ساترفيلد يعود إلى لبنان بانطباع إيجابي حول ترسيم الحدود الجنوبية

مصادر بري تؤكد أن الإجراء سيكون براً وبحراً في آن معاً

بري مستقبلاً ساترفيلد (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً ساترفيلد (الوكالة الوطنية)
TT

ساترفيلد يعود إلى لبنان بانطباع إيجابي حول ترسيم الحدود الجنوبية

بري مستقبلاً ساترفيلد (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً ساترفيلد (الوكالة الوطنية)

عاد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد من تلّ أبيب إلى بيروت، لاستكمال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، حول ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية، واستهلّ لقاءاته مع القيادات اللبنانية بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
وتم البحث مع بري في موضوع ترسيم الحدود. وفيما لم يُدل المسؤول الأميركي بأي تصريح بعد اللقاء، علم أن «هناك تقدماً في المساعي التي يقوم بها ساترفيلد في هذا الإطار، لكنها لم تنته بعد». وأوضحت مصادر مقرّبة من بري لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء خرج بانطباع إيجابي حول إمكانية الاتفاق على ترسيم الحدود، لكن المساعي لم تصل بعد إلى النهاية المطلوبة». وأشارت إلى أن «المبعوث الأميركي عاد بانطباع أكثر إيجابية من الذي كان عليه أثناء زيارته بيروت الأسبوع الماضي، وهو سيتابع جولاته المكوكية على القيادات اللبنانية ومع الجانب الإسرائيلي».
وشددت المصادر المقرّبة من رئيس البرلمان اللبناني، على أن «الترسيم سيكون على الحدود البحرية والبرية في آن واحد».
ومن مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، انتقل ساترفيلد إلى السراي الحكومي، واجتمع مع رئيس الحكومة سعد الحريري، وتناول البحث آخر المستجدات المحلية والإقليمية والمواضيع التي نوقشت الأسبوع الماضي، وهي مسألة ترسيم الحدود.
وأفادت مصادر سياسية مواكبة لزيارة المبعوث الأميركي، بأن ساترفيلد عاد من إسرائيل بمناخات إيجابية لم يكشف عن تفاصيلها، ولفتت المصادر إلى أن «من بين الإيجابيات، أن الإسرائيليين وافقوا على فكرة ترسيم الحدود، لكنهم طلبوا إيضاحات حول بعض الأمور. ويحاول ساترفيلد أن يحصل على أجوبة حولها من لبنان»، مشيرة إلى أنها «المرّة الأولى التي ينقل فيها المبعوث الأميركي أجواء إيجابية عن الجانب الإسرائيلي وغير متصلّبة خلافاً للمرات السابقة».
ورغم تليين الموقف الإسرائيلي حيال القبول بعملية الترسيم، فإن «الشرق الأوسط» علمت أن الإسرائيليين «لا يزالون يرفضون مشاركة قوات (يونيفيل) العاملة في جنوب لبنان في محادثات ترسيم الحدود البحرية، بل يطالبون بمفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل بحضور أميركي فقط، ولم يقبلوا باللجنة الثلاثية التي تتولى التنسيق ومراقبة الوضع الأمني على الحدود البرية».
ووفق المعلومات «يعدّ الجانب الإسرائيلي أن قوات (يونيفيل) ليس لديها تفويض دولي لرعاية المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية، ما دام لا يوجد قرار من مجلس الأمن بهذا الخصوص، وأقصى ما يقبل به الإسرائيلي هو أن تعقد المفاوضات في مقرّ الأمم المتحدة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وليس قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان».
ويولي لبنان أهمية قصوى لموضوع ترسيم الحدود؛ خصوصاً البحرية منها، لتسريع موضوع التنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة الاقتصادية في المياه الإقليمية بجنوب لبنان، لا سيما في (البلوك رقم 9) المتنازع عليه مع إسرائيل. ووفق المعلومات، فإن لبنان «يحاول الاستفادة من الاستقرار القائم على حدوده مع إسرائيل في هذه المرحلة، ويسعى لاستباق أي تطورات عسكرية قد تحصل في المنطقة، جراء ارتفاع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران».
وبحسب المعلومات، فإن كلا الجانبين؛ اللبناني والإسرائيلي، تقدّم خطوة باتجاه الآخر، وعلم أن «الإسرائيلي وافق على أن يكون ترسيم الحدود البرية انطلاقاً من منطقة الناقورة غرباً باتجاه البحر، على أن تشمل النقاط الـ13 المتنازع عليها والتي تتضمن تعديات إسرائيلية على الأراضي اللبنانية، والتي تخضع لاتفاق خطّ الهدنة بين الجانبين، في مقابل تأخير البحث في ترسيم الحدود من سهل الخيام شرقاً وصولاً إلى مزارع شبعا... باعتبار أن هذه المزارع تخضع لقراري مجلس الأمن الدولي (242) و(338)، وقد جرى احتلالها إبان احتلال الجولان السوري في عام 1967».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.