استثمار حوثي للرياضة والأمسيات الرمضانية لاستقطاب المجندين

البطولات تشهد مشاركة فرق تحمل أسماء قتلى الانقلابيين وقياداتهم

جانب من المظاهر المسلحة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلاب الحوثي (أ.ب)
جانب من المظاهر المسلحة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلاب الحوثي (أ.ب)
TT

استثمار حوثي للرياضة والأمسيات الرمضانية لاستقطاب المجندين

جانب من المظاهر المسلحة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلاب الحوثي (أ.ب)
جانب من المظاهر المسلحة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلاب الحوثي (أ.ب)

كثّفت الميليشيات الحوثية تحركاتها في أوساط المجتمع اليمني على مختلف الأصعدة أملاً في تغيير ثقافته وصبغها بأفكارها الطائفية واستقطاب المزيد من الشبان والكبار إلى صفوفها قبل أن تدفع بهم إلى جبهات القتال.
وفي هذا السياق، استغلت الجماعة الموالية لإيران الألعاب الرياضية المتنوعة في رمضان والأمسيات من أجل توظيفها خدمةً لأهدافها الطائفية وتسخيرها لاستقطاب الشباب ومحاولة تجنيدهم عبر الدورات الثقافية والمحاضرات التي تتضمن الملازم الحوثية الخمينية.
وصرّح حقوقيون ورياضيون لـ«الشرق الأوسط» بأن ميليشيات الحوثي تقيم الفعاليات والأنشطة لاستقطاب النشء والشباب صغاراً وكباراً من خلال اللقاءات والاجتماعات والبطولات والدوريات الرياضية التي تقيمها في كل الأحياء والمربعات السكنية خلال شهر رمضان.
ويضيف الحقوقيون والرياضيون: «تتنوع الأنشطة الرياضية التي تقيمها الميليشيات خلال شهر رمضان في مختلف الألعاب مثل كرة القدم والطائرة والشطرنج والبلياردو والسنوكر».
ويكشف عاقل حارة بصنعاء، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدوري والبطولات التي تقيمها الميليشيات تضم الفئات العمرية المختلفة من كبار وشباب وناشئين وبراعم كما أن أغلب البطولات تقام من قِبل الأندية أو الهيئات الرياضية، مؤكداً أن عملية الإشراف على هذه الألعاب تتم من قِبل ما تسمى المكاتب الإشرافية أو الدوائر التربوية التابعة للجماعة الحوثية.
ويشير أبو حمزة النهاري وهو أحد الآباء في حي حدة جنوب غربي العاصمة صنعاء، إلى أن الحوثيين يقومون بتسمية البطولات الرياضية الرمضانية بأسماء الذين قُتلوا من أتباعهم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تحاول الجماعة ترسيخ أسماء ومصطلحات معينة في عقول المواطنين وبخاصة الشباب والنشء إذ تسمي الفرق المشاركة في بعض هذه البطولات بأسماء من قبيل (المقاومة، الصمود، التحدي، الثبات، الكرامة) إلى غير ذلك من الأسماء».
في السياق نفسه يقول إسماعيل الريمي: «أغلب البطولات تشهد مشاركة فرق تحمل أسماء قتلى وقيادات حوثية وبعضهم كانوا رياضيين ولكنهم قُتلوا وهم في صفوف الجماعة».
وحسبما أفاد به مسؤولون رياضيون سابقون في صنعاء فإن الجماعة «تقيم ندوات ومحاضرات ثقافية في معظم الأندية والأحياء وقاعات الأعراس بشكل إلزامي في مناطق سيطرة الميليشيات، وغالباً ما تكون خطب الحوثي ومحاضراته هي بيت القصيد في الاجتماعات».
وتجلب الميليشيات الحوثية المراهقين والشباب والأطفال إلى فعالياتها الرياضية، ويقول «سمير. و» وهو شاب في العشرينات من منطقة بني الحارث شمالي صنعاء: «بعد أن نجتمع يقوم المشرف بتقسيمنا إلى فئتين أو ثلاث ويوزّعنا على فرق ومن ثم يبدأ الدوري سواء في كرة القدم أو كرة الطائرة».
ويضيف: «يشددون علينا ضرورة العودة في الليل لحضور الأمسيات وهي ملزمة لكل اللاعبين وإلا سوف نُستثنى من التكريم أو نُدرج في قائمة الاحتياط خلال اللعب».
