السلطة ترفض {الورشة الاقتصادية}: الحل السياسي أولاً

أكدت أنها لن تشارك وهددت ضمناً أي فلسطيني ينوي الحضور

مدخل مخيم عايدة للاجئين في الضفة الغربية بمجسم مفتاح يعتقد أنه للفنان البريطاني بانكسي (إ.ب.أ)
مدخل مخيم عايدة للاجئين في الضفة الغربية بمجسم مفتاح يعتقد أنه للفنان البريطاني بانكسي (إ.ب.أ)
TT

السلطة ترفض {الورشة الاقتصادية}: الحل السياسي أولاً

مدخل مخيم عايدة للاجئين في الضفة الغربية بمجسم مفتاح يعتقد أنه للفنان البريطاني بانكسي (إ.ب.أ)
مدخل مخيم عايدة للاجئين في الضفة الغربية بمجسم مفتاح يعتقد أنه للفنان البريطاني بانكسي (إ.ب.أ)

قلل مسؤولون فلسطينيون من أهمية عقد ورشة عمل اقتصادية في البحرين الشهر المقبل لتشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، وقالوا إن السلطة لن تشارك في المؤتمر الذي دعت إليه واشنطن كمرحلة أولى ضمن خطة السلام المعروفة بصفقة القرن.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، أمس، إن حكومته لم تستشر حول هذا الورشة لا من ناحية المدخلات، ولا المخرجات، ولا التوقيت، ولا حتى في الشكل والمحتوى.
وأضاف في بداية اجتماع حكومي أن «أي حل للصراع في فلسطين لن يكون إلا عبر الحلول السياسية المتعلقة بإنهاء الاحتلال، وإحقاق حقوق شعبنا، المتمثلة في إقامة دولته المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي».
وتابع: «إن الشأن الاقتصادي هو نتيجة للحل السياسي، لأن الفلسطيني وقيادته لا يبحث عن تحسين شروط حياة تحت الاحتلال».
ويتفق موقف أشتيه مع مواقف مسؤولين آخرين، بينهم نائبه نبيل أبو ردينة وهو أيضاً وزير الإعلام والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ووزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني وهما مقربان من الرئيس محمود عباس.
ووصف أبو ردينة في حديث لشبكة «سي إن إن» الأميركية، «ورشة العمل» المنوي عقدها في البحرين بـ«العقيمة»، وقال إن «أي خطة اقتصادية بلا آفاق سياسية لن تفضي إلى شيء».
وشدد أبو ردينة على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي اقتراحات دون قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وعقب عريقات بالقول: «إن كل الجهود الساعية إلى فرض التعايش بين المحتل وشعب تحت الاحتلال مصيرها الفشل، ومحاولات تعزيز التطبيع الاقتصادي للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو أمر مرفوض. القضية لا تتجلى في تحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني، بل بتعزيز قدرة فلسطين على السيطرة على مواردها ومعابرها وحدودها وتجسيد سيادتها من خلال إنهاء الاحتلال».
وأضاف: «إن معايير ومتطلبات الحل والسلام العادل معروفة للجميع، وتتلخص في الإنجاز الكامل لحقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حل قضية اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194، وحل جميع قضايا الوضع النهائي بالاستناد إلى القانون والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية»
لكن أشتيه وأبو ردينة وعريقات، لم يوضحا مباشرة إذا ما كان الفلسطينيون سيشاركون أو لا في الورشة.
وفي الوقت الذي قال فيه أبو ردينة إن هذا القرار يعود إلى الرئيس محمود عباس، ملمحاً إلى الرفض المحتمل، بتذكيره أن السلطة الفلسطينية سبق أن اختارت عدم حضور اجتماع مماثل عقد في واشنطن خلال شهر مارس (آذار) عام 2018 بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية لأهالي غزة، قال مجدلاني بوضوح إن السلطة الفلسطينية لن تشارك في المؤتمر.
وفي محاولة لتجنب غياب الفلسطينيين، ستوجه الولايات المتحدة كما يبدو الدعوة لرجال أعمال فلسطينيين من أجل الحضور. وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن الإدارة الأميركية على اتصال مع رجال أعمال وأكاديميين في الداخل والخارج، وهي اتصالات تنظر إليها السلطة بعين الريبة والشك. وأضافت: «أغلب الظن أنهم سيوجهون الدعوة لحلفائهم».
وهددت السلطة بشكل ضمني أي فلسطيني سيشارك، ووصف مجدلاني أي فلسطيني مشارك في المؤتمر بأنه عميل للأميركيين والإسرائيليين. وتنظر السلطة لأي فلسطيني يتعامل مع الولايات المتحدة خارج موافقتها بأنه بديل أميركي محتمل للقيادة الفلسطينية.
والعلاقة بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية وصلت إلى حد القطيعة، بعد قرار الرئيس الأميركي نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووقفه جميع المساعدات للفلسطينيين بما في ذلك دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، قبل أن يغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن ويطرد رئيس المكتب هناك.
وبناء على ذلك يرفض الفلسطينيون التعامل مع واشنطن كما يرفضون خطة السلام الأميركية قبل أن تطرح.
وكان البيت الأبيض قد أعلن عن مؤتمر في المنامة يومي 25 و26 يونيو (حزيران) سيحضره وزراء مالية الدول المعنية ومسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
ويخطط مستشارو الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعلان الشق الأول من خطتهم المنتظرة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في هذا المؤتمر، وهو شق اقتصادي بحت، وسط تسريبات حول تأجيل طرح الصفقة بشكلها السياسي. ولم تكشف واشنطن بعد عن أهم النقاط في «صفقة القرن» المتعلقة بمسائل الحدود والقدس والأمن، وما إذا كان ستتضمن الخطة الأميركية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وجاء في بيان أميركي بحريني مشترك أن ورشة العمل هذه «هي فرصة كبيرة لجمع الحكومة، المجتمع المدني، وقادة الأعمال لمشاركة أفكار، وتباحث استراتيجيات، وبلورة الدعم للاستثمارات والمبادرات الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن تتمكن نتيجة اتفاق سلام». وأضاف البيان أن القمة سوف «تمكن مباحثات حول رؤية وإطار عمل طموح وبمنال اليد لمستقبل مزدهر للشعب الفلسطيني والمنطقة، بما يشمل تحسينات للحكم الاقتصادي، وتنمية الموارد البشرية، والمساهمة بنمو سريع للقطاع الخاص»، وأوضح مسؤول أميركي كبير لماذا تم تجزئة الخطة.
وقال إن «القضية الاقتصادية والقضية السياسية متشابكتان. هناك رغبة كبيرة في العالم لدفع الاستثمارات والمشاريع، لكن لا يمكن أن يحدث ذلك إذا لم نحل بعض المشكلات الصعبة للغاية التي لم نحلها على مر السنين».
وحسم الإسرائيليون موقفهم وقرروا المشاركة في المؤتمر عبر إرسال وزير المالية، وناقشت وسائل الإعلام الإسرائيلية إذا ما كانت البحرين ستسمح للصحافيين الإسرائيليين بتغطية المؤتمر، رغم عدم وجود علاقات رسمية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».