التشخيص المبكر لحالات التوحد

طريقة تتبع تراجع النمو نجحت في تشخيص حالات 65 % من الأطفال المصابين

التشخيص المبكر لحالات التوحد
TT

التشخيص المبكر لحالات التوحد

التشخيص المبكر لحالات التوحد

من المعروف أن مرض التوحد autism يعتبر من الأمراض التي تؤثر على التفاعل الاجتماعي للطفل مع الآخرين.
وكلما كان التشخيص مبكرا زادت فرص التدخل المبكر وتعليم الطفل مهارات التواصل الاجتماعي الأساسية، وذلك حسب أحدث الدراسات التي قام بها باحثون أميركيون من مركز أبحاث التوحد في مستشفى فيلادفيا، تم عرضها في شهر مايو (أيار) من العام الجاري في المؤتمر السنوي للجمعية الدولية لأبحاث التوحد International Society for Autism Research والذي عقد في مونتريال في كندا.

تشخيص مبكر
ناقشت الدراسة إمكانية التشخيص المبكر عن طريق اختبارات النمو والتي لا تتيح مجرد التعرف على الحالات المريضة بالفعل فقط، ولكن ترصد أيضا الأطفال الذين لديهم معدلات خطورة للإصابة بالتوحد خاصة كلما تم المسح على الأطفال بشكل متكرر أكثر في الفئة العمرية من 12 وحتى 18 شهرا.
اعتمدت الدراسة على بيانات تتبع الأطفال الذين تأخر نموهم ولو بشكل طفيف عن أقرانهم فيما عرف باسم تباطؤ النمو developmental deceleration حيث وجد الباحثون أن نسبة تبلغ 20 في المائة من هؤلاء الأطفال في الأغلب كان يتم تشخيصهم لاحقا بالتوحد وهي نسبة كبيرة بالطبع إذا ما تمت مقارنتها بنسبة حدوثه في الأطفال العاديين 2 في المائة فقط. وأوضح الباحثون أنه رغم العديد من الدراسات السابقة التي ربطت تأخر النمو بزيادة احتمالية الإصابة بالتوحد إلا أن تلك الدراسات تم إجراؤها على أطفال لديهم معامل خطورة بالفعل سواء لأسباب جينية أو عوامل أخرى. وكان هدف الدراسة الحالية معرفة إذا كان المسح المبكر لجميع الأطفال يمكن أن يخبر باحتمالية الإصابة من عدمه.
وقام الباحثون في هذه الدراسة بتتبع 32 ألف طفل من الذين خضعوا للمسح المعتاد للنمو تبعا لتوصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في عمر 9 و18 شهر ومرة أخرى عند بلوغ العامين أو 30 شهرا. واكتشف الباحثون أن الأطفال يسلكون مسارا من عدة مسارات مختلفة للنمو تبلغ 6 مسارات (بمعنى أن هناك نماذج مختلفة للنمو يمكن الحكم عليها لمعرفة إذا كان الطفل يتقدم في النمو الإدراكي والحركي والاجتماعي). ولذلك يمكن للطفل أن يكون طبيعيا تبعا لقياس معين وأن يكون غير طبيعي أو يعاني من تراجع في النمو تبعا لمقياس آخر، وهو الأمر الذي يجب التعامل معه بشكل مبكر ومحاولة علاجه؟ وأوضحوا أن ما يقرب من 90 في المائة من الأطفال يسلكون نموذج نمو طبيعي بينما 10 في المائة يسلكون مسارا متراجعا في النمو.

