تونس: أحزاب الائتلاف الحاكم تخشى القوة الانتخابية للشباب

TT

تونس: أحزاب الائتلاف الحاكم تخشى القوة الانتخابية للشباب

بينما أكد أنيس الجربوعي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، عدم تمديد فترة تسجيل الناخبين غير المسجلين في قوائم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بسبب محدودية ميزانية الهيئة، طالب تحالف الجبهة الشعبية اليساري، الذي يتزعمه حمة الهمامي، الحكومة بتخصيص الاعتمادات المالية الضرورية لتسجيل أكبر عدد ممكن من الناخبين، وضمان مشاركة فعالة «قصد إحداث تغيير استراتيجي على أوضاع البلاد».
وأوضح الجربوعي أن ضغط الميزانية والإجهاد الكبير لموظفي هيئة الانتخابات، يمثلان السبب الرئيسي لعدم التمديد، أو حتى التمديد المؤقت، إضافة إلى المعطيات التقنية واللوجيستية التي لا تسمح هي الأخرى بالتمديد، على حد تعبيره.
وكانت عدة أحزاب سياسية، أغلبها من المعارضة للائتلاف الحاكم الحالي برئاسة يوسف الشاهد، قد طالبت بتمديد فترة تسجيل الناخبين غير المسجلين، والمقدر عددهم بنحو 3.5 مليون ناخب، قصد ضمان مشاركتهم في الانتخابات المقررة نهاية السنة الحالية، وعدم إيقاف عملية التسجيل التي تنتهي عمليا اليوم، بعد أن انطلقت فعليا في العاشر من أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عدد المسجلين إلى يوم أمس تجاوز مليونا و50 ألفا، مبرزة أن أغلبهم من الفئات الشابة، وهو ما اعتبرته الأحزاب، سواء الموالية للحكومة أو المعارضة، مؤشرا إيجابيا للغاية.
ووفق مراقبين، فإن الأحزاب الحاكمة تدرك أن المعارضة تسعى إلى تسجيل أكبر عدد من الشباب لإحداث تغيير جذري داخل المشهد السياسي، وهذا ما لا ترغب فيه عدة أحزاب أخرى، على غرار حركة النهضة، التي شككت في عمليات تسجيل الناخبين، وقالت إنها كانت مشوبة بعدة ثغرات. أما الأحزاب المعارضة فهي ترى في المسجلين الجدد «القوة الصامتة»، التي قد تحدث «اختراقا سياسيا قويا» خلال الانتخابات المقبلة، وتعتمد في ذلك على مجموعة من الأرقام، من بينها أن الانتخابات البلدية التي جرت في السادس من مايو (أيار) 2018 عرفت مشاركة نحو 1.7 مليون ناخب، في حين أن عدد المسجلين الجدد في الانتخابات المقبلة فاق مليون شخص، وهو ما يفتح الباب واسعا لتوقعات بأن تصب الأصوات الجديدة في صالح المعارضة، على حساب أحزاب الائتلاف الحاكم المتهمة بالفشل الذريع في حل عدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية الشائكة.
وبخصوص الأحزاب التي ترفض مبدأ التمديد في عمليات تسجيل الناخبين غير المسجلين، قال زهير المغزاوي، رئيس حزب حركة الشعب المعارض، إن منظومة الحكم الحالي، وعلى رأسها حركة النهضة (إسلامي) المشارك في السلطة): «ترفض التمديد في تسجيل الناخبين الجدد. لكن أغلب المسجلين هم من فئة الشباب، ولذلك فمن المرتقب أن يعاقبوا انتخابيا المسؤولين عن حصيلة الفشل التي تم تسجيلها خلال السنوات الماضية».
وأضاف المغزاوي أن حركة النهضة «تحركت سريعا، وعقدت مؤتمرا صحافيا شككت من خلاله في عملية التسجيل، والحال أن هيئة الانتخابات لاحظت أن عمليات التسجيل كانت قانونية، وتتم بشفافية كاملة».
ورجح المغزاوي وجود ضغوط سياسية مسلطة على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بهدف منع التمديد في التسجيل، الذي لا يخدم مصالح الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم على حد تعبيره.
على صعيد متصل، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (الهيئة الدستورية المكلفة تنظيم الانتخابات) فتح باب الترشح لعضوية الهيئات الفرعية للانتخابات بمختلف الدوائر الانتخابية داخل تونس، وعددها 27 هيئة فرعية، وذلك في إطار تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لسنة 2019.
من جهة ثانية قرر القضاء التونسي أمس إطلاق سراح المحقق الأممي المنصف قرطاس، الموقوف منذ نهاية مارس (آذار) الماضي بتهمة التجسس، حسبما أفادت النيابة العامة لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الناطق الرسمي باسم النيابة العامة سفيان السليتي: «لقد قررت دائرة الاتهام الإفراج المؤقت عن المنصف قرطاس، الذي يبقى على ذمة القضاء التونسي». موضحاً أنه لم يتم إصدار قرار بحجر السفر على الخبير الأممي.
وتم توقيف قرطاس، الذي يحمل الجنسيتين التونسية والألمانية في 26 من مارس الماضي، لدى وصوله إلى مطار العاصمة التونسية، بتهمة «تعمّد الحصول على معطيات أمنية متعلّقة بمجال مكافحة الإرهاب، وإفشائها في غير الأحوال المسموح بها قانوناً»، التي يمكن أن تكون عقوبتها في تونس الإعدام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.