مصر لبناء مساكن ريفية تلائم طبيعة حياة المواطنين

وزارة الإسكان وافقت على إنشاء عقارات غير تقليدية

سكان الوادي الجديد طالبوا الحكومة ببناء مساكن تناسب نمط حياتهم الريفي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
سكان الوادي الجديد طالبوا الحكومة ببناء مساكن تناسب نمط حياتهم الريفي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر لبناء مساكن ريفية تلائم طبيعة حياة المواطنين

سكان الوادي الجديد طالبوا الحكومة ببناء مساكن تناسب نمط حياتهم الريفي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
سكان الوادي الجديد طالبوا الحكومة ببناء مساكن تناسب نمط حياتهم الريفي (تصوير: عبد الفتاح فرج)

في محاولة منها للاستجابة لمطالب المواطنين، وتلبية احتياجاتهم السكنية، وافقت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية على طلب محافظ الوادي الجديد، ببناء مساكن ريفية للسكان بدلاً من المساكن التقليدية أو العمارات السكنية التي قد لا تناسب طبيعة حياتهم، ويأتي القرار في ضوء اتجاه الحكومة المصرية الحالية لتوفير مساكن تلائم طبيعة حياة المواطنين في بعض المحافظات مثل سيناء والنوبة في أسوان جنوب مصر، خاصة مع هجر سكان هذه المناطق للمساكن التقليدية التي تسلموها من الدولة، لأنها مختلفة عن المنازل التي اعتادوا العيش بها.
وفي هذا الإطار عقد الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، اجتماعاً مع اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، لمتابعة مشروعات الوزارة المختلفة التي يتم تنفيذها بالمحافظة، وقالت مي عبد الحميد، الرئيسة التنفيذية لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، إن «محافظ الوادي الجديد، قدم مقترحاً لإنشاء بيوت ريفية للحاجزين خارج الأولوية، والبالغ عددهم 300 حاجز، نظراً لملاءمته طبيعة ونمط حياة المواطنين بالوادي الجديد، ورحب وزير الإسكان بذلك شريطة قبول المواطنين بالنموذج الجديد، وشروط الشراء والموقع المقترح».
وتشكل محافظة الوادي الجديد نحو 40 في المائة من مساحة مصر، لكن يسكنها عدد قليل جداً من السكان في مساحات مترامية الأطراف، نظراً لطبيعة المحافظة الصحراوية، وتعمل وزارة الإسكان على تنفيذ مجموعة من المشروعات الخدمية بالمحافظة، ونفذت بالفعل نحو 912 وحدة سكنية: «تم تخصيص 370 وحدة منها، وجار استكمال الإجراءات لـ150 وحدة أخرى، بجانب بيع 319 وحدة للمحافظة بمدن (باريس، وبلاط، والفرافرة)»، وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن الوزارة.
وأشاد المعماري جمال عامر، بهذا الاتجاه، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «على مدار سنوات كان يحاول تنفيذ تصميمات لمشروعات سكنية تلائم البيئات المختلفة في مصر»، موضحاً أن «لكل منطقة خصائصها المعمارية، والسكانية التي تحدد شكل العمارة ونوعية مواد البناء المستخدمة، وما يصلح في القاهرة لا يصلح في كل المدن».
وأضاف عامر أن «هناك تجارب كثيرة لتنفيذ العمارة الريفية منها تجربة سابقة في واحة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد، لكنها لم تنفذ بالشكل المطلوب، حيث تم إضافة قباب خرسانية لمساكن عادية، لتحويلها إلى مبان ريفية، دون أن يعتمدوا مواد البناء والشكل الطبيعي للمباني الريفية»، مشيراً إلى أن «التخطيط العمراني لا بد أن يراعي نوعية مواد البناء ودرجات الحرارة في المنطقة، وخصوصيتها الديمغرافية حتى يتم تنفيذ عمارة ملائمة لطبيعة السكان».
وتتولى الحكومة المصرية تنفيذ مشروعات متعددة للإسكان الاجتماعي في مختلف المحافظات، لكنها تعتمد نموذجاً تقليدياً شبه موحد في البناء، عبارة عن عمارات سكنية متجاورة، وهو ما تسبب في هجر بعض هذه المشروعات في مناطق مثل قرى الظهير الصحراوي، وفي إطار محاولات توطين بدو سيناء، وأهالي النوبة، وسكان المناطق الريفية ظهرت محاولات متعددة لبناء مساكن تلائم طبيعة السكان، حيث يتم حاليا إنشاء مبان بمنطقة وسط سيناء، على الطراز البدوي.
الدكتور طارق وفيق، وزير الإسكان الأسبق، وأستاذ التخطيط العمراني، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة حاولت على فترات مختلفة تنفيذ مشروعات شبيهة لكنها لم تصل إلى حد النموذج الذي يحدث أثراً كبيراً، ولعل أهم محاولة في التاريخ كانت قرية القرنة بمحافظة الأقصر (جنوب مصر)، والتي نفذها المعماري حسن فتحي بطراز معماري فريد، حتى أنها أصبحت اليوم أثراً يزوره السياح والمعماريون، رغم الإهمال الشديد الذي تعرضت له والذي أدى إلى تدميرها».
وقرية القرنة المعروف بقرية حسن فتحي، هي واحدة من القرى الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، وتم إنشاؤها بين عامي 1946 و1952 في البر الغربي بالأقصر، لتسكين أهالي القرنة القديمة الذين كانوا يسكنون فوق المقابر الفرعونية في الجبل، وتتميز بالمزج بين الهندسة والتقاليد الريفية واستخدام المواد الطبيعية في البناء وملاءمتها للظروف البيئية في المنطقة، ووفقا لتقرير أصدرته منظمة يونيسكو مؤخراً فإن «معظم مباني القرية التي أنشأت في العقدين الأخيرين، و91 في المائة، من بقايا المباني التي أنشأها حسن فتحي منهارة جزئيا أو في حالة سيئة».
ولا يؤيد وفيق فكرة البناء الحكومي، وقال: «لا أتحيز للبناء الحكومي بشكل كبير، وأفضل أن يتولى المجتمع صياغة احتياجاته، فمجتمع مثل الوادي الجديد أو النوبة أو سيناء، له خصائص معينة ينبغي مراعاتها عند توفير السكن، لكن هذا لا يعني ترك الأمر للسكان بشكل كامل حتى لا تتحول المسألة إلى شيء عشوائي».
وأوضح توفيق أنه «على الدولة توفير المرافق والخدمات، وتحديد أماكن المساحات الخضراء، ووضع التخطيط العام للمنطقة، مع وضع اشتراطات خاصة بالارتفاعات ونوعية مواد البناء للحفاظ على وحدة المكان، وترك المجتمع يحدد خصائص المسكن الذي يرغب في العيش فيه»، مشيراً إلى أن «هناك حرما لمساكن البدو مثلاً، فيجب أن يبتعد المنزل عن المنزل المجاور مسافة تصل إلى 45 متراً، وما يناسب سكان سيناء لا يناسب أهالي النوبة في أسوان، أو سكان الوادي الجديد».
وأشار وفيق إلى أن «المشكلة الأهم في هذه المسألة هي مشكلة الإدارة، فمن الذي سيتولى إدارة هذه المجتمعات الجديدة ويحافظ عليها حتى لا تتحول إلى عشوائيات أو يتم إهمالها كما حدث مع مجتمعات عمرانية أخرى من قبل، وحتى لا تتكرر تجربة إهمال قرية حسن فتحي المحزنة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».