تونس: برلماني يتهم نقابيين بالتورط في ملفات «فساد ضخمة»

TT

تونس: برلماني يتهم نقابيين بالتورط في ملفات «فساد ضخمة»

اتهم عماد الدايمي، النائب في البرلمان التونسي عن حزب «حراك تونس الإرادة» المعارض، نقابيين ينتمون إلى الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) بالتورط في «ملفات فساد من العيار الثقيل» على حد قوله، وهي اتهامات نفاها نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، بشدة، وطالب الدايمي بتقديم الأدلة والحجج التي تدعم اتهاماته.
وخلّف هذا الاتهام حرباً كلامية بين الطرفين، إذ طالب الطبوبي البرلمان برفع الحصانة البرلمانية ونزع صفة نائب في البرلمان عن عماد الدايمي إذا ثبت أن اتهاماته للنقابيين باطلة. غير أن الدايمي رد على رئيس نقابة العمال بقوله: «سنطلب من الاتحاد العام التونسي للشغل نزع صفة الأمين العام عن نور الدين الطبوبي إذا ثبتت الاتهامات للنقابيين الفاسدين، وهي ثابتة»، على حد تعبيره.
وفي رده على اتهام النقابيين بالفساد، قال الطبوبي: «إذا ثبت تورط أي نقابي في الفساد فلن يكون له مكان في اتحاد الشغل». مشيراً إلى أنه اتصل بعماد الدايمي، وطلب منه أن يقدم لنقابة العمال ملفات الفساد التي تورط فيها نقابيون، لكنه لم يقدم له شيئاً حتى الآن، على حد قوله.
واتهم الطبوبي عدة منظمات بتشويه النقابيين، ومن ورائهم «اتحاد الشغل»، واعتبر أن ما يتم الترويج له ثبت عدم صحته بعد التحقيقات الداخلية، وتابع موضحاً: «النقابيون ليسوا فوق القانون، ولكن لن نقبل بتشويههم».
في السياق ذاته، أكدت منظمة «أنا يقظ»، وهي منظمة حقوقية مستقلة، في أحدث تقرير لها، أن أكثر من 160 نقابياً يتوزعون على مختلف النقابات الأساسية بـ«شركة نقل تونس» (شركة حكومية)، يحصلون على ثماني ساعات عمل «وهمية» بصفة يومية، منذ ما يقارب سنة ونصف السنة. وأكدت في تقريرها تمتع 14 موظفاً يعملون في مستودع للحافلات بمنطقة باب سعدون بالعاصمة التونسية بأجور لمدة سنة تقريباً دون أن يمارسوا عملهم بصفة فعلية ودون اقتطاع يوم غياب واحد من أجورهم. كما أشارت إلى حصول تجاوزات كبيرة من بينها ممارسة أحد النقابيين عملاً آخر مع تقاضيه أجوراً ومنحاً مالية من «شركة نقل تونس».
وأفادت هذه المنظمة بأن مجموع الخسائر الماليّة التي تتكبّدها الشركة بسبب عدم مزاولة الموظفين، وهم أعضاء النقابة الأساسيّة التابعة لاتحاد الشغل، لمهامّهم، تقدّر بنحو 3.5 مليون دينار تونسي (نحو 1,2 مليون دولار) سنوياً، دون احتساب المنح والامتيازات المالية التي يتمتعون بها.
على صعيد متصل، أعلن رئيس نقابة العمال أن الاتحاد سيعرض برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً على منصة إلكترونية بداية شهر يونيو (حزيران) المقبل. مبرزاً أن هذا البرنامج سيُعرض على التونسيين لبسط الأولويات التي يدافع عنها الاتحاد وخياراته، وسيمثل الأرضية للتقاطعات الممكنة مع عدد من الأحزاب السياسية التي ستخوض غمار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة في الثلث الأخير من السنة الحالية.
ويأتي هذا البرنامج بعد أن عبّر عدد من النقابيين عن نيتهم الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة في قائمات انتخابية مستقلة بعدة دوائر انتخابية، من بينها على وجه الخصوص سوسة وصفاقس، كبرى المدن التونسية.
كان الاتحاد العام التونسي للشغل قد لوّح في عدة مناسبات بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، سواء عن طريق ترشيح قائمات انتخابية نقابية، أو دعم أحزاب سياسية تتقاطع معه في البرامج الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت أحزاب سياسية مشاركة في الائتلاف الحاكم قد اتهمت اتحاد الشغل بالانغماس في العمل السياسي، على حساب الدفاع عن المطالب المهنية لمنخرطيه. وأعادت تلك الأحزاب نفس الاتهامات بعد أن عبر اتحاد الشغل خلال الفترة الأخيرة عن استعداده لنشر أكثر من ألف مراقب لمتابعة عمليات الاقتراع خلال الانتخابات المقبلة، وأكد أنه أعدّ برنامجاً لتكوين هؤلاء المراقبين من الناحية القانونية ليسهموا في ضمان مراقبة الانتخابات، وشفافية عمليات الاقتراع.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».