زعيم «الشيوعي» السوداني: جذورنا ممتدة شعبياً... و«الماركسية» صالحة منهجاً للحكم

الخطيب قال لـ«الشرق الأوسط» نريد أن نحقق خلال الفترة الانتقالية تطلعات الثوار وليس من هزمناهم

محمد مختار الخطيب
محمد مختار الخطيب
TT

زعيم «الشيوعي» السوداني: جذورنا ممتدة شعبياً... و«الماركسية» صالحة منهجاً للحكم

محمد مختار الخطيب
محمد مختار الخطيب

وجه سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني؛ محمد مختار الخطيب، اللوم للمجلس العسكري الانتقالي، بعد سقوط قتلى وجرحى من المواطنين في ساحة الاعتصام، خلال الأيام الماضية، وطالبه بفتح تحقيق شفاف لمعرفة الجهات المتورطة في الأحداث، على أن تشارك في التحقيقات قوى الحراك الثوري.
ورأى الخطيب أن امتناع المجلس العسكري الذي يسيطر على السلطة عن «اعتقال رموز النظام البائد وحل ميليشياته»، التي كانت هددت علانية بقمع المحتجين، وراء ما حدث من تفلتات أمنية.
وقال الخطيب في حوار مع «الشرق الأوسط» إن حزبه لا يزال موجوداً وسط الناس، «وكل يوم يزداد نفوذاً، والشعب يعرفنا تماماً». وأضاف: «بعد تجربة 30 عاماً من حكم الإسلاميين ظهر من هو الذي قلبه على بلاده وشعبه ومن قلبه على نفسه». وأكد الخطيب أيضاً أن النظرية الماركسية ما زالت صالحة منهجاً للحكم، ولم يستبعد أن تحكم السودان من جديد. ونفى أن يكون حزبه هو من يقود حراك الشارع، قائلاً إنها ثورة الشعب بكل أطيافه، و«الشيوعي» جزء منها. في المقابل قال إنه «لن يترشح لأي منصب في الفترة الانتقالية»، لأن الحكومة المقبلة هي حكومة كفاءات وليست للمحاصصات الحزبية. وأضاف: «نريد أن نتفرغ خلال الفترة المقبلة لتأهيل وتنظيم حزبنا استعداداً لمرحلة ما بعد الحكومة الانتقالية».

> السودان يمر بمرحلة في غاية التعقيد... إلامَ ترجع هذه الحالة؟
- هي في إطار الصراع بين قوى الثورة، والنظام البائد... كل يعمل من أجل أن يكون التغيير المقبل في صالحه. سلاح الثوار، هم الجماهير، ويريدون أن تبقى الانتفاضة، متقدة... وأن يبقى الزخم الثوري ممتداً؛ ولا يزال سلاح العصيان المدني والإضراب السياسي مطروحاً من أجل كسب الجولة مع المجلس العسكري الانتقالي، الذي يسيطر على السلطة ويملك أجهزة وأدوات القوة.
نلوم المجلس العسكري، لأنه لم يعمل على حل أجهزة النظام السابق ولم يعتقل أو يتحفظ على قيادته أو تفكيك ميليشياته، رغم التهديدات المباشرة والصريحة من رموز النظام البائد، وتهديدهم بقتل المحتجين. لذلك نحن نرى أن المجلس العسكري الانتقالي يتحمل مسؤولية إزهاق الأرواح، والدماء التي سفكت خلال الأيام الماضية، ونطالبه بتحقيق شفاف تشارك فيه قوى الثورة من أجل معرفة الحقيقة... لأننا لا نريد توزيع الاتهامات إلى الجيش والدعم السريع، من دون دليل واضح.
> هل لديكم تسريبات أو معلومات عمن يقف وراء مقتل وإصابة المعتصمين في الفترة الأخيرة؟
- كل المؤشرات تشير إلى أيادي النظام البائد، الذي استعمل كل قواه لإخماد الانتفاضة، ولكنه فشل وكانت وسيلته الوحيدة أن يخلع الرئيس، ويأتي بقوى تواصل مسار النظام السابق، والحفاظ على مكتسباته وإجراء انتخابات سريعة للعودة إلى الحكم مرة ثانية. ورغم ذلك نريد أن يجري تحقيق شفاف لمعركة الحقيقة كاملة ومحاكمة المقصرين.
> أنتم إذن تعتقدون أن هناك قوى تعرقل مسار الثورة...
- كل الذي يجري حالياً يوضح ذلك، نحن لم نرَ أي خطوات جادة تجاه قصقصة أجنحة النظام السابق، ولا تزال الدولة العميقة وكتائب الظل وميليشيات وأجهزة النظام الأمنية موجودة، وتعمل على إجهاض الثورة.
> تصفية الدولة العميقة... هل هي من مهام العسكر أم الحكومة الانتقالية المقبلة؟
- المجلس العسكري الانتقالي الآن في السلطة وعليه فعل شيء... ولكن في المقابل نحن نرى وإلى حد ما، أن المجلس العسكري الذي يمثل اللجنة الأمنية العليا، التي كونها الرئيس المخلوع، هو جزء من النظام السابق، لذا نولي أهمية كبرى على القوى الثورية من أجل استكمال الثورة، والوصول بها إلى غاياتها النهائية، وهدفنا هو تفكيك وتصفية الدولة العميقة، هذا هو مقصد الانتفاضة منذ أن بدأت، وهي انتفاضة تحمل في طياتها كل القضايا العالقة منذ استقلال السودان في عام 1956 وحتى يومنا هذا، وبالتالي ليس من السهل إخماد هذه الانتفاضة، وستأخذ طريقها إلى الآخر، وستكون الغلبة في المفاوضات للقوى الثورية وسيتم تحقيق مطالبهم.
> «الشيوعي» من أكثر الأحزاب الرافضة لوجود العسكريين في السلطة الانتقالية...
- رؤيتنا في الحزب الشيوعي أن تكون الحكومة المقبلة مدنية كاملة، ولكن الحزب لديه تحالفات مع قوى أخرى، ونحن نلتزم بما يتم التوصل إليه في تلك التحالفات، نحن مع مجلس سيادة رمزي يمثل فيه العسكريون، أما الحكومة التنفيذية والمجلس التشريعي فيجب أن يكونا بإرادة قوى الحرية والتغيير.
> هل لديكم مرشحون في مستويات السلطة الانتقالية؟
- بالتأكيد لدينا مرشحون، ونحن نعمل في إطار التحالف العريض، وتقدمنا بأسماء مرشحين من الحزب إلى لجنة قوى الحرية والتغيير التي تقوم بتطبيق المعايير الموضوعة على مرشحي الأحزاب في المناصب.
> هل تم ترشيحك لأي منصب في الحكومة الانتقالية؟
- لا، لم أرشح لأي منصب، نريد أن نتفرغ خلال الفترة المقبلة لتأهيل وتنظيم حزبنا استعداداً للمراحل المقبلة.
> هل سيدفع «الشيوعي» بقيادات وسيطة أو حليفة في الحكومة الانتقالية؟
- الحكومة المقبلة للكفاءات وليست للمحاصصات، نحن تقدمنا بأسماء مرشحين من الكفاءات.
> يكثر الحديث أن الحزب الشيوعي هو من يقود الشارع الآن...
- هذا تقليل من شأن هذه الثورة... هذه ثورة شعب كامل جاءت نتيجة لتراكم نضالي منذ عام 1989، أسهم فيه الشيوعيون مع غيرهم، قدم الجميع تضحيات كبيرة؛ من قتل وتعذيب وتشريد، لا يمكن لأي جهة أن تقول إن هذه ثورتها، هي ثورة جماهير الشعب ضد المظالم التي حدثت في البلاد، كل هؤلاء يشاركون في الثورة، ولا يمكن القول إن الحزب الشيوعي هو وحده من قام بها.
> إلى أي مدى الحزب الشيوعي مستعد للتحول الديمقراطي؟
- عملنا في ظروف سرية وصعبة في كل العصور الديكتاتورية من عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود، مروراً بنظام النميري من تحت الأرض، ومن فوقها... اعتقلت أعداد كبيرة من الشيوعيين؛ ولكن في كل مرة يخرجون أكثر قوة وثقلاً وسط الجماهير، لأن جذور الحزب الشيوعي مغروسة تماماً في هذا الشعب وعلى أرضه، ونفوذنا وسط الجماهير لا يزال كبيراً. وسنحاول أن نبني على ما هو موجود، وسندعو إلى مؤتمر دستوري جامع في نهاية الفترة الانتقالية، التي أردناها طويلة، لأن القضايا الحالية لا يمكن أن يحلها برنامج حزب واحد، وهي تهم كل الشعب، وبما أن الأحزاب تعبر عن طبقات وفئات الشعب، فبالضرورة أن يحمل البرنامج الذي سينفذ خلال سنوات الانتقال تطلعات هذه القوى.
> كثيرون يتساءلون لماذا تصرون على فترة انتقالية طويلة؟
- جربنا فترات انتقال قصيرة بعد ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985، فالحكومات التي تأتي بالانتخابات بعدها، تقوم بتنفيذ برامج خاصة بها، لا برامج وطنية، ولا تمثل شعارات الثورة؛ وبالتالي دخلنا في الدائرة الشريرة؛ حكومة ديمقراطية يعقبها انقلاب عسكري... ثم ثورة شعبية تعقبها فترة انتقالية قصيرة ثم انقلاب آخر. وبالتالي علق كثير من القضايا الوطنية الحيوية. نريد أن نستفيد من طول الفترة، لعقد مؤتمر دستوري قومي يشارك فيه كل أهل السودان، نتوافق فيه على كيفية حكم السودان، وهذا هو الذي يؤدي إلى استدامة الديمقراطية في البلاد، ويرسخ التداول السلمي للسلطة.
> لماذا يعقد المؤتمر الدستوري بنهاية الفترة الانتقالية وليس في بداياتها؟
- حتى تكون البيئة مهيأة تماماً؛ فقضايا السودان معقدة وشائكة وتحتاج إلى ابتدار نقاش واسع وسط الجماهير للوصول إلى المؤتمر، ونحن جاهزون، ولكن إذا عقد المؤتمر في بداية الفترة الانتقالية مع هذه الأزمات والصراعات القبلية والفتن سيزيد من الخلافات والصراعات، لذلك لا بد أن تتعافى النفوس أولاً.
> الشباب قادوا ثورة تاريخية... أين هم الآن في برامج الأحزاب وهناك من ينادي بإنشاء حزب خاص بهم؟
- الشباب يمثلون 60 في المائة من الشعب السوداني، والبرامج المطروحة الآن من الأحزاب كلها بما فيها الحزب الشيوعي، تنادي بمشاركة الشباب واستيعابهم في برامجها... لكننا لا نرى ضرورة لإنشاء حزب للشباب، هذا كلام غير واقعي، الشباب جزء من هذا المجتمع وموزعون إلى فئات وطبقات وشرائح، وكل له تطلعاته... يمكن للشباب أن يجدوا أنفسهم في الأحزاب الحالية، وبرنامج الحزب الشيوعي يرمي إلى الوصول إلى الديمقراطية الحقة، والاشتراكية، وكل من رأى أن تطلعاته تتماشى مع رؤيتنا يمكن أن يصبح عضواً فيه أو يكون صديقاً أو متحالفاً معنا.
> هناك اتهامات بأن الأحزاب السودانية متهمة بممارسة الديكتاتورية المدنية داخلها ولا تعطي الفرصة للشباب في القيادة...
- هذا الأمر ناتج عن تعاقب حكم الديكتاتوريات العسكرية في السودان خلال الـ50 عاماً الماضية، فالأبوية والوصاية موجودة في الموروث الثقافي، وفي الأحزاب التي تقوم على أساس طائفي وديني تجد هناك نخبة مسيطرة على قيادة الحزب، ولكن تغيرت الأوضاع الآن وأصبحت لها برامج ومؤتمرات، والحزب الشيوعي تأثر بالحكومات الديكتاتورية العسكرية، وتفاوتت أزمان عقد مؤتمراته، كما نعمل تحت ظروف ضاغطة، وعيب كبير أن ينادي حزب بالديمقراطية والتداول السلمي ولا يعقد مؤتمراته. وأكدنا ضرورة عقد المؤتمرات تحت كل الظروف، إذا كانت علنية أو سرية، عقدنا المؤتمر السادس، والآن بدأنا التحضير للمؤتمر السابع.
> لا يزال الحزب الشيوعي يواجه حملات ضده في الشارع، ويصفه البعض بحزب الصفوة المثقفة...
- لسنا حزباً صفوياً؛ نحن نمثل مصالح حزب الطبقات الكادحة؛ العمال والمزارعين. هناك من يريد استمالة الشعب ونهب خيراته وموارده لمصالحهم الخاصة، لذا يقومون بحملات ضدنا، ويستفيدون من الجهل بالشيوعية ويصفوننا بالإلحاد لإبعاد الشعب عنا، ولكننا نعيش وسط الناس وكل يوم نزداد نفوذاً، والشعب يعرفنا تماماً، وبعد تجربة 30 عاماً من حكم الإسلاميين ظهر من هو الذي قلبه على بلاده وشعبه ومن قلبه على نفسه.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ناقشنا داخل الحزب لنحدد أين كان الخطأ في الاشتراكية، هل هو في النموذج السوفياتي؟ هل في النظرية نفسها؟ وهل النظرية أداة غير صالحة لمعرفة واقعنا؟ وجدنا أن النظرية صالحة حتى الآن، لذلك اتخذنا النظرية الماركسية منهجاً لرسم البرنامج الذي يصلح مع الشعب السوداني.
> هل حسمت المواثيق الخلافات بين الأحزاب حول شكل الدولة خلال الفترة الانتقالية؟
- كل الأحزاب متفقة على حكومة انتقالية تؤسس للدولة المدنية الديمقراطية، تقوم المواطنة على أساس الحقوق والواجبات، ومن الطبيعي أن يحدث صراع، لأن تحالف قوى الحرية والتغيير يضم أحزاب المعارضة من اليسار واليمين، وكل حزب يخدم مصالح الفئات والقوى التي يمثلها، لذلك يحدث هذا التباين، ولكن في حالة الثورة، الجماهير هي التي تحسم الأمور.
> ألن تقبلوا بمشاركة الإسلاميين في الفترة الانتقالية؟
- نحن نريد أن نصفي ما صنعه الإسلاميون خلال 30 عاماً، لن يمنعوا من ممارسة نشاطهم السياسي، ولن يكونوا في الترتيبات الانتقالية التي نريد أن نحقق فيها تطلعات الثوار وليس من هزمناهم.
> تطبيق النظام البرلمان فشل في السابق وهناك الآن من ينادي بنظام رئاسي...
- الحزب الشيوعي مع النظام البرلماني لأنه يحقق قضية التنوع في الشعب السوداني، واحدة من أزماتنا عدم حل قضايا القوميات، حيث وقع ظلم كثير وازدراء ثقافي ديني وعرقي، لذلك يجب أن تمثل كل الجهات في مجلس السيادة الذي اقترحنا أن يعكس أقاليم البلاد الستة، بالإضافة إلى تمثيل المرأة.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.