مجلس الأمن قلق من تدهور الوضع في منطقة الساحل الأفريقي

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن كمين قتل فيه 28 جندياً من جيش النيجر، يوم الثلاثاء الماضي على الحدود مع دولة مالي، فيما عبر مجلس الأمن الدولي عن قلقه حيال استمرار «تدهور الوضع الأمني والإنساني» في منطقة الساحل الأفريقي. وفيما كان مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة، مساء أول من أمس، مخصصة لمناقشة الوضع الأمني في منطقة الساحل الأفريقي، أصدر تنظيم «داعش» بياناً تبنى فيه الكمين المسلح الذي تعرضت له وحدة من جيش النيجر قبل أيام، والهجوم الذي استهدف أحد السجون الكبيرة قرب عاصمة النيجر نيامي. بيان تبني التنظيم للهجوم نشرته «وكالة أعماق» الدعائية وصحيفة «النبأ» التابعتان للتنظيم، وتم توزيعه عبر حسابات على تطبيقات التواصل الاجتماعي، وجاء فيه: «نصب مقاتلو الدولة الإسلامية كميناً لقوة أمنية نيجرية في منطقة تنغو تنغو، بعد ملاحقتها مجموعات من مقاتلي الدولة الإسلامية كانت قد هاجمت قبل يوم سجناً في مدينة كوتوكالي».
وادعت صحيفة «النبأ» الأسبوعية الصادرة عن التنظيم الإرهابي أنه إثر هجوم السجن «قامت قوة أمنية بتعقب الإخوة في عربات مدرعة باتجاه منطقة الحدود مع مالي»، إلا أنها وقعت في كمين استهدف 50 جندياً، و«دارت اشتباكات قوية بين الطرفين استمرت نحو الساعتين في منطقة تنغو تنغو». وعثرت القوات الأمنية على جثث 28 جندياً ممن وقعوا في الكمين في منطقة تنغو تنغو، التي شهدت نهاية العام 2017 كميناً قتل خلاله أربعة جنود أميركيين وخمسة جنود نيجيريين، كانوا يلاحقون أحد قادة «داعش» في الصحراء الكبرى. وينشط في المنطقة التي وقع فيها الهجوم، على الشريط الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينافاسو، تنظيم يحمل اسم «داعش في الصحراء الكبرى»، وهو تنظيم يقوده المدعو «أبو الوليد الصحراوي» الذي قدم البيعة عام 2015 لزعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، منهياً سنوات من النشاط في صفوف تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب». وتبنى تنظيم «داعش» مؤخراً الكثير من الاعتداءات في أفريقيا، إن كان في النيجر أو نيجيريا أو الصومال، وتوسعت أنشطته لتشمل جمهورية الكونغو الديمقراطية والموزمبيق، هذا عدا عن مناطقه التقليدية في سوريا والعراق برغم خسارته كافة مناطق سيطرته فيهما، إلا أنه لا يزال قادراً على تحريك خلاياه النائمة. في غضون ذلك عبر مجلس الأمن الدولي في بيان مساء أول من أمس، عن قلقه من «استمرار تدهور الوضع الأمني والإنساني» في منطقة الساحل الأفريقي، ولكنه في الوقت ذاته تجاهل مطالبة دول الساحل بتشكيل «تحالف دولي» لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في هذه المنطقة من العالم.
إلى ذلك، أعربت الكويت عن قلقها البالغ إزاء تزايد الهجمات في منطقة الساحل بأفريقيا بعدما شهدت انتشاراً سريعاً للعنف، مؤكدة أن ذلك الأمر يظهر أهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التهديدات في المنطقة. ودعت الكويت في كلمة ألقاها المستشار بوفدها الدائم بالأمم المتحدة طارق البناي، خلال جلسة مجلس الأمن حول آخر التطورات المتعلقة بقوة الساحل المشتركة مساء أول من أمس المجتمع الدولي، إلى دعم التعاون للحيلولة دون اتساع رقعة أنشطة الجماعات الإرهابية.
بوركينافاسو التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة دول الساحل الخمس (موريتانيا، مالي، النيجر، بوركينافاسو وتشاد) أوفدت وزير خارجيتها ألفا باري إلى اجتماع مجلس الأمن محملاً برسالة واضحة من هذه الدول تقول فيها إن الحرب على الإرهاب في الساحل «يجب أن تتم معالجتها بدرجة التصميم نفسها التي سادت في العراق وأفغانستان»، وأوضح باري في حديثه أمام المجلس أن هذه المهمة «لن تنجح فيها (دول الساحل) بمفردها»، داعياً إلى تشكيل ما سماه «تحالفاً دولياً» لمحاربة الإرهاب في الساحل، مؤكداً أن الجماعات الإرهابية هناك «قوية وتهديدها يمتد إلى كل مكان».
مجلس الأمن في بيانه الختامي تجاهل الطلب الذي تقدمت به دول الساحل، ولم يتطرق إلى تشكيل أي «تحالف دولي» جديد، مكتفياً بالتعبير «قلقه العميق من استمرار تدهور الوضع الأمني والإنساني في منطقة الساحل»، كما عبر عن «إرادته في المساهمة في منع أي زعزعة للاستقرار» في الساحل عموما وبوركينافاسو على وجه الخصوص، وهي التي شهدت خلال الأسابيع الأخيرة الحظ الأوفر من الهجمات الإرهابية. في غضون ذلك قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا بينتو كيتا إن «القوة العسكرية المشتركة لمجموعة دول الساحل ليس بمقدورها أن تتحمل وحدها عبء المعركة ضدّ الإرهاب وتأمين استقرار المنطقة»، داعية مجلس الأمن الدولي إلى «توسيع الدعم اللوجستي» الذي تقدّمه الأمم المتحدة إلى هذه القوة العسكرية المشتركة التي أطلقت رسمياً قبل عامين ولكنّها لا تزال تعاني من مشكلات في التمويل والتجهيز والتدريب. وترفض الولايات المتحدة أي تورط للأمم المتحدة في تمويل هذه القوة العسكرية المشتركة، وهو نفس الموقف الذي تتبناه المملكة المتحدة أيضاً، بحجة أن الأمم المتحدة تتحمل من الأعباء المالية ما يكفي، ولكن الولايات المتحدة تحث على دعم دول الساحل في إطار العلاقات الثنائية، وقال المندوب الأميركي جوناثان كوهين إنّ «الدعم الثنائي هو أفضل وسيلة لمساعدة هذه القوة»، موضحا أنّ المساعدات الأميركية إلى الدول المعنيّة تصل إلى 111 مليون دولار.
ولكن المسؤول الأميركي اعترف بأن «الظروف الأمنية تستمر في التدهور» في منطقة الساحل وأنّ «انعدام الأمن يؤثر على مجمل غرب أفريقيا»، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر الذي أكد أنّ الوضع «يمثّل خطراً غير مسبوق على استقرار غرب أفريقيا بأكمله». وعاد السفير الفرنسي ليفتح النقاش حول نقطة مهمة وهي التفويض الأممي للقوة العسكرية المشتركة لدول الساحل، حين دعا إلى «تعزيز الدعم المتعدد الطرف» لمجموعة دول الساحل «عبر إصدار تفويض متين» من قبل الأمم المتحدة «وتنفيذ حزمة إجراءات لوجستية». وتعاني منطقة الساحل الأفريقي من انتشار جماعات إرهابية بعضها مرتبط بـ«القاعدة» والآخر بايع تنظيم «داعش»، وسبق أن سيطرت هذه الجماعات عام 2012 على مناطق واسعة من شمال مالي، قبل أن تتدخل فرنسا عسكرياً لطردها، وتوجد في مالي قوة عسكرية أممية قوامها 15 ألف جندي، بالإضافة إلى 4500 جندي فرنسي في إطار عملية برخان لمحاربة الإرهاب.