بوادر أزمة بين بغداد وأربيل بسبب «النفط مقابل الرواتب»

أول تهديد من عبد المهدي بقطع المستحقات

TT

بوادر أزمة بين بغداد وأربيل بسبب «النفط مقابل الرواتب»

وجّه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أول تهديد في عهده لإقليم كردستان في حال لم يسلم الكمية المتفق عليها من نفط الإقليم مقابل تسليم الحكومة الاتحادية مستحقات الإقليم من رواتب وغيرها من مستحقات مالية طبقاً للموازنة.
وقالت رئيسة كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني» في البرلمان العراقي، جوان إحسان، في تصريح، أمس، إن عبد المهدي «اجتمع في بغداد مع رؤساء الكتل الكردستانية النيابية، وأبلغنا وفق قانون الموازنة العامة، بأنه إذا لم تسلم حكومة الإقليم النفط إلى بغداد فسيتم قطع المستحقات المالية للإقليم»، مشيرة إلى أن الاجتماع «بحث عدداً من المسائل المهمة بين الإقليم والمركز؛ بينها مسألة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأضافت: «أبلغنا عبد المهدي بضرورة استثناء رواتب موظفي إقليم كردستان وقوات البيشمركة»، مشيرة إلى أن «عبد المهدي وعد بأن رواتب الموظفين والبيشمركة سيتم إرسالها وفق القانون».
ويُعدّ تصريح عبد المهدي بشأن إمكانية قطع مستحقات الإقليم ما لم يتم تسليم عائدات النفط المصدر؛ أولَ انتقاد علني له للإقليم بهذا الشأن، حيث يحتفظ عبد المهدي بعلاقات جيدة مع القيادات الكردية. ويبدو أن تصريحات عبد المهدي هذه نتيجة لضغوط بدأت تمارسها كتل سياسية وبرلمانية ومن بينها اللجان البرلمانية المختصة مثل لجنة النفط والطاقة واللجنة المالية التي تم انتخاب رئاساتها مؤخراً.
وفي هذا السياق، يقول هيبت الحلبوسي، رئيس لجنة النفط والطاقة في البرلمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما صدر عن رئيس الوزراء إنما جاء نتيجة لضغوط مارسناها نحن في لجنة النفط والبرلمان، خصوصاً أن الأمر لم يعد ممكناً السكوت عنه والبقاء في دائرة الانتظار، في وقت تم فيه إقرار اتفاق مبادلة النفط مقابل تسليم المستحقات في قانون الموازنة»، مبيناً: «لقد أرسلنا كتباً رسمية إلى الإقليم وإلى الجهات المعنية ومنها وزارة المالية التي ترسل المستحقات بشكل طبيعي دون أن تتسلم أموال الكمية المتفق عليها من النفط؛ وهي بحدود 250 ألف برميل يومياً، في حين أن الكرد يصدرون يومياً 480 ألف برميل يومياً، وهو ما يعني أن لديهم زيادة بحدود 230 ألف برميل يومياً». وأضاف: «قد نضطر إلى قطع المبالغ المتأتية من كمية النفط من الإقليم من الحصة، وهو ما أبلغنا به الوزراء الكرد في الحكومة الاتحادية، وبعضهم وافق على ذلك لأنهم لم يجدوا أن هناك مبرراً مقنعاً لعدم الالتزام بالاتفاق». وأوضح الحلبوسي أن «هذا التصرف لم يعد مقنعاً، ولم يقدم الإخوة الكرد أي مبرر مقنع لعدم الالتزام».
من جهته، أكد عاصم جهاد، الناطق الرسمي باسم وزارة النفط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق حسب الموازنة الاتحادية لعام 2019 يقضي بأن يتم احتساب كمية 250 ألف برميل باليوم ضمن الكمية المصدرة للعام الحالي، وأيضا الإيرادات المتوقعة»، مبينا أن «الإقليم لم يلتزم بتسليم الكميات المتفق عليها ضمن الموازنة الاتحادية». وأضاف: «الوقت يمر؛ حيث إننا الآن في منتصف العام تقريباً ولم يجر تسليم ولا برميل واحد، في حين أن هناك معلومات تشير إلى أن إنتاج الإقليم من النفط تجاوز 600 أو 700 ألف برميل يومياً، وصادراته تجاوزت 400 ألف برميل في اليوم».
إلى ذلك، استضافت اللجنة المالية في البرلمان العراقي وزير المالية فؤاد حسين ومدير شركة «سومو» لتسويق النفط. وقال ثامر ذيبان عضو اللجنة إن «الاستضافة تركزت حول تصدير الإقليم 250 ألف برميل يومياً، من دون تسليم مبالغها إلى الحكومة الاتحادية». وأضاف أن «الإقليم غير ملتزم، ولم يسلم الحكومة الاتحادية أي مبالغ من صادرات النفط طيلة الفترة الماضية»، موضحاً أن «وزير المالية يقول إنه لا يستطيع إيقاف تسليم الإقليم مستحقاته من الرواتب، ويجب الذهاب إلى الحوارات السياسية لحل المشكلة»، مبيناً أن «اللجنة المالية ستمارس دورها في الضغط على رئيس الوزراء، وسيكون لنا كلام آخر مع إقليم كردستان خلال الموازنات المقبلة».
من جهته، أكد ماجد شنكالي، عضو البرلمان العراقي السابق عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مؤشرات لإيجاد حل للأزمة بالطريقة التي ترضي الطرفين دون أن يتم اللجوء إلى إجراءات عقابية يمكن أن تؤثر على الأجواء الإيجابية الحالية بين المركز والإقليم». وأضاف شنكالي أن «هناك خلطاً لدى كثيرين على صعيد الموازنة ومسألة رواتب موظفي الإقليم؛ حيث إنه رغم وجود هذا الاتفاق، فإن هناك فقرة واضحة بالموازنة وهي أن رواتب موظفي الإقليم تبقى بعيدة عن الخلافات السياسية ولا صلة لها بتسليم أو عدم تسليم كمية النفط المتفق عليها»، مشيراً إلى أن «وقف المستحقات لا يشمل الرواتب، لكنه قد يشمل أبواباً أخرى، مثل تنمية الأقاليم».



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.