الحراك السوداني يستعد لإعلان الإضراب العام بعد تعثر المفاوضات

الأطباء والصيادلة والمهندسون وموظفو البنوك سيشاركون... وتجمع النيابة العامة يدرس

فنانون سودانيون يرسمون لوحات جدارية في ميدان الاعتصام في الخرطوم (رويترز)
فنانون سودانيون يرسمون لوحات جدارية في ميدان الاعتصام في الخرطوم (رويترز)
TT

الحراك السوداني يستعد لإعلان الإضراب العام بعد تعثر المفاوضات

فنانون سودانيون يرسمون لوحات جدارية في ميدان الاعتصام في الخرطوم (رويترز)
فنانون سودانيون يرسمون لوحات جدارية في ميدان الاعتصام في الخرطوم (رويترز)

يستعد تحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير» الذي يقود حراك الشارع في السودان، لإعلان «الإضراب السياسي العام»، بعد أن تعثرت مفاوضاته مع المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، ورفضه قبول إدارة مدنية لمجلس السيادة الانتقالي.
ودعا «تجمع المهنيين السودانيين» حلفاءه في التنظيمات المهنية والعمالية والحرفية والقوى السياسية والاجتماعية للتسجيل في «دفتر الحراك الثوري»، معلنا بذلك الدخول في فصل جديد من التصعيد والمواجهة مع المجلس العسكري الانتقالي، على خلفية فشل آخر جولة من جولات التفاوض بينه وبين المجلس العسكري الانتقالي بسبب أزمة مجلس السيادة.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يمثل «رأس الرمح» في تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان أمس، إنه سيواصل الحراك السلمي، بتنظيم إضرابات ووقفات احتجاجية للعاملين بالقطاعات المهنية والخدمية والفئوية وتسيير المواكب إلى ساحات الاعتصام بالخرطوم والولايات، تمهيداً لـ«ساعة الصفر» التي سيعلن فيها «الإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل» في البلاد. وشدد التجمع في البيان على عدم التنازل عن مطالب الشعب السوداني، ومبادئ إعلان الحرية والتغيير، وأهداف الثورة في هياكل السلطة الانتقالية بما فيها المجلس السيادي بأغلبية مدنية.
من جهتها، سارعت لجنة أطباء السودان المركزية، وهي واحدة من أوعية التجمع الفاعلة، بالاستجابة لندائه، وأعلنت الاستمرار في إضراب الأطباء عن العمل، وقالت في بيان: «الأطباء على أهبة الاستعداد لتنفيذ كل أشكال الإضراب، والتفرغ تماماً للعيادات الميدانية لمعالجة الجرحى والمصابين، وتحويل المرضى للعلاج في عيادات مؤقتة خارج مستشفيات وزارة الصحة».
وفي الوقت نفسه، نفذ العشرات من العاملين في مؤسسات حكومية وعامة وشركات خاصة، وأساتذة جامعة الخرطوم، وقفات احتجاجية تطالب بحكومة مدنية.
وأعلنت السكرتارية التمهيدية لنادي أعضاء النيابة العامة، وضع الإضراب الشامل عن العمل قيد الدراسة، وشددت على استقلال النيابة العامة، ما يعد تطوراً جديداً في مجال الاحتجاجات السودانية.
كما أعلنت لجنة صيادلة السودان تدوين اسمها في دفتر الحضور الثوري، ودعت أعضاءها في القطاعات الصيدلية برفع التمام وتسجيل الحضور في دفتر الثورة السلمية والاستعداد للإضراب السياسي الشامل والعصيان المدني العام، بانتظار ساعة الصفر.
وأبدت مبادرة استعادة نقابة المهندسين السودانيين، استجابتها لنداء تجمع المهنيين، وسارعت إلى التوقيع في دفتر الحضور الثوري من أجل العصيان المدني وأعلنت تنظيم وقفات احتجاجية وإضرابات جزئية تمهيدا للإضراب العام.
وظلت ساحة الاعتصام في حالة متابعة لصيقة للمفاوضات الماراثونية بين العسكري وقوى الحراك طوال اليومين الماضيين، ويرفض المعتصمون فيها التفريط في مطلب الحكومة المدنية، و«لو استدعى الأمر أن تكون الثورة أبدية كما ظلوا يرددون في هتافاتهم».
وأعلن موظفو بنوك «النيل، الزراعي، السوداني الفرنسي» وعدد آخر من البنوك وفروع البنوك السودانية، الاستجابة لنداء تجمع المهنيين السودانيين، ونظموا وقفات احتجاجية تمهيدية.
وأثناء ذلك نظم العشرات من موظفي شركة «زين السودان» كبرى شركات الاتصالات في السودان وقفة احتجاجية تمهيدية للإضراب العام، وانضم لهم عمال شركة (إم تي إن) للاتصالات، وشركة «هواوي» وعدد آخر من شركات الاتصال.
ورفع عمال شركة «بترو إنرجي» للطاقة، وشركة سكر النيل الأبيض لافتات أعلنوا فيها «توقيع دفتر الحضور الثوري»، ولحق بهم مهندسو وعمال المساحة العاملون في وزارة التخطيط الاجتماعي.
وفي ميدان الاعتصام، قال أحمد علي، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 22 عاما، إنه جاء إلى ساحة القيادة العامة في السادس من أبريل (نيسان) الماضي، ليطالب بإسقاط نظام المخلوع عمر البشير، وتابع: «بعده أسقطنا عوض بن عوف، والآن نخوض معركتنا الحاسمة مع المجلس العسكري الانتقالي، ولن تنتهي إلاّ بتسليمه السلطة للمدنيين»، وأضاف: «لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الاعتصام؛ ولكن سنظل معتصمين حتى يستجيب المجلس العسكري لكل مطالب الثورة».
وأشار الطالب علي إلى التضحيات التي قدمت من قبل الثوار، وقال: «فقدنا في هذا الاعتصام كثيرا من الشباب، فقد واجهوا الرصاص بصدورهم العارية، ودافعوا بأرواحهم عن المتاريس حتى لا يفض الاعتصام، وقبل أن نأتي بحقوقهم كاملة لا معنى لأي اتفاق، لن نفض الاعتصام إلاّ بإرادتنا».
وعشية فشل الطرفين في الوصول لتوافق على مجلس السيادة، عادت أجواء التصعيد إلى ساحة الاعتصام، وأعلن المعتصمون ما سموه «حالة الاستعداد والتأهب، تحسبا لأي أحداث»، لا سيما محاولة الاثنين والأربعاء الماضيين لفض الاعتصام بالقوة، ونتج عنها مقتل وجرح العشرات.
ولا تعد الحكومة المدنية هي المطلب الوحيد للمعتصمين، فعقب كل فشل لجولة مفاوضات، ترتفع الهتافات المنادية بالقصاص ومحاكمة رموز النظام السابق على ما ارتكبوه من جرائم.
يقول هشام علي سعيد 33 سنة، مهندس حاسوب: «مطلبنا الأول المتفق عليه أن تتشكل الحكومة المدنية وتباشر مهام الحكم، ولو لم يتحقق هذا المطلب فلن يفكر أحد أن يبرح ساحة الاعتصام»، ويضيف: «على المستوى الشخصي، ما لم تكن الحكومة الجديدة جديرة بالثقة وتثبت ذلك بياناً بالعمل، فسأظل باقيا في ساحة الاعتصام».
ويتابع: «لن تنال الحكومة ثقة المعتصمين، قبل أن تحاسب كل الذين تورطوا في اغتيال الشهداء والجرحى منذ بدأت المظاهرات في ديسمبر الماضي، إذا تجاهلت الحكومة الانتقالية هذه المطالب، فستجد معارضة من الشباب الذين لن يفارقوا ساحة الاعتصام».
من جهتها، تشدد قوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك الشعبي، على مواصلة الاعتصام وتدعيمه بأشكال أخرى من الاحتجاج السلمي، وصعدت موقفها إلى الدعوة للإضراب العام، إثر فشل جولة أول من أمس من التفاوض، وتهدف بذلك لنقل السلطة من العسكريين إلى المدنيين.
أما عطا المنان عبد الله 63 عاما، ويعمل سائق سيارات نقل؛ فهو يرى أن الاعتصام سيتواصل ولن يفض حتى بعد إعلان قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري عن الحكومة المدنية، ويتابع: «سيظل الناس معتصمين حتى يضمنوا أن الحكومة الجديدة الممثلة في قوى الحرية تسلمت السلطة تماما، وإذا حققت بعض المطالب مثل محاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين والمصابين، فحينها يمكن أن نفض الاعتصام ونذهب إلى منازلنا ولكن سنواصل في مراقبة الحكومة الجديدة».
تقول تسنيم بلال البالغة من العمر 22 عاما، وهي خريجة جامعية وعاطلة عن العمل؛ إنها تطالب الحكومة المدنية أن تكون أول أجنداتها القبض على ومحاكمة «من قتلوا إخواننا المتظاهرين، ولو غضت النظر عن هذه القضية فإنها ستترك انطباعاً سيئاً في ساحة الاعتصام»، وتواصل: «السودانيون ينتظرون ذلك اليوم الذي يحاسب قادة الإنقاذ على ما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب السوداني».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)