تعديل قانون الهجرة يفجّر جدلاً واسعاً في أميركا

لم تمضِ سوى ساعات قليلة على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ملامح خطته لتعديل قانون الهجرة إلى الولايات المتحدة، حتى اندلع جدل واسع داخل الأوساط السياسية المختلفة، حول هذه الخطة وتأثيرها على المجتمع الأميركي ونظام الهجرة في المستقبل. كما أثير كثير من التساؤلات حول تفاصيل نظام الهجرة الذي يسعى الرئيس الأميركي إلى تطبيقه، وتأثير ذلك على الاقتصاد أيضاً.
وانتقدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (كاليفورنيا) الخطة، وقالت إنها «ستكون ميتة عند الوصول»، في إشارة إلى عدم تمريرها في الكونغرس، مبرزة أن المهاجرين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة «لديهم أيضاً مهارات».
وكان الرئيس ترمب قد كشف النقاب، أول من أمس، عن خطته لتعديل نظام الهجرة وتحويله إلى نظام يقوم على المهارات، بدلاً من الاعتبارات الأسرية، كما هو معمول به حالياً.
بدورها، قالت السيناتورة الديمقراطية كاملا هاريس، المرشحة للرئاسة، إن خطة ترمب «ستخلق مستويات غير مقبولة من عدم المساواة بين المتقدمين، الذين يسعون للحصول على الجنسية الأميركية، وستحرم أولئك الذين يسعون إلى حياة أفضل من القدوم إلى الولايات المتحدة»، مضيفة: «لا يمكننا السماح للناس بالبدء في إيجاد تسلسل هرمي بين المهاجرين. نحن جميعاً متساوون... وتجب معاملتنا بهذه الطريقة»، واصفة اقتراح ترمب بأنه «قصير النظر».
من جهته، وصف زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر خطة البيت الأبيض بأنها «وثيقة سياسية»، و«إصلاح مضاد للهجرة». بينما أعرب السيناتور الديمقراطي ديك دوربين عن شكوكه في خطة ترمب وتأثيرها على مستقبل الهجرة. وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إن خطة البيت الأبيض «ليست مصممة لتصبح قانوناً. إنها تحاول توحيد الحزب الجمهوري... ولا أعتقد أنها مصممة للحصول على دعم ديمقراطي بقدر توحيد الحزب الجمهوري حول أمن الحدود، وهو موقف تفاوضي».
وطبقاً للنظام المقترح، فسيتم إعطاء الأولوية للمهاجرين ذوي المهارات العالية، على حساب المهاجرين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة بناء على الاعتبارات الأسرية. وسيتم في ظل النظام الجديد توفير تأشيرة تسمى «بناء أميركا»، كما أطلق عليها الرئيس ترمب، وترتكز على 3 معايير؛ هي الموهبة غير العادية، والمهن المهنية والمتخصصة، والطلاب الاستثنائيون.
وطبقاً للنظام الحالي فإن نحو 66 في المائة من البطاقات الخضراء (غرين كارد) يتم منحها لمن لديهم روابط أسرية، مقارنة بـ12 في المائة يتم منحها للمهاجرين على أساس المهارات، و22 في المائة من خلال التأشيرات الإنسانية وتأشيرة التنوع (اليانصيب). وبموجب الاقتراح الجديد، سترتفع نسبة العمالة والمهارة إلى 57 في المائة، و33 في المائة للأسرة و10 في المائة لكل شيء لا يدخل في هذه الخانات.
وقال مسؤول بالإدارة الأميركية، رفض الكشف عن هويته، إن الخطة تستهدف تحقيق 6 أهداف رئيسية متوازية؛ تأمين الحدود، وحماية الأجور الأميركية، وجذب والحفاظ على المهاجرين ذوي المهارات العالية، والتركيز على الهجرة القانونية للعائلات، وجذب العمالة الماهرة في الصناعات الحيوية، والحفاظ على القيم الإنسانية.
وانتقدت تيريزا براون، مديرة سياسة الهجرة والسياسة عبر الحدود في مركز السياسات في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مقترح ترمب، وقالت إنه سيؤثر بشكل كبير على عدد المهاجرين الشرعيين، الذين يدخلون الولايات المتحدة، وقالت بهذا الخصوص: «كم من الناس سيفي بمعايير النقاط الجديدة؟ وكم من هؤلاء يريد المجيء إلى الولايات المتحدة؟»، مشيرة إلى أن الإدارة قد لا تستطيع الوفاء بالأرقام الحالية للمهاجرين الشرعيين في ظل النظام الجديد إذا تم تطبيقه، علماً أن الولايات المتحدة تمنح حالياً نحو 1.1 مليون بطاقة خضراء سنوياً، بما في ذلك للأشخاص الذين يعيشون بالفعل في الولايات المتحدة بتأشيرات.
من جانبها، انتقدت ليزا كوب، مديرة الخدمات القانونية في المركز الوطني لعدالة المهاجرين، جوانب كثيرة من الخطة، بما في ذلك إخفاقها في التعامل مع الخاضعين لبرنامج «داكا»، وقالت في تصريحات أمس: «الخطة تجبر العائلات على التفريق، وتحد من إمكانية الوصول إلى اللجوء وغير ذلك من أشكال الإغاثة الإنسانية، ولا تفكر في طريق للحصول على المواطنة بالنسبة إلى الخاضعين لـ(داكا)، وغيرهم من أفراد المجتمع غير الشرعيين. من الواضح أنها حيلة سياسية تهدف إلى تعزيز الموقع بدلاً من حل المشكلات».
لكن السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض سارة هكابي ساندرز، قالت إن خطة ترمب «بها من المزايا ما يكفي لإرضاء الديمقراطيين»، مشيرة إلى أن رفض الديمقراطيين للخطة سيعطي فرصة للجمهوريين للضغط عليهم سياسياً. وقالت في برنامج «فوكس أند فريندز» صباح أمس: «الفرق الكبير بين الجمهوريين والديمقراطيين في هذه الحالة هو أننا قد حددنا بالفعل ما نريد، وما نريد أن نراه يحدث في نظام الهجرة لدينا».
وتركز الخطة على جانبين مهمين: تحديث أمن الحدود، وتعديل نظام التأشيرات لتكون على أساس الجدارة. ورغم أن بعض الديمقراطيين قد طالبوا منذ فترة طويلة بمثل هذه التغييرات، فإن معظمهم يؤيد بشكل كبير نظام التأشيرة القائم على الأسرة، ومن المؤكد أنهم سيطالبون بتنازلات من إدارة ترمب بشأن ذلك. وأحد العوامل الأخرى التي سيأخذها نظام الهجرة الجديد في الحسبان، بخلاف الجدارة والمهارة، هو العمر وكفاءة اللغة الإنجليزية وعروض التوظيف.
ويبقى السؤال الأهم في خطة ترمب أو في أي خطة للهجرة؛ هو ماذا ستفعل الإدارة مع نحو 11 مليون مهاجر يعيشون حالياً بصورة غير قانونية في الولايات المتحدة؟ لقد ظلت الإجابة الصعبة عن هذا السؤال أحد أهم الأسباب وراء عدم نجاح أي خطة سابقة لإصلاح نظام الهجرة الأميركي، علماً أنه خلال العام الماضي رفض مجلس الشيوخ 4 مقترحات للهجرة، بما في ذلك خطة دعمها البيت الأبيض، وحصلت على 39 صوتاً.