقص الميزانيات.
وكشف أحد كبار المسؤولين في الوزارة، أنه في إحدى الحالات وافقت دولة في أميركا اللاتينية على فتح سفارة كاملة في القدس، إذا تمت مساعدتها في تمويل الانتقال من تل أبيب، لكن المشروع لم يخرج إلى حيّز التنفيذ لأن الوزارة لم تكن قادرة على تلبية مطلب تلك الدولة.
وأضاف أن هذه الأزمة تترك أثرها أيضاً في الاتجاه المعاكس، حيث إن «دولاً في العالم تطلب أن نفتح ممثليات لنا عندها، لكننا نعتذر، بل إننا نضطر إلى إغلاق ممثليات لنا قائمة. وحتى السفارات التي تواصل العمل، تقوم بذلك رغم وجود نقص في الميزانيات والقوى العاملة. وهذا أمر لا يحدث في أي وزارة خارجية في العالم. الوزارة تنهار». وحذر: «الأضرار هائلة، سنشعر بثمنها بعد عدة سنوات فقط». يشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لم يعيّن وزيراً للخارجية خلال ولاية حكومته المنتهية، أي منذ عام 2015 وشغل هو شخصياً هذا المنصب وسط انتقادات ضده، خصوصاً أنه يتولى حقائب وزارية أخرى. واضطر بقرار من المحكمة إلى تعيين وزير المواصلات والمخابرات كاتس، قائماً بأعمال وزير فيها. وقال موظف في وزارة الخارجية إن «هذه الوزارة بحاجة إلى وزير لديه قوة سياسية كي يجلب الميزانيات. وإذا لم يُعيّن لها وزير بوظيفة كاملة فإنه لن يجلب ميزانية، وإذا استمر الوضع الحالي فإنه لن يكون هناك ما يمكن فعله».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.