رصد تراجع النمو
أشار الباحثون إلى أن بعض الأطفال الذين يسلكون نموذجا متراجعا كانت لديهم مهارات تنموية قوية بالفعل عندما كانوا في عمر 9 شهور لكنها لم تستمر بالمقارنة بالأقران الطبيعيين. ومع الوقت يستمر التراجع وتتسع الفجوة بينهم وبين الأطفال من نفس فئتهم العمرية. ومن هنا تأتي أهمية الدراسة الجديدة في إمكانية رصد التراجع حتى في الأطفال الذين يسلكون نماذج طبيعية في البداية ومعرفة التوقيت الذي يبدأ فيه التراجع على وجه التحديد ومحاولة علاجه بشكل عاجل حتى لا تتفاقم الحالة مع تقدم العمر، خاصة أن المسح الذي يتم على الأطفال للكشف عن احتماليات الإصابة بالتوحد في الأغلب يكون في العاشرة من العمر أو ما بعدها. وحينما تمت المتابعة مبكرا أظهرت تراجعا في قدرات التواصل والقدرات الحركية وهو ما يمهد لاحقا للإصابة بالتوحد.
أوضحت النتائج أن طريقة تتبع تراجع النمو بشكل مبكر كانت قادرة على تشخيص 65 في المائة من الأطفال الذين أصيبوا لاحقا بالتوحد في مقابل 50 في المائة فقط بالطرق العادية لرصد التوحد والتي يتم العمل بها في سن متأخرة نسبيا. وأضاف الباحثون أنه بدمج كلتا الطريقتين أمكن الوصول إلى نسبة 75 في المائة من الأطفال الذين يمكن أن يصابوا لاحقا بالتوحد. وأكدت أن الأطباء يجب أن يحتفظوا بالبيانات التي يتم تجميعها على النمو الطبيعي للأطفال بداية من عمر 9 شهور وألا ينتظروا لسن متأخرة لعمل مسح للتوحد ونصحت الأطباء بضرورة الاعتماد على علامات تراجع النمو كمؤشر خطورة ويمكن اللجوء إلى عمل أشعات على المخ ودراسة الجينات لمعرفة المزيد من المعلومات عن الحالة وتأكيد التشخيص ومن ثم التدخل المبكر والعلاج السلوكي والنفسي والطبي.
نصح الباحثون الآباء بضرورة ملاحظة العلامات الأولى البسيطة على أطفالهم في عمر مبكر جدا مثل تكرار حركة معينة وبالطبع يجب على الآباء عدم الاعتماد على أنفسهم في تقييم أعراض التوحد المبكرة والحكم بإصابة الطفل من عدمه تبعا لعلامات النمو فقط. وعلى سبيل المثال فإن التأخر في الحديث ربما يكون علامة على احتمالية الإصابة لاحقا بالمرض والعكس تماما، بمعنى أن بعض الأطفال الذين يعانون من تراجع بعض القدرات ومنها الحديث في بداية حياتهم ربما يحدث لهم لاحقا ما يسمى طبيا بالتعويض في النمو catch up phenomenon ويماثلون أقرانهم تماما بل ربما يتفوقون عليهم ولذلك يحتاج الأمر إلى الخضوع لتقييم علمي لا يمكن تحديده إلى من قبل الطبيب. وأوضح الباحثون أن نتائج التدخل المبكر في الأطفال الصغار تكون مبشرة جدا وتؤهل الطفل إلى الانخراط في حياة طبيعية من خلال العلاج السلوكي خاصة قبل بداية دخول المدرسة والتي يمكن أن تمثل نوعا من الضغط الاجتماعي والنفسي على الطفل وبذلك تحافظ على الطفل من الصدمات النفسية وتوفر عليه فترة طويلة من الفشل الاجتماعي والدراسي.
- استشاري طب الأطفال



لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

أحياناً، لا يستطيع بعضنا النوم، رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد؛ وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا، وفقاً لما توصلت إليه دراسة جديدة.

وكل ليلة، ومع غروب الشمس، تبدأ بعض ميكروبات الأمعاء، المعروفة بميكروبات الليل، التكاثر والازدهار، بينما تموت ميكروبات أخرى، وتتغير المواد الكيميائية التي تفرزها هذه الميكروبات أيضاً، مما يسهم في النعاس، وفق ما نقله موقع «سايكولوجي توداي» عن مؤلفي الدراسة الجديدة.

ويصل بعض هذه المواد الكيميائية إلى منطقة تحت المهاد، وهي جزء من دماغك يساعدك على البقاء هادئاً في أوقات التوتر.

وقال الباحثون في الدراسة الجديدة: «من المدهش أن الميكروبات التي تحكم أمعاءك لها إيقاعات يومية، فهي تنتظر الإفطار بفارغ الصبر في الصباح، وفي الليل تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة، لذا فإن تناول وجبة خفيفة، في وقت متأخر من الليل، يؤثر إيجاباً بشكل عميق على ميكروبات الأمعاء لديك، ومن ثم على نومك ومدى شعورك بالتوتر».

وأضافوا أن عدم التفات الشخص لما يأكله في نهاية يومه ربما يؤثر بالسلب على نومه، حتى وإن كان يشعر بالتعب الشديد.

كما أن هذا الأمر يزيد من شعوره بالتوتر، وهذا الشعور يؤثر سلباً أيضاً على النوم.

ولفت الفريق، التابع لجامعة كوليدج كورك، إلى أنه توصّل لهذه النتائج بعد إجراء اختبارات على عدد من الفئران لدراسة تأثير الميكروبيوم على الإجهاد والإيقاعات اليومية لديهم.

وقد حددوا بكتيريا واحدة على وجه الخصوص؛ وهي «L. reuteri»، والتي يبدو أنها تهدئ الأمعاء وتؤثر إيجاباً على الإيقاعات اليومية والنوم.

ويقول الباحثون إن دراستهم تقدم «دليلاً دامغاً على أن ميكروبات الأمعاء لها تأثير عميق على التوتر وجودة النوم».

ونصح الباحثون بعدم تناول الأطعمة والمشروبات السكرية ليلاً، أو الوجبات السريعة، وتلك المليئة بالدهون، واستبدال الأطعمة الخفيفة والمليئة بالألياف، بها.