نتيجة {مخيبة للآمال} بعد اجتماع «العسكري» والحراك السوداني

الأنظار تتجه إلى القصر الرئاسي ودعوات لمسيرة مليونية نهاية الأسبوع

جانب من الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

نتيجة {مخيبة للآمال} بعد اجتماع «العسكري» والحراك السوداني

جانب من الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم (أ.ف.ب)

توقع السودانيون أن تشرق الشمس أمس وثورتهم قد «حققت أهدافها» وأن يتم الاتفاق على مدنية الحكومة المنبثقة منها، وذلك بعدما اتجهت الأنظار إلى القصر الرئاسي؛ حيث الاجتماع «المهم» بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، وأثناء ذلك أعلن عن عدد من الأنشطة الاحتجاجية طوال الأسبوع الجاري، تتوج بمسيرة مليونية نهاية الأسبوع.
وجاءت نتيجة الاجتماع «مخيبة»، وأعلن المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير فشلهما في الوصول لاتفاق، بشأن التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته، ووعدا بمواصلة التفاوض، فيما أعلن الاتحاد الأفريقي دعمه وشركاؤه الدوليون لأي اتفاق يتوصل إليه الطرفان يتعلق بالحكومة الانتقالية.
وتوصل الطرفان الأربعاء الماضي إلى اتفاق قضى بفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، ورئيس، ومجلس وزراء مدني يتم تشكيله من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، ومجلس سيادي لقيادة الثورة السودانية يتمتع بما نسبته 67 في المائة من الحكم، وذلك قبل تعليق رئيس المجلس العسكري الانتقالي السبت الماضي، التفاوض، تحت ذريعة التصعيد الذي رافق اعتداءات نفذتها قوات بثياب عسكرية أدت لمقتل 4 معتصمين، وضابط، وجرح وإصابة أكثر من مائتين.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، شمس الدين كباشي، في مؤتمر صحافي مشترك بالخرطوم، فجر أمس، إن جولة التفاوض الطويلة دارت حول «هياكل السلطة السيادية»، ووعد بمواصلة الاجتماعات مساء اليوم التالي، متوقعاً الوصول لاتفاق خلالها.
وأوضح كباشي أن الطرفين اتفقا على تكوين لجنة لمتابعة التحقيقات الخاصة بالاعتداءات على المعتصمين في الثامن من رمضان، وما نتج عنها من مقتل 4 معتصمين وضابط في الجيش، وإصابة وجرح أكثر من مائتين. وذكر الشهود أن المعتدين كانوا يرتدون أزياء وعلامات قوات «الدعم السريع»، بيد أن المجلس العسكري نفى ضلوع تلك القوة في العملية، وقال إنه ألقى القبض على متهمين سيقدمهم للمحاكمات.
وفي المؤتمر الصحافي ذاته، أكد المتحدث باسم قوى إعلان الحرية والتغيير مدني عباس مدني للصحافيين، على ما أعلن عنه كباشي، وأبدى أمله في التوصل لاتفاق، وأضاف: «اتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة عمل لجنة التحقيق المشكلة من المجلس العسكري الانتقالي، للتحقيق في أحداث الثامن من رمضان».
وكان السودانيون قد انتظروا نتائج الاجتماع الذي علقوا الآمال عليه للتوصل لاتفاق يتحدد بموجبه تحقيق الثورة السودانية لأهدافها، بينما انتظرتها كاميرات التلفزيون ووسائل الإعلام المحلية والدولية طوال الليل وحتى وقت متأخر من الصباح، بيد أن حديث الرجلين لم يكشف اتفاقاً، ولم يحدد كذلك القضايا الخلافية التي أدت لفشل الاتفاق.
وتقدمت قوى إعلان الحرية والتغيير في وقت سابق، بمقترح مجلس سيادة مدني برئاسة مدنية مع تمثيل عسكري، فيما يطالب المجلس العسكري الانتقالي بأغلبية عسكرية مع تمثيل للمدنيين، مع احتفاظه برئاسة المجلس.
وذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع أمس لم يشهد تقدماً كبيراً، رغم الروح «الطيبة» التي سادته، وأوضحت أن قوى إعلان الحرية والتغيير حرصت على تأكيد ما تم الاتفاق عليه الأسبوع الماضي، إثر ذيوع «أنباء» عن رغبة العسكريين في التراجع عنه.
وقالت إن الاجتماع لم يشهد تغيّراً لافتاً عن المواقف السابقة، وتمسك خلاله كل طرف بمقترحه، وبحقه في الحصول على أغلبية في المجلس السيادي ورئاسته، بيد أن المصدر توقع الوصول لاتفاق، سيما وأن هناك رؤى جديدة من بينها الحديث عن رئاسة دورية للمجلس السيادي، مع نسب متساوية في التمثيل فيه.
ويواجه الطرفان ضغطاً محلياً وإقليمياً عنيفاً لحسم قضية مدنية الحكومة، فالاتحاد الأفريقي منح المجلس العسكري مهلة شهرين لتسليم السلطة للمدنيين، فيما طالبت دول غربية ومن بينها الولايات المتحدة، الأطراف بالتوافق على سلطة مدنية.
وعشية الثامن من رمضان قتل أربعة متظاهرين، وضابط برتبة رائد في الجيش، في إطلاق نار، حملت المعارضة المسؤولية عنه لقوات «الدعم السريع» وقالت إنها أطلقت النار على المعتصمين أثناء محاولتها إزالة المتاريس، وهو الأمر الذي نفته تلك القوات والمجلس العسكري الانتقالي، وبدلاً عن ذلك حملا المسؤولية لمجموعات «مندسة». ولاحقاً عرض التلفزيون السوداني ما سماه «اعترافات» من قبل مجموعة تتهمها سلطات المجلس العسكري الانتقالي بقتل المعتصمين.
ولم تلق الرواية التي نقلها التلفزيون الحكومي قبولاً من الثوار وقيادتهم، وقوبلت بسيل من السخرية بين المواطنين، وعلى وسائط التواصل الاجتماعي، واعتبرت تحايلاً يذكر بـ«حيل» النظام المعزول و«أكاذيبه» التي دأب من خلالها على التنصل من جرائمه. بدوره، قال الاتحاد الأفريقي إنه سيدعم مع شركائه الدوليين أي اتفاقات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الثورة، تؤدي لسلطة مدنية خلال الفترة الانتقالية.
وقال مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسين، الذي يزور البلاد حالياً، بعد اجتماعه بالمتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي، أمس، إن كباشي أطلعه على أجواء التفاوض والخطوات التي أنجزت، وبحث معه التفاوض مع قادة الثوار.
وأوضح الحسين في تصريحات أمس، أن الاتحاد سيدعم اتفاق القوى السياسية السودانية، وقال: «الاتحاد الأفريقي وشركاؤه الدوليون سيدعمون بقوة أي اتفاقات بين القوى السياسية السودانية، وخصوصاً بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير».
من جهتها، تعهدت قوى إعلان الحرية والتغيير بمواصلة الاحتجاجات والضغط الشعبي من أجل تحقيق أهداف الثورة، وتكوين حكومة مدنية، وأعلنت «لجنة العمل الميداني» التابعة لها جدولها الأسبوعي للحراك السلمي، وتتويجها بمسيرة مليونية الخميس المقبل.
ويتضمن الجدول عدداً من الأنشطة، من بينها «يوم الحشد الأسري» الذي ينظم اليوم، ومواكب «تنمية الريف السوداني في القرى» والوقفات الاحتجاجية للقطاعات المهنية والعمالية في القطاعين العام والخاص في اليوم ذاته، إضافة إلى خطابات مسائية في الأحياء وأماكن التجمعات بالميادين والقرى الأربعاء المقبل.
ودعت لموكب مليوني يوم الخميس المقبل، تحت عنوان «مليونية المدنية والبناء» تتحرك من أحياء الخرطوم ومدنها وتتجه إلى ميدان الاعتصام، قبالة القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة.
وشددت اللجان التابعة لقيادة الثورة على «عدم إغلاق الطرق والكباري»، والتحلي باليقظة وعدم الانسياق خلف ما أسمته «الإشاعات المغرضة التي يسعى أصحابها لزرع بذور التخذيل بين صفوفنا».
واعتبرت المواكب والمسيرات التي تحرص على تنظيمها مواصلة لـ«الثورة السلمية»، وقالت: «تحدونا عزيمة لا تلين، وثقة لا تساورها شكوك، في الوصول إلى سودان الحرية والسلام والعدالة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».