من جهته يوضح أبو أشرف، وهو عضو في المجلس المحلي بالأمانة، أنه يتم إلزام أعيان الحي وكبار التجار وأعضاء المجالس المحلية بتبني الدوريات الرياضية والتكفل بتنظيمها والتبرع بمبالغ مالية لإقامتها، ويقول: «يقع على عقال الحارات مهمة حشد الشباب والمراهقين والأطفال وطمأنة الأهالي حتى يسمحوا لأولادهم بالمشاركة، فيما يتكفل الأعيان والتجار بنفقات الدوريات من خلال تحمل قيمة الملابس للاعبين ومتطلبات الأمسيات ومكافأة الفائزين والخطباء الحوثيين الذين سيقومون بالتوعية».
ويشكو أبو أحمد السياني، وهو تاجر، من ابتزاز الجماعة الحوثية ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «جاء رمضان وزادت متطلبات جماعة الحوثي، فمن ضرائب ودعم للمجهود الحربي إلى ابتزاز وواجبات زكوية وسلال غذائية ودعم أنشطة رياضية وأمسيات». ويعلق مضيفاً: «كل التبرعات والفعاليات هدفها دعم الجبهات بالمال والمقاتلين والقوافل الغذائية».
ويقول أبو شهاب، وهو خطيب جامع في مديرية معين بأمانة العاصمة: «يعد شهر رمضان موسماً مهماً لدى الميليشيات الحوثية ليس للعبادة بل لتجييش المراهقين والشباب والزج بهم إلى الجبهات»، كما يكشف أن قادة الجماعة في الأحياء «يبلغون السكان بأن الأمسيات واللقاءات والملتقيات ستناقش الجوانب الخدمية والاحتياجات من أجل تخفيف معاناة المواطنين وتوزيع المساعدات لكن عندما تقام الأمسية تتم مناقشة تعزيز أداء تحصيل الزكاة ورفد الجبهات بالمقاتلين».
ويؤكد أحد المدربين الرياضيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الأمسيات الحوثية والملتقيات تتضمن عدداً من الفقرات وتبدأ بسرد ملاحم الميليشيات المزعومة في الجبهات مروراً بأهمية دعم الجماعة وعناصرها والتضحية بالمال والنفس وصولاً إلى التعريف بقداسة زعيم الجماعة وأحقيته في الحكم السلالي الطائفي أو ما تسميها الجماعة «الولاية».
ويكشف «أ.م» وهو في الثامنة عشرة من عمره لـ«الشرق الأوسط» أنه تم استقطابه ليشارك في دوري كرة السلة بحي التحرير ويقول: «نستفتح ونختتم الملتقى بـ(الصرخة الحوثية) وما بينهما تُلقى قصائد حماسية وخطب عن كرامة قتلى الجماعة وأهمية استشعار المسؤولية لرفد الجبهات».
ويستنكر إمام أحد الجوامع بحي السنينة غرب العاصمة -فضل عدم ذكر اسمه- من الممارسات التي تنتهجها ميليشيات الحوثي قائلاً: «يتم منعنا من إقامة صلاة التراويح في الوقت الذي يذهبون لإقامة أمسيات (زوامل) وقصائد وخطب لاستدراج الشباب».
ويضيف إمام الجامع: «يستغل الحوثيون الفراغ والفقر الذي يعاني منه المراهقون والشباب ويستدرجونهم إلى الدوريات الرياضية ومنها إلى اللقاءات التي يعقدونها وبعدها إلى الجبهات».
وتعاني الأسر التي لا تسمح لأبنائها بالانخراط في فعاليات أنشطة الجماعة الحوثية من تعنت الميليشيات؛ ويسرد أبو عمرو، وهو أب لثلاثة أبناء مراهقين، معاناته في هذا الجانب، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منعت أبنائي من الالتحاق بالدوري الرياضي والأمسيات التي تنظمها الميليشيات في الحي فأرسلوا عاقل الحارة ليطمئنني ويحثني على الدفع بأبنائي للمشاركة وعندما رفضت محاولاتهم حرموني من الحصول على حصتي من غاز الطهي الذي يوزّع عبر المشرفين في الحارات».
وتحكي أم أنس مأساتها هي الأخرى وتقول: «شارك ابني مع الحوثيين في رمضان السابق بمباريات كرة القدم وعندما فاز فريقه أعطوه 10 آلاف ريال وبعد العيد قال لي إنه ذاهب في رحلة ومن حينها لم أره حتى الآن».
وتقوم ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً بتجنيد الأطفال والزج بهم إلى الجبهات وتتعدد أساليب الاستقطاب، فمنها ما يعتمد على المشايخ القبليين وعقال الحارات، ومنها ما يتطلب إقامة فعاليات وأنشطة حيث يتم استدراجهم والتغرير بهم.
وتضم أمانة العاصمة صنعاء وحدها عشر مديريات وتحتوي كل مديرية على عشرات الأحياء، وكل حي بدوره يتكون من حارات عبارة عن مربعات سكانية فيما تتكون محافظة صنعاء (أرياف العاصمة) من 16 مديرية يعمل الحوثيون فيها ليل نهار على استقطاب الشباب والمراهقين إلى الجبهات، حسبما يؤكده السكان.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.