حملة داخلية لمكافحة الفساد تطال قيادات في «التيار الصدري»

سيدتان عراقيتان توضبان كتباً في المكتبة الجديدة بجامعة الموصل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
سيدتان عراقيتان توضبان كتباً في المكتبة الجديدة بجامعة الموصل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

حملة داخلية لمكافحة الفساد تطال قيادات في «التيار الصدري»

سيدتان عراقيتان توضبان كتباً في المكتبة الجديدة بجامعة الموصل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
سيدتان عراقيتان توضبان كتباً في المكتبة الجديدة بجامعة الموصل الشهر الماضي (أ.ف.ب)

تسارعت الحملة ضد العناصر التي يشتبه بتورطها في الفساد داخل «التيار الصدري» في العراق، لتطال قيادات الصف الأول. وحاصر عدد من أعضاء التيار، أمس، ممتلكات قيادات بارزة تحوم حولها شبهات فساد، غداة إعلان مقتدى الصدر تشكيل لجنة للتحقيق والبحث عن الموارد ومصادر الأموال التي حصلت عليها تلك القيادات.
وتجمع مناصرون للصدر حول منزل القيادي البارز في تياره عون النبي في النجف، أمس، مرددين هتاف «عار، عار، يا فاسد». كما طوقوا ليلاً «مول الماسة» التجاري الذي يتردد أنه مملوك للقيادي في التيار والمعاون السابق للصدر، أبو دعاء العيساوي، مرددين هتافات ضد الفساد والفاسدين.
وأعلنت «سرايا السلام»، الجناح العسكري للتيار، حملة محاسبة للمتورطين في الفساد داخل «التيار الصدري». وأصدرت «فرقة الجنوب» في «السرايا»، أمس، بياناً أوردت فيه توجيهات إلى المنتسبين فيها. ووجهت بتشكيل قوة «لمتابعة من يثبت فساده وتورطه بأعمال مشبوهة تسيء إلى سمعة الخط الصدري».
ونقل البيان عن قائد الفرقـة محمد مكي الناصري قوله: إن «عناصر هذه القوة سيكونون من المتطوعين ومن أفراد سرايا السلام حصراً، ويجب أن يكون العدد في كل محافظة 75 عنصراً». وأضاف أن «القوة تختص بالفاسدين المتمردين الذين لا ينصاعون للأوامر، وعمل القوة لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها قابلة للتمديد، وتستقبل أسماء الفاسدين المتمردين من اللجنة المشكلة».
ووجه الصدر أتباعه، أول من أمس، بتشكيل لجنة لجمع معلومات عن «الصدريين» العاملين في مشاريع تجارية وحكومية، وطلب من أربعة قياديين سابقين ضمنهم النائب السابق عواد العوادي «ترك العمل التجاري والحكومي باسم التيار».
وقاد الصدر حملة مماثلة عام 2015 ضد الفاسدين في تياره، لكنها انتهت من دون تحقيق الطموحات العالية التي تطلع إليها أتباعه آنذاك ولم تضع حداً لحالات الفساد داخل التