«سوريا الديمقراطية» تتهم دمشق بتأجيج الاحتجاجات في دير الزور

عناصر «داعش» يهاجمون موقعاً للقوات السورية غرب تدمر

اجتماع وجهاء قبيلة العكيدات شرق سوريا الاثنين الماضي (فرات بوست)
اجتماع وجهاء قبيلة العكيدات شرق سوريا الاثنين الماضي (فرات بوست)
TT

«سوريا الديمقراطية» تتهم دمشق بتأجيج الاحتجاجات في دير الزور

اجتماع وجهاء قبيلة العكيدات شرق سوريا الاثنين الماضي (فرات بوست)
اجتماع وجهاء قبيلة العكيدات شرق سوريا الاثنين الماضي (فرات بوست)

قالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها بدأت حملة ضد «الإرهابيين» الذين لهم صلة بتنظيم «داعش» في بلدة استراتيجية بمحافظة دير الزور الغنية بالنفط في شرق سوريا، التي يقول سكان وشهود إنها مركز الاحتجاجات المناهضة لحكم «القوات» التي تساندها الولايات المتحدة، في وقت اتهم فيه مسؤول في «قسد» النظام السوري بتأجيج الاحتجاجات في المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وذكرت «القوات» التي تهيمن عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية، أنها اعتقلت حتى الآن 20 متشدداً وصادرت أسلحة في عملية أمنية بمحيط بلدة الشحيل على الضفة الغربية لنهر الفرات وفي المنطقة الصحراوية منها.
وقالت «قسد» في بيان نقلته «رويترز»: «بدأت قواتنا حملة تمشيط في محيط بلدة الشحيل في ساعات الصباح الأولى... تم اعتقال 20 إرهابياً، وكشف بعض المخابئ ونفقين، كان يستخدمها الإرهابيون لشن الهجمات، بالإضافة لمصادرة كميات من السلاح والذخيرة».
وكانت قوات عمليات خاصة تقودها الولايات المتحدة داهمت الأسبوع الماضي مخبأ لمن يشتبه بأنهم مقاتلو تنظيم «داعش» في البلدة، وهو ما قال 3 سكان، وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه أطلق شرارة احتجاجات عنيفة وهجمات على معاقل لـ«سوريا الديمقراطية». وقال سكان إن 8 أشخاص قتلوا.
ونفى المتحدث باسم «قسد» مصطفى بالي مقتل أي مدني في العملية التي قال إنها استهدفت خلية «مهمة» لمتشددي «داعش» داخل الشحيل، وهي جزء من مساحة أكبر من الأرض في شمال شرقي سوريا تسيطر عليها القوات. وأضاف لـ«رويترز»: «العملية نفذت بدقة واحترافية عالية وحققت أهدافها».
وأنحى باللائمة على النظام السوري في تأجيج الاحتجاجات المناهضة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في المنطقة خلال الأسابيع القليلة الماضية. ومضى يقول: «النظام (السوري) حاول تحريك بعض وجهاء العشائر لتأجيج الوضع في دير الزور. ويحاول أن يستفيد من هذه العملية ويحرض الناس في دير الزور على المظاهرات».
وحث اجتماع عقد في الشحيل بدعوة من عشيرة العكيدات، الاثنين الماضي، التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على تسليم إدارة شؤون البلدة للسكان المحليين. وقال سكان وشيوخ عشائر، إن ضعف الخدمات ونقص الوظائف والتجنيد الإجباري للشبان زاد حالة الاستياء من «قوات سوريا الديمقراطية» في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة دير الزور شرق نهر الفرات.
وكانت وزارة الخارجية السورية حثت مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي، على التحرك ضد ما قالت إنها «اعتداءات» من «قوات سوريا الديمقراطية»، محذرة بأنها تحتفظ بحق الدفاع عن مواطنيها.
ويتهم المحتجون المسؤولين الأكراد بالتمييز ويريدون إنهاء التجنيد القسري للشبان العرب. وهم غاضبون أيضاً من بيع «وحدات حماية الشعب» الكردية النفط الخام من الحقول الواقعة في منطقتهم للنظام السوري.
وينفي قادة «الوحدات» التمييز ضد العرب في الإدارات المحلية التي يديرونها، وحذروا من أن الاضطرابات العشائرية في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة «داعش» قد تقوض الاستقرار في المنطقة التي تحميها الولايات المتحدة، وتشجع على عودة المتشددين. ويقولون إن المتشددين الذين لجأوا إلى أساليب حرب العصابات بعد فقدهم الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، يقفون وراء زيادة الهجمات على نقاط التفتيش التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» والاغتيالات.
إلى ذلك، هاجم عناصر من تنظيم «داعش» موقعاً لقوات النظام السوري غرب مدينة تدمر، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، أمس.
ونقلت وكالة «أعماق» الإعلامية التابعة للتنظيم أن عناصره اقتحموا ثكنة عسكرية تابعة للقوات الحكومية قرب واحة الصوانة جنوب غربي تدمر، ما أدى إلى مقتل 8 عناصر وأسر عنصر، كما أفادت بمقتل 12 عنصراً وحرق 3 آليات للقوات التي اتجهت لمساندة الكتيبة التي تعرضت للهجوم.
ويشهد ريف حمص الشمالي الشرقي وريف دير الزور الجنوبي الشرقي الذي لا يزال تحت سيطرة تنظيم «داعش» هجمات متكررة على قوات النظام والميليشيات الداعمة له.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».