«الحرس الثوري» يحشد ميليشياته بالعراق: استعدوا للحرب

سليماني التقى قادة من «الحشد الشعبي» في بغداد

قاسم سليماني يتوسط عدداً من قادة «الحرس الثوري» (ي.ب.أ - أرشيفية)
قاسم سليماني يتوسط عدداً من قادة «الحرس الثوري» (ي.ب.أ - أرشيفية)
TT

«الحرس الثوري» يحشد ميليشياته بالعراق: استعدوا للحرب

قاسم سليماني يتوسط عدداً من قادة «الحرس الثوري» (ي.ب.أ - أرشيفية)
قاسم سليماني يتوسط عدداً من قادة «الحرس الثوري» (ي.ب.أ - أرشيفية)

كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، التقى مؤخراً عدداً من قادة الميليشيات العراقية المُتحالفة مع طهران، وطالبهم «بالاستعداد لخوض الحرب بالوكالة».
وذكر مصدران استخباريان رفيعا المستوى لمُراسل الصحيفة، إن سليماني استدعى عدداً من قادة هذه الميليشيات للقائه في بغداد، قبل 3 أسابيع، بالتزامن مع زيارته الأخيرة، وبحث معهم مسألة الاستعداد للحرب المُقبلة.
وعلى خلاف اللقاءات التي جمعت سليماني مع قادة هذه الجماعات الشيعية العراقية طيلة السنوات الخمس الماضية، فقد أخذ هذا اللقاء طابعاً «مختلفاً» عن الاجتماعات السابقة، وبحثوا أموراً ليست «بعيدة» عن الحرب والسلاح، كما ذكر أحد المصادر.
وأضاف المصدر: «الأمر كان أكبر من مجرد دعوة إلى رفع السلاح».
ولعل هذا الاجتماع المنعقد بين القادة العسكريين الإيرانيين وحلفائهم في دول الشرق الأوسط كان سبباً رئيسياً وراء النشاط الدبلوماسي الأخير بين واشنطن وبريطانيا والعراق، في محاولة من جانب الأخيرين لإبعاد شبح المواجهات، خشية أن تتحول العراق إلى ساحة للمواجهة من جديد.
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة فارس للأنباء، اليوم، عن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني قوله إن الصواريخ الإيرانية، حتى تلك القصيرة المدى، يمكنها الوصول للسفن الحربية الأمريكية في الخليج مضيفا أن الولايات المتحدة غير قادرة على تحمل حرب جديدة.
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، ويتزايد القلق حيال تفجر صراع محتمل في وقت تشدد فيه واشنطن العقوبات والضغوط السياسية على طهران وتكثف وجودها العسكري في المنطقة.
ونقلت فارس عن محمد صالح جوكار نائب قائد الحرس الثوري للشؤون البرلمانية "حتى صواريخنا قصيرة المدى يمكنها الوصول بسهولة للسفن الحربية الأمريكية في الخليج".
وكانت الخارجية الأميركية قد أمرت، قبل يومين، موظفي حكومة الولايات المتحدة من غير العاملين في حالات الطوارئ بمغادرة العراق على الفور، سواء كانوا في السفارة الأميركية في بغداد أو في القنصلية الأميركية في إربيل.
وقالت السفارة الأميركية في العراق، في بيان على موقعها الإلكتروني، إنها ستعلق بشكل مؤقت خدمات منح التأشيرات العادية في كل من السفارة والقنصلية.
وكانت تقارير استخباراتية أميركية كشفت في وقت سابق عن أن ميليشيات شيعية مدعومة من إيران تقوم بنصب صواريخ على مقربة من قواعد بها قوات أميركية في العراق، وهو ما دفع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للقيام بزيارة «مفاجئة» للعراق، قبل أسبوع، وذلك وسط تصاعد في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
والتقى بومبيو، خلال الزيارة التي استغرقت 4 ساعات، مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح.
وربط وزير الخارجية الأميركي، في تصريحات صحافية له، زيارته بالتصعيد الأخير مع إيران.
وقال إنه تحدث مع «القيادة هناك (في العراق) لطمأنتهم بأننا نقف مستعدين لضمان أن العراق دولة مستقلة ذات سيادة».
وأضاف أنه أراد مساعدتهم على أن يكونوا أقل اعتماداً على صفقات الطاقة مع إيران.
وأكدت المصادر الاستخباراتية أن جميع قادة ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق حضروا هذا الاجتماع الذي دعا إليه سُليماني، الذي تحول، في السنوات الأخيرة لمُهندس خطط الحرب لهذه الميليشيات، ورسم استراتيجياتها في مناطق تمركزها.
والتقى أحد كبار الشخصيات الرسمية في العراق، الذين علموا بوقائع هذا الاجتماع، مع عدد من المسؤولين الغربيين، لنقل مخاوفهم من تحركات طهران، ومساعيها في دفع ميليشياتها المتحالفة معها في العراق لخوض الحرب نيابة عنها.
وشكّلت سوريا والعراق أهم ميادين النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، بعدما تدخلت طهران في السياسة الداخلية لكلتا البلدين، ورسخت حضوراً فاعلاً لها عبر ميليشياتها المدعومة من جانبها في هذه المناطق.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.