معارك طاحنة في الجولان.. وإسرائيل تعلن أن الدرون التي أسقطتها «إيرانية»

الفلبين تتهم قائد قوّة «أندوف» بدعوة جنودها إلى الاستسلام للمسلحين

صورة ملتقطة من الجانب الإسرائيلي لجنود سوريين خلال معارك في هضبة الجولان مع عناصر جبهة النصرة أمس (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من الجانب الإسرائيلي لجنود سوريين خلال معارك في هضبة الجولان مع عناصر جبهة النصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك طاحنة في الجولان.. وإسرائيل تعلن أن الدرون التي أسقطتها «إيرانية»

صورة ملتقطة من الجانب الإسرائيلي لجنود سوريين خلال معارك في هضبة الجولان مع عناصر جبهة النصرة أمس (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من الجانب الإسرائيلي لجنود سوريين خلال معارك في هضبة الجولان مع عناصر جبهة النصرة أمس (أ.ف.ب)

اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام السوري ومسلحين معارضين أمس، في هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث سيطرت «جبهة النصرة»، الأسبوع الماضي، على معبر القنيطرة الذي كانت تديره الأمم المتحدة، وذلك في محاولة من الجبهة لإنهاء أي وجود لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في المنطقة وطرد المراقبين الدوليين، وفق ما قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.
وفيما لا تزال المفاوضات مستمرة لإطلاق سراح 44 عنصرا من قوات حفظ السلام من «فيجي» كانوا اختطفوا الخميس الماضي في أعقاب اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة السورية، بدا لافتا أمس مطالبة قائد الجيش الفلبيني بإخضاع قائد قوّة الأمم المتحدة (أندوف) في الجولان للتحقيق، متّهما إياه بأنّه طلب من الجنود الفلبينيين الذين كانوا محاصرين في مركزهم، تسليم أسلحتهم للمعارضة، مقابل الإفراج عن المختطفين من «فيجي».
ونقلت وكالة الأسوشييتدبرس عن غريغوريو كتابنغ قوله: «أمرتهم بعدم الاستسلام ورفض الخضوع لأوامر قائد قوّة الأمم المتحدة، وهذا ما قاموا به، لأن هذا الأمر يتعارض مع الأدبيات العسكرية، كما أنّ سلامتهم لن تكون مضمونه إذا سلّموا سلاحهم». وأشار إلى أنّ هذا الطلب قد يكون يهدف إلى إطلاق سراح العناصر المختطفين من فيجي. في المقابل، مضيفا: «فليبحثوا عن وسيلة أخرى للإفراج عنهم».
وكان عشرات الجنود الفلبينيين العاملين ضمن قوات الأمم المتحدة في الجولان، تمكّنوا أوّل من أمس، من تنفيذ «عملية هروب كبرى» من مسلحي «النصرة» الذين كانوا يطوقون مركزهم.
وأقرّت «جبهة النصرة»، أوّل من أمس، بوقوفها وراء احتجاز 44 جنديا من دولة فيجي، يعملون ضمن إطار قوة الأمم المتحدة، مرجعة السبب إلى ما سمته «تواطؤا» بين القوات الدولية والقوات الحكومية السورية، ومؤكدة أن «المحتجزين في مكان آمن، وفي حالة صحية جيدة، ويقدم لهم ما يحتاجونه من طعام وعلاج». ورغم اشتداد المعارك على جبهة الجولان، لم ينجح النظام في استعادة «معبر القنيطرة» بينما نفذت «النصرة» أمس، هجوما على بلدة الحميدية الواقعة على الحدود في محاولة للسيطرة على البلدة، وفق ما أكّد مدير المرصد السوري لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنّ الاشتباكات في الجولان استمرت من الصباح حتى ظهر أمس، وأدّت إلى وقوع إصابات مؤكدة في صفوف «النصرة» و«الكتائب الإسلامية» والنظام.
من جهتها، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن «معارك عنيفة وقعت بين مسلحي المعارضة السورية وقوات النظام السوري على بعد مئات الأمتار من المنطقة العازلة التي تفصل بين سوريا والمنطقة من الجولان التي تحتلها إسرائيل». وأشارت إلى أنّ الجانبين تبادلا إطلاق قذائف الهاون والصواريخ وإطلاق النار من الدبابات في وقت مبكر من صباح أمس ومنع الجيش الإسرائيلي الوصول إلى عدة أماكن في المنطقة وأعلنها مناطق عسكرية مغلقة.
وأمكن سماع تبادل لإطلاق نيران الأسلحة الصغيرة وانفجار قذائف مورتر من الجانب الإسرائيلي، الذي كان يراقب الأوضاع بحذر، كما أمكن مشاهدة القوات التي تتبادل إطلاق النار بوضوح، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز»، لافتة إلى مشاركة دبابة واحدة على الأقلّ من قوات النظام في القتال.
ويتمركز جنود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجولان لمراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا منذ 1975، ويبلغ عددهم 1252 جنديا من 6 دول هي فيجي والهند وأيرلندا ونيبال وهولندا والفلبين.
وأنشئت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بموجب قرار مجلس الأمن 350 عقب فض الاشتباك الذي اتفقت عليه القوات الإسرائيلية والسورية على الجولان.
وفي سياق متصل، قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الطائرة من دون طيار التي نجحت القوات الجوية الإسرائيلية بإسقاطها، أول من أمس، من خلال صاروخ باتريوت بعد أن دخلت المجال الجوي الإسرائيلي من الحدود الشمالية مع سوريا، تبين أنها «إيرانية».
ونقلت القناة العبرية الثانية عن مصادرها أن هذه الطائرة من طراز «يسير» التي صنعت في إيران خلال سبتمبر (أيلول) 2013، مبينةً أنه جرى اعتراضها في أجواء القنيطرة لحظة دخولها الحدود الإسرائيلية دون إحداث أي أضرار.
وأشارت القناة إلى أن هذا النوع من الطائرات بإمكانه التحليق على ارتفاع أكثر من 1.5 كم، مع ثماني ساعات قدرة على الطيران والتحليق في دائرة مداها 200 كلم، ورجحت أنها صنعت بعد أن استولى الجيش الإيراني على طائرة أميركية في ديسمبر (كانون الأول) 2012.
ولفتت إلى أن المعارضة السورية تمكنت من السيطرة على مثل هذه الطائرات دون طيار في أكثر من منطقة في سوريا، وأن أحد النواب اللبنانيين اتهم حزب الله اللبناني باستخدام هذه الطائرات سابقا في محاولة لاغتياله.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، قال في وقت سابق أمس، إن اعتراض الطائرة من قبل نظام الدفاع الجوي «أثبت مرة أخرى يقظة قواته في اعتراض مثل هذه الطائرات»، مؤكدا أن إسرائيل «لن تتسامح مع أي انتهاك لسيادتها أو أي محاولة لإيذاء الإسرائيليين وجنود الجيش سواء عن قصد أو غير قصد».
ورجح ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري أطلق الطائرة وأنها ربما دخلت بالخطأ المجال الجوي الإسرائيلي.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».