«إكسون موبيل» تجلي موظفيها من البصرة

العراق يخفف من وطأة الإجراء

TT

«إكسون موبيل» تجلي موظفيها من البصرة

في وقت نفى فيه مجلس محافظة البصرة، جنوب العراق، الأنباء التي تحدثت عن إجلاء شركة «إكسون موبيل» الأميركية العملاقة موظفيها من حقل القرنة، جنوب البلاد، فإن رئيس شركة نفط الجنوب قلل من وطأة هذا الإجراء الذي وصفه بالوقتي والاحترازي على عمل الشركة.
كانت «إكسون موبيل» قد بدأت في وقت متأخر أول من أمس بإجلاء موظفيها على دفعات، واستمر الإجراء حتى صباح أمس. وطبقاً لوكالات الأنباء العالمية، فإن موظفي الشركة توجهوا إلى مقر الشركة في دبي، بينما توجه البعض الآخر إلى مقر شركة نفطية أجنبية في مدينة البصرة، غير أن مسؤولين عراقيين أكدوا من جانبهم أن الإنتاج في الحقل لم يتأثر بالإجلاء، وأن العمل يسير بوتيرة طبيعية، ويتولى مسؤوليته مهندسون عراقيون.
من جهته، أعلن رئيس شركة نفط الجنوب، إحسان عبد الجبار، أن «قرار شركة (إكسون موبيل) الأميركية إجلاء موظفيها الأجانب من حقل غرب القرنة 1 النفطي هو إجراء احترازي ومؤقت»، مشيراً إلى أن «الحقل لا يزال يعمل بكامل طاقته، وينتج 440 ألف برميل يومياً».
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارة النفط حريصة على توفير بيئة آمنة لعمل الشركات النفطية الأجنبية، بما في ذلك الحفاظ على العاملين فيها من كل الجوانب». وفيما لم يشر جهاد إلى ما إذا كانت الشركة قد أجلت موظفيها أم لا، فإنه أكد أن «العاملين في الشركات النفطية العالمية لا يواجهون أي مشاكل أو تهديدات».
وكانت الحكومة العراقية قد تعاقدت مع شركة «إكسون موبيل» الأميركية و«بتروتشانيا» الصينية من أجل تطوير ما أطلق عليه مجلس الوزراء العراقي تسمية مشروع الجنوب المتكامل الذي يتكون من بناء خطوط أنابيب نفطية ومنشآت تخزين ومشروع لضخ مياه البحر من الخليج إلى حقول النفط للحفاظ على الضغط لزيادة معدلات الإنتاج، ورفع قدرات العراق التصديرية.
إلى ذلك، دعا السفير الأميركي الجديد لدى العراق، ماثيو تولر، أول من أمس، إلى ضرورة حماية العراق من التدخلات الخارجية، ومن تهديدات إيران. وقال تولر، في تصريح أدلى به للصحافيين بعد مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على منصبه، إنه «يتعين أن نستمر في عملنا في حماية العراق من التدخلات الخارجية، ومن تهديدات إيران»، وأضاف أن العراق على مقربة من أن يصبح حطب الحرب بين أميركا وإيران.
وصادق مجلس الشيوخ على ترشيح الرئيس دونالد ترمب لتولر سفيراً للولايات المتحدة في بغداد. وكان تولر يشغل منصب السفير الأميركي لدى اليمن لخمس سنوات، قبل أن يترك منصبه منذ أيام قليلة ليستعد لمنصبه الجديد، في وقت تتصاعد فيه وتيرة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد طالبت موظفيها «غير الأساسيين» في سفارتها في بغداد بمغادرة العراق، مؤكدة أن لدى الحكومة الأميركية قدرة محدودة على توفير خدمات الطوارئ للمواطنين الأميركيين في العراق.
إلى ذلك، ناقش البرلمان العراقي خلال جلسته أمس ما سماها الاعتداءات الأميركية على القوات الأمنية في كركوك. وقررت رئاسة البرلمان استضافة عدد من كبار قادة الجيش، وهم رئيسا مكافحة الإرهاب والعمليات المشتركة، وقائد الشرطة الاتحادية، ومن يخوله القائد العام للقوات المسلحة، وممثل «الحشد الشعبي»، بهدف معرفة طبيعة الاعتداءات التي تعرضت لها القوات الأمنية في محافظة كركوك من قبل القوات الأميركية. وكانت طائرة أميركية قد قصفت في 29 أبريل (نيسان) 2019 سيطرة تابعة للشرطة الاتحادية في ناحية الرياض بكركوك، الأمر الذي أدى إلى مقتل وجرح عدد من أفراد السيطرة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم