أميركا تبدأ عملية «خنق هواوي» بقطع الإمدادات

شبكات الاتصال وصناعة «أشباه الموصلات» العالمية في خطر

القرار سيمنع وصول أي تحديثات إلى «هواوي»
القرار سيمنع وصول أي تحديثات إلى «هواوي»
TT

أميركا تبدأ عملية «خنق هواوي» بقطع الإمدادات

القرار سيمنع وصول أي تحديثات إلى «هواوي»
القرار سيمنع وصول أي تحديثات إلى «هواوي»

قديما في أيام الحرب، كانت إحدى الاستراتيجيات الناجحة للغاية في المعارك هي وقف الإمدادات وبخاصة المياه عن جيش الأعداء، وهو ما يعني سقوط هذا الجيش من العطشى في النهاية؛ ربما دون إراقة قطرة دم واحدة أو بذل أي مجهود.. والآن نرى ذات السياسة القديمة الحديثة تُطَبق، إذ علقت شركات أميركية بارزة في مجال التكنولوجيا، على رأسها «غوغل»، إمداد شركة «هواوي» الصينية بمعدات وبرامج حرجة، وذلك استجابة لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تهدد بخنق أكبر شركات التكنولوجيا في الصين.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أمس نقلا عن مصادر مطلعة تحدثت شرط عدم الكشف عن هويتها، أن شركات صناعة الرقاقات الأميركية، وبينها «إنتل» و«كوالكوم» و«زيلينكس» و«برودكوم»، أخطرت موظفيها بأنها لن تزود «هواوي» حتى إشعار آخر. ونقلت الوكالة عن مصدر آخر أن شركة «ألفابت» الأميركية، الشركة الأم لـ«غوغل»، قطعت كذلك إمداد هواوي بالمعدات والخدمات البرمجية إلى عملاق التكنولوجيا الصيني.
لكن «غوغل» أعلنت في ذات الوقت أن خدماتها ستواصل العمل على أجهزة «هواوي». وأعلن نظام تشغيل «آندرويد» التابع لغوغل أمس الاثنين: «نطمئنكم بأنه بينما نلتزم بمتطلبات الإدارة الأميركية، فإن خدمات مثل (غوغل بلاي)، والأمن من غوغل بلاي بروتكت، ستظل تعمل على أجهزة هواوي الموجودة لديكم».
ووفقا لـ«بلومبرغ»، فإن تلك الخطوات، التي كانت مُتوقعة بعد إعلان إدارة ترمب وضع هواوي على القائمة السوداء الجمعة الماضي، والتهديد بقطع البرامج وأشباه الموصلات الأميركية التي تحتاجها في منتجاتها، من شأنها شلّ حركة أكبر شركة معدات اتصالات وشبكات وثاني أكبر صانع للهواتف الذكية في العالم. وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أمس أن الصين تدعم شركاتها، وأنها «ستتسلح بسلاح القانون وستدافع عن حقوقها المشروعة».
وأشارت بلومبرغ إلى أن حظر بيع تلك المعدات الحرجة إلى هواوي سيعطل أيضا أعمال عملاق صناعة الرقاقات الأميركي «ميكرون»، بل وسيؤخر إطلاق شبكات اتصالات الجيل الخامس 5G الهامة في العالم كله، بما في ذلك الصين، وفي المقابل قد يضر ذلك بالشركات الأميركية التي تعتمد بشكل متزايد في نموها على الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ولفتت الوكالة إلى أنه في حال تطبيق قرار ترمب بالكامل، قد يؤدي ذلك إلى تداعيات في صناعة أشباه الموصلات في العالم كله، موضحة أن «إنتل» هي المزود الرئيسي لهواوي برقاقات الخوادم، بينما «كوالكوم» تزودها بمعالجات الكثير من هواتفها الذكية، أما «زيلينكس» فتبيع لهواوي رقاقات قابلة للبرمجة تستخدم في الشبكات، و«برودكوم» هي مزودة هواوي بـ«رقاقات التبديل»، وهي مكون هام آخر لبعض أنواع أجهزة الشبكات.
وقال المحلل في شركة «روزينبلات لخدمات تأمين الإنترنت» ريان كونتز، إن هواوي تعتمد بشكل كبير على أشباه الموصلات الأميركية وقد تتعطل للغاية من دون إمداداتها من المعدات الأميركية الهامة، لكن الحظر الأميركي قد يدفع الصين إلى تأجيل بناء شبكات الجيل الخامس 5G المرتقبة حتى رفع الحظر الأميركي، وهو ما من شأنه التأثير على الكثير من الشركات المصنعة لمكونات تلك الشبكات.
وأشارت الوكالة نقلا عن مصادر مطلعة، لم تسمها، إلى أن «هواوي» كدست رقاقات تكنولوجية كافية ومكونات حيوية أخرى لإبقاء أعمالها جارية لمدة 3 أشهر على الأقل؛ حيث كانت تتحضر لمثل هذه الاحتمالية منذ منتصف 2018 على الأقل لتدخر المعدات التكنولوجية بينما تصمم الرقاقات الخاصة بها، لكن حسب المصادر فإن القادة التنفيذيين للشركة الصينية يعتقدون أن شركتهم أصبحت ورقة مقايضة في المفاوضات التجارية الجارية بين الصين والولايات المتحدة، ولذلك سيكونون قادرين على استئناف الشراء من المزودين الأميركيين عند التوصل لاتفاق.
وذكرت بلومبرغ أنه من المرجح أن تتفاقم التوترات بين واشنطن وبكين على إثر خطوات الشركات الأميركية، ما سيصعد مخاوف من أن هدف ترمب هو احتواء الصين، وقد يشعل حربا باردة طويلة بين أقوى اقتصادين في العالم، وذلك بعيدا عن الضرر الذي خلفته الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين على أسواق العالم لشهور.
وقال المحلل كونتز: «السيناريو الأكثر شدة هو فشل وحدة اتصالات الشبكات في هواوي، وهو ما سيجعل الصين تتخلف عدة سنوات (بعد تقدمها في هذه الصناعة)، بل وقد تعتبر الصين (إجراءات ترمب) إعلان حرب»، مضيفا أن «مثل هذا الإخفاق سيخلف تداعيات هائلة على سوق الاتصالات العالمي».
> تعهد بالرد وعدم الاستسلام:
من جانبها، أبدت هواوي استعدادها لمواجهة ضغوط واشنطن، مع تقليص ارتهانها للشركات الأميركية، كما أكد مؤسسها.
وفي خضم التوترات التجارية مع بكين، أدرجت وزارة التجارة الأميركية شركة هواوي الأربعاء في لائحة المؤسسات التي لا تستطيع المجموعات الأميركية تزويدها بالتجهيزات إلا بعد الحصول على موافقة السلطات.
وأكد رين تشنغفاي السبت للصحافة اليابانية في مقر هواوي بشينزن (جنوب): «نحن مستعدون لذلك». وهو تعليقه الرسمي الأول منذ القرار الأميركي. وقال إن مجموعته ستواصل تطوير مكوناتها الخاصة لتقليص ارتهانها لمجموعة الموردين الأجانب.
ولا تزال شركة هواوي، الرائدة عالميا على صعيد تكنولوجيا الجيل الخامس، تعتمد على تقنيات الموردين الأجانب. وتشتري مكونات بنحو 67 مليار دولار كل عام، منها 11 مليارا من موردين أميركيين، كما ذكرت صحيفة نيكاي الاقتصادية اليومية.
واضطر تشنغفاي (74 عاما) المعروف بتحفظه، إلى الخروج من الظل في الأشهر الأخيرة، لمواجهة ضغوط متزايدة على شركته.
ويشتبه بعض البلدان بأنها تقيم صلات محتملة مع أجهزة الاستخبارات الصينية. وتتعرض هواوي أيضا لحملة من واشنطن بهدف إقناع حلفائها بالتخلي عن استخدام معداتها. وقال تشنغفاي: «لم نفعل أي شيء ينتهك القانون»، وتوقع أن يتباطأ نمو هواوي «إنما بصورة طفيفة فقط».
ومنع الرئيس الأميركي دونالد ترمب شبكات الاتصالات الأميركية الأربعاء من توفير المعدات للشركات الأجنبية التي تعتبر خطرة، وهو إجراء يستهدف شركة هواوي. وأكد تشنغفاي أن شركته لن تخضع لضغوط واشنطن.
وقال في تصريح لنيكاي: «لن نغير التوجه بناء على طلب الولايات المتحدة ولن نقبل المراقبة مثلما فعلت شركة زد تي إي»، في إشارة إلى شركة صينية عملاقة أخرى للاتصالات استهدفتها العقوبات الأميركية العام الماضي.



زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
TT

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين، الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي، بينما استمر مزيد من الأشخاص في جمع شيكات البطالة بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة ببداية العام، في ظل تباطؤ الطلب على العمالة.

وقالت وزارة العمل، يوم الخميس، إن طلبات إعانات البطالة الأولية ارتفعت بمقدار 17 ألف طلب لتصل إلى 242 ألف طلب معدلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وكان الخبراء الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا 220 ألف طلب في الأسبوع الماضي.

ومن المرجح أن تعكس الزيادة في طلبات الإعانة، الأسبوع الماضي، التقلبات التي تَلَت عطلة عيد الشكر، ولا يُحتمل أن تشير إلى تحول مفاجئ في ظروف سوق العمل. ومن المتوقع أن تظل الطلبات متقلبة، خلال الأسابيع المقبلة، مما قد يصعّب الحصول على قراءة دقيقة لسوق العمل. وعلى الرغم من هذه التقلبات، فإن سوق العمل تمر بتباطؤ تدريجي.

ورغم تسارع نمو الوظائف في نوفمبر، بعد التأثير الكبير للإضرابات والأعاصير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.2 في المائة، بعد أن ظل عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. ويشير استقرار سوق العمل إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر خفض أسعار الفائدة، الأسبوع المقبل، للمرة الثالثة منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) الماضي، رغم التقدم المحدود في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.

وأصبح سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي في نطاق من 4.50 إلى 4.75 في المائة، بعد أن رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية بين مارس (آذار) 2022، ويوليو (تموز) 2023، للحد من التضخم. وتُعدّ سوق العمل المستقرة أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على مسار التوسع الاقتصادي، حيث تساعد معدلات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً في استقرار السوق وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي.

كما أظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص، الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، ارتفع بمقدار 15 ألف شخص ليصل إلى 1.886 مليون شخص معدلة موسمياً، خلال الأسبوع المنتهي في 30 نوفمبر الماضي. إن الارتفاع فيما يسمى المطالبات المستمرة هو مؤشر على أن بعض الأشخاص الذين جرى تسريحهم من العمل يعانون فترات أطول من البطالة.

وقد ارتفع متوسط مدة فترات البطالة إلى أعلى مستوى له، في نحو ثلاث سنوات، خلال نوفمبر.