كتب قائد فريق مانشستر سيتي الدولي البلجيكي فنسان كومباني التاريخ رفقة ناديه هذا الموسم، بعد أن أصبحوا أول نادٍ في تاريخ إنجلترا يتوج بالألقاب الثلاثة المحلية في موسم واحد (الدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الرابطة).
كومباني، البالغ من العمر 33 عاماً، هو أحد كبار القادة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان هذا هو موسمه الحادي عشر مع السيتي، وقد تحدث خلال حوار مع صحيفة «الغارديان» البريطانية عن المسار الخطأ الذي كاد أن يسلكه في سن المراهقة، والسياسيين «المجانين»، والحياة بعد كرة القدم.
ولد كومباني عام 1986، في أوكل ببلجيكا، لعائلة فقيرة، ولكن متعلمة. والده بيير القادم من جمهورية الكونغو الديمقراطية تم انتخابه العام الماضي رئيساً لإحدى بلديات بلجيكا، وكان قد سُجن وهو طالب في أحد المعسكرات في الكونغو بسبب انضمامه إلى الانتفاضة ضد الرئيس موبوتو. وفي بروكسل، حصل على شهادة في الهندسة، وكان يقود سيارة أجرة ليلاً لينفع على عائلته، فيما كانت والدة فنسان البلجيكية جوسلين، التي توفيت بسبب السرطان في عام 2008، زعيمة نقابية عملت في وكالة التوظيف الحكومية في بروكسل.
كانت عائلة كومباني مدركة تماماً للتمييز الذي سيواجهه أطفالهم في الحياة بسبب بشرتهم الملونة، وكان الأطفال يتحدثون الفرنسية في المنزل، والهولندية في المدرسة. وبجانب هذه اللغات، يتحدث كومباني الألمانية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية، ويقول: «أنا مدين بكل شيء لوالدي. فمنذ لحظة ولادتنا وهما يعملان على توسيع آفاقنا».
وبسؤاله: هل تعرض أحد والديه للعنصرية؟ قال كومباني إنه لم يتم قبول والده في أسرة أمه في البداية، موضحاً أن أصول والدته تعود لقرية ريفية في بلجيكا، وأنها سافرت لأفريقيا، والتقت هناك بوالده في الكونغو، وعندما عادت معه في السبعينات لبلدها، كان ذلك بمثابة صدمة لأهلها.
وبرع كومباني في كرة القدم، وانضم إلى أندرلخت، أكبر نادٍ في بلجيكا، وهو يبلغ من العمر 6 أعوام، وبقي هناك حتى بلغ من العمر 20 عاماً. وفي الرابعة عشرة من عمره، طُرد من المدرسة، واشتبك مع مدربه الذي أخبره أنه لن يلعب كرة القدم مرة أخرى.
ويقول: «كانت لديّ طريقة مختلفة للتعامل مع الأشياء؛ لقد ثار والداي دائماً ضد الظلم وعدم المساواة، لذا يمكنك أن تتخيل أنه عندما يعاقب أستاذي شخصاً ما - أو يعاقبني أنا - بسبب شيء غير عادل، فإنني لا أقبل ذلك».
ويضيف كومباني أنه كان أحياناً «قريباً جداً من أن يصبح على الطريق الخطأ، حيث كان من الممكن أن يبيع المخدرات، ويتواصل مع العصابات، بحكم أن هؤلاء كانوا هم الناس الذين يعرفهم، ويلعب معهم كرة القدم في منطقته».
ويؤكد قائد السيتي أنه بدلاً من ذلك، فقد استخدم كل النكسات والعنصرية التي تعرض لها لتكون شرارة تحفيز لما وصل له بعد ذلك.
وفي عمر الـ17، أصبح كومباني أصغر لاعب دولي في منتخب بلجيكا، وتم بيعه بعد ذلك إلى هامبورغ في عام 2006، في صفقة بيع هي الأغلى في تاريخ أندرلخت، ثم انتقل إلى السيتي بعد ذلك بعامين.
وبسؤاله: هل يخيفه اعتزال كرة القدم؟ قال كومباني: «أنا أفكر في حياتي بالتدريج، لقد أصبت بجروح كثيرة في سن مبكرة للغاية، وكنت مضطراً دائماً إلى الاعتقاد أن حياتي المهنية قد تنتهي يوم غد! لقد كان أمامي 15 عاماً للتحضير ليوم مثل هذا، لذلك لن يكون الأمر مخيفاً في هذه المرحلة؛ من المحتمل أن أكون اللاعب الأكثر استعداداً في العالم لمرحلة ما بعد الاعتزال».
ويحمل كومباني درجة الماجستير في إدارة الأعمال. وبداخل مكتبه، هناك سبورة بيضاء عليها رمز كرة قدم على أحد الجدران. وفي الصف العلوي من المكتبة، تصطف الجوائز التي نالها، وأسفلها السير الذاتية لرموز مثل مانديلا وغاندي وأوباما، والسير الذاتية للسير أليكس فيرجسون، المدرب التاريخي لمانشستر يونايتد، وزميله في مانشستر سيتي الأرجنتيني سيرجيو أجويرو، وكتاب تاريخ جمهورية الكونغو الديمقراطية، البلد الذي هرب منه والد كومباني، كلاجئ سياسي عام 1975.
ويبزغ اسم كومباني في أعمال الخير، حيث إنه استطاع جمع تبرعات تقدر بنحو مليون جنيه إسترليني، من خلال جمعيته الخيرية، للمساعدة في معالجة أزمة التشرد في مدينة مانشستر، كما يزور الملاجئ، ولكنه يرفض وجود وسائل الإعلام معه، ويحب الاستثمار في المدارس لمكافحة مشكلة تشرد الأطفال.
وقامت مؤسسته الخيرية ببناء قرية لأكثر من 100 طفل يتيم في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما أسس في بلجيكا نادياً لكرة القدم يخدم 1500 شاب.
ويقول كومباني إن عائلته سبب تشكيل شخصيته بهذه الطريقة، فوالدته كانت اشتراكية تكافح من أجل حقوق المحرومين، كما كان والده لاجئاً سياسياً ثائراً على الظلم.
ويضيف أنه شرع في دراسة ماجستير إدارة الأعمال عام 2012، لأنه أراد أن يكون قادراً على التخطيط بشكل جيد لعمله بعد اعتزال كرة القدم، ويرى أن العمل والاجتهاد والتميز فيه وسيلة لتصحيح الظلم الاجتماعي.
ويقول كومباني إنه يتابع السياسة عن كثب، ويرفض فكرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويشير إلى دونالد ترمب على أنه «مجنون»، ذو خطاب متشدد، لكنه أكد أنه لا يتطلع للعمل في السياسة.
وأعلن القائد فنسان كومباني اليوم (الأحد) قراره الرحيل عن فريقه مانشستر سيتي، بعدما أمضى معه 11 موسماً، حصد خلالها 12 لقباً، بواقع 4 ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز، ومثلها لكأس رابطة المحترفين الإنجليزية، ولقبين لكأس الاتحاد الإنجليزي، ولقبين للدرع الخيرية، على أن يعود إلى نادي بداياته أندرلخت البلجيكي، كلاعب ومدرب.
«كومباني» قائد مانشستر سيتي يروي قصته مع العنصرية وعصابات الشوارع
«كومباني» قائد مانشستر سيتي يروي قصته مع العنصرية وعصابات الشوارع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة