رمضان يزيد الضغوط على أداء العقار السعودي

القطاع السكني يفقد 20% من قيمته... والانخفاض مستمر للأسبوع الخامس على التوالي

استقر إجمالي قيمة الصفقات في القطاع السكني نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى 533 مليون دولار (تصوير: خالد الخميس)
استقر إجمالي قيمة الصفقات في القطاع السكني نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى 533 مليون دولار (تصوير: خالد الخميس)
TT

رمضان يزيد الضغوط على أداء العقار السعودي

استقر إجمالي قيمة الصفقات في القطاع السكني نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى 533 مليون دولار (تصوير: خالد الخميس)
استقر إجمالي قيمة الصفقات في القطاع السكني نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى مستوى 533 مليون دولار (تصوير: خالد الخميس)

قلص حلول شهر رمضان المبارك أداء السوق العقارية بجميع مفاصلها وقطاعاتها، حيث شهد منذ دخول الشهر الفضيل انخفاضا في الأداء العام له، نتيجة سفر وانشغال معظم المستثمرين، وموظفي الشركات العقارية المتخصصة، أو حتى الراغبين في الشراء والبيع، الأمر الذي أسهم في تخفيض قيمة الصفقات السكنية العقارية 20 في المائة، حيث يعد القطاع العقاري من أكثر الأسواق حساسية للظروف المناخية العامة.
وفضلت بعض الشركات والمجموعات الكبرى المتخصصة في مجالات الإنشاء والبناء التفرغ في هذه الإجازة لتعيد ترتيب أوراقها من جديد، والتقاط بعض الأنفاس نتيجة الإجهاد الذي صاحبها طوال العام، وعلى الرغم من الانخفاض العام لمؤشر حركة السوق فإنه لم يكن لها أي أثر في تخفيض الأسعار أو تحريكها مقارنة بما كانت عليه طول الفترة الماضية، كما هدأت إلى حد ملحوظ أداء المكاتب العقارية والحركة العامة للسوق العقارية.
وقال خالد المرزوق الرئيس التنفيذي لشركة الموج العقارية، إن الشهر المبارك يعتبر فترة إغلاق المحافظ الاستثمارية كافة وليست العقارية فقط، حيث غالبا ما يقضي التجار هذه الفترة مع الأهل والعائلة، وإن العمل يقتصر على فلترة المواضيع القديمة ومراجعة وإتمام الصفقات السابقة، إلا أن القطاع بشكل عام يعيش فترة توقف، نظرا إلى أن الفترة الذهبية التي تعتمد عليها السوق العقارية هي فترة النهار وهو أمر يصعب فيه التقاء البائع مع المشتري مما يجعل التواصل بينهم صعبا للغاية.
وزاد: «دورة العقار السنوية في السعودية تبدأ منذ شهر محرم وتستمر حركته حتى دخول الشهر رمضان المبارك، وتبدأ الحركة فيه بالتقلص أو الركود حتى موسم الحج، باستثناء الفترة الارتدادية التي تستمر 15 يوما التي تبدأ منذ منتصف شهر شوال وحتى دخول ذي القعدة»، موضحا أن الحديث هنا عن الصفقات العقارية أو المشاريع الكبيرة يستثنى من ذلك بعض التحركات الصغيرة التي لا تأثر كثيرا في الحركة العامة للسوق أو لا تكون محسوبة على القطاع بشكل مؤثر، لافتاً أن لبدء تطبيق الرسوم دوراً فعالاً إضافياً في هذا الصدد.
واستمر إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني في الانخفاض للأسبوع الخامس على التوالي بنسبة 19.8 في المائة، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 3.4 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 533 مليون دولار.
وقال عبد الله البراك الذي يدير عدداً من الاستثمارات العقارية، إن القطاع العقاري لا يحتاج لمزيد من الانخفاضات مثل الحاصل الآن في السوق والذي قارب أداؤه على التقلص لما يلامس الـ20 في المائة في الأسبوع الأول من شهر رمضان، وهي نسبة كبيرة في قطاع يعاني أساساً من التقلص في الطلب قبل دخول الشهر المبارك الذي يعرف بأن الحركة فيه تنخفض لمستويات كبيرة، معرجاً بأن الرسوم فرضت نفسها وبقوة رغم عدم صدور اللائحة التنظيمية حتى الآن، لافتاً أن الجميع ينتظر انعكاسها على حال السوق خصوصاً أن الانخفاض هو المتوقع وهو ما يرغب فيه المشترون الذين يمتنعون عن الحركة في هذه الفترة بالتحديد بانتظار ما تفضي به الرسوم.
وأضاف: «جميع القطاعات العقارية بلا استثناء أصابها التقلص، وأن البعض يرى أنها فرصة مناسبة للتريث واختيار العقار المناسب سواء للشراء أو الاستئجار، خصوصا للمشاريع الاستثمارية التي استفادت من هذا الهدوء بالتريث في البحث عن المنشأة المناسبة في ضوء ما يحدث حاليا في السوق»، لافتا إلى أن خيار الاستثمار والعمل في السوق العقارية لا يزال مرتفعا، ولكن تحكمه الفرصة والوقت المناسب بالدرجة الأولى، مستطرداً أن معظم الراغبين في الشراء لا يمكنهم مجاراة الأسعار الحالية للقطاع وهو ما يلقي بظلاله على الحركة العامة أيضاً، لافتاً أن عودة الأسعار إلى طبيعتها ستكون محفزاً كبيراً لعودة القطاع العقاري لسابق عهده، خصوصاً أن الاقتصاد المحلي يعتبر قوياً ومتماسكاً وأن ما يحدث في القطاع العقاري أمر مستغرب.
وانخفض عدد الصفقات العقارية بنسبة قياسية بلغت 31.4 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 1.4 في المائة، ليستقر عند مستوى 4282 صفقة عقارية. وانخفض أيضا عدد العقارات المبيعة بنسبة قياسية وصلت إلى 31.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 2.7 في المائة، ليستقر عند 4444 عقارا مبيعا.
وفي شأن متصل كشف علي التميمي صاحب «شركة تميم للإنشاءات العقارية» أن هذا الهدوء الذي يشهده القطاع يحدث بشكل سنوي في هذه الفترة بالذات، وما هو في حقيقة الأمر إلا ركود متعمد للشركات والمؤسسات العقارية لترتيب أوراقها من جديد من أجل إعادة وضع الاستراتيجيات الجديدة، لما يتناسب مع المرحلة المقبلة في وضعها الحديث، خصوصا أن السوق العقارية سوق متقلبة وشركات التطوير العقاري التي ترغب في الاستمرار في السوق عليها أن تراجع أداءها واستراتيجيتها خصوصاً أن فرض الرسوم أعاد عثرة القطاع العقاري من جديد، كما أن هذه الشركات تحتاج في كل فترة إلى إعادة وضع الخطط المناسبة لذلك، من أجل اقتناص الأرباح وإعادة تحقيق الإيرادات وفقا لما يرسم خلال هذه الأيام لسير العمل خلال العام القادم.
ولفت التميمي أن العقار يعيش فترة من الركود صاحبه تأثير محدود على الأسعار إلا أن الشهر الفضيل يزيد من هذا الضمور مما يجعل القطاع يعيش مرحلة أشبه بالإجازة الإجبارية، وحول أكثر القطاعات تأثرا في رمضان أكد أن الهدوء يسود جميع الأفرع إلا أن مبيعات الأراضي هي الأكثر تأثرا، يقابله حركة معقوله تعد متسيدة على باقي الأفرع وهي حركة التنقل بين المنازل المستأجرة وذلك استغلالا لفترة الإجازة التي تقاطعت مع حلول الشهر الفضيل، مضيفاً أن هذا الهدوء لم يؤثر بشكل متوقع على الأسعار بمعنى أن الانخفاض في هذه الفترة متوقف على الأداء العام وليس القيمة، وهو الأمر الذي ظل ثابتاً لفترة طويلة، حيث إن نسبة تباطؤ العمليات لم تؤثر بشكل مباشر على القيمة التي انخفضت حتى الآن بنسب ضئيلة لا ترتقي لحجم نزول الحركة.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».