سعر النفط الروسي يبقى الأنسب لألمانيا

سعر النفط الروسي يبقى الأنسب لألمانيا
TT

سعر النفط الروسي يبقى الأنسب لألمانيا

سعر النفط الروسي يبقى الأنسب لألمانيا

تعدّ ألمانيا من أكثر الدول استيراداً للنفط على صعيد دول الاتحاد الأوروبي. وتأتي بريطانيا في المركز الثاني، تليها فرنسا، ثم إيطاليا، وإسبانيا. وتخصص حكومة برلين المليارات كل عام من أجل شراء النفط من دول عدة، وذلك ضمن استراتيجية تنويع المصادر، إلا إن السعر يبقى المفتاح الرئيسي لشراكة طويلة الأمد بين ألمانيا ومصدّري النفط. ولليوم يجمع الخبراء في العاصمة برلين على أن سعر النفط الروسي يبقى الأنسب قياساً إلى العروض المقدمة من الدول الأخرى. واللافت أن تعامل ألمانيا مع النفط الصخري الأميركي يظل على مستويات في غاية التواضع نظراً لغياب القرارات الوطنية السياسية والجيوسياسية المرحبة به.
يقول الخبير السابق لدى صندوق النقد الدولي مارسيل بورتمان إن الاعتماد الألماني المستمر على النفط الروسي ناجم عن معادلات سوقية غير معقدة؛ «فمصالح المملكة العربية السعودية تتعارض مع طلبات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرامية إلى زيادة الإنتاج النفطي لتخفيض أسعاره. لكن الرياض تحتاج إلى رفع سعر برميل النفط إلى 85 دولاراً مقارنة بنحو 72 دولاراً حالياً، من أجل تغطية موازنة المملكة لعام 2019. ومع أن المملكة تُعدّ رائدة في النفط بفضل شركة (أرامكو) التي تعادل موازنتها الناتج القومي الآيرلندي بأكمله، إلا إن كثيراً من الدول الأوروبية؛ وبينها ألمانيا، لا تجد العرض النفطي السعودي مغرياً جداً إلا في حالات استثنائية تكررت في الأعوام العشرة الأخيرة، مما يعني أن الاحتياجات النفطية الأوروبية عموماً تحتفظ بالورقة النفطية السعودية ذات النوعية الممتازة احتياطياً تلجأ إليها لدى الضرورة. مع ذلك يواصل النفط السعودي تدفقه إلى دول أوروبية عدة بكميات جيدة إنما مدروسة».
ويضيف بورتمان أن روسيا، وهي اليوم كما المملكة العربية السعودية في قضايا الإنتاج النفطي، يكفيها أن يرسو سعر برميل النفط عند 40 دولاراً. لكن موسكو لن تكتفي بهذا السعر على المدى الطويل، مما سيعيد خلط أوراق الخيارات الشرائية النفطية للدول الأوروبية.
ويتابع: «تعدّ الكويت بين الدول الأعضاء في منظمة (أوبك) التي لا توجد قيود تجارية ثقيلة المعيار حولها. كما أن حكومتها ترضى بسعر 49 دولاراً لبرميل النفط لتحقيق الربح، في حين ترى دولة الإمارات العربية المتحدة مع العراق أن نحو 65 دولاراً هو السعر العادل لبرميل النفط لديهما. وقبل عامين كان سعر الـ65 دولاراً مواتياً لإيران. لكن حكومة طهران تحتاج الآن إلى سعر يرسو على نحو 126 دولاراً للإقرار بميزانية متوازنة هذا العام غير غارقة كثيراً في الديون».
ويختم بالقول: «بالنسبة للجزائر، وهي بين مصدّري النفط الأهم لإيطاليا وفرنسا، ترسو (نقطة التعادل النفطي)، أي عتبة الربح من عملية بيع النفط، على 116.4 دولار للبرميل اليوم نظراً لمرور البلاد بمرحلة من التقلبات السياسية القوية. وفيما يتعلق بليبيا يرسو حجم الربح النفطي في البرميل على 71.3 دولار العام الحالي، قياساً بـ77.9 دولار عام 2018، و102.8 دولار عام 2017».
من جانبها، تشير الخبيرة فيرينا هوبر، من «المرصد الاقتصادي الوطني» في برلين، إلى أن «النفط الإيراني لا يمكن أن يكون بديلاً للنفط الروسي في حال نشوب أزمات دبلوماسية بين روسيا وألمانيا. فالعقوبات الأميركية على حكومة طهران جرّت إيران إلى أزمة خطيرة. وبهذا، فإنه من المتوقع أن يكون النفط الخليجي بديلاً لنظيره الروسي ولو مؤقتاً».
وتضيف أن «الاقتصاد الإيراني انكمش 4 في المائة في العام الماضي، وسينكمش العام الحالي 6 في المائة، في موازاة ارتفاع نسبة التضخّم المالي أكثر من 50 في المائة العام الحالي. وهذه جميعها بارومترات تضع المخططات الألمانية التعاونية والتجارية مع إيران في مرحلة من التريث والترقّب بصرف النظر عن التهديدات الأميركية بملاحقة ومعاقبة الشركات الأوروبية المتعاونة مع إيران».
وحسب رأيها؛ فإنه «لا شك في أن تنويع الواردات النفطية الألمانية قضية أمنية طاقوية مهمة لحكومة برلين. لكن تنامي الاستهلاك الطاقوي المحلي من جهة، وعدم الانفتاح الكامل والمخطط له على استعمال العربات الكهربائية الذي يعدّه كثيرون نمطاً استهلاكياً جديداً ومتقدماً يتطلب بعض الوقت لاعتماده؛ من جهة أخرى، يحضّان الخبراء الحكوميين على اختيار العروض الدولية النفطية الأقل سعراً، أي تلك الروسية، لحشد رؤوس أموال كافية لتسريع تفعيل منشآت جديدة للطاقة المتجددة».



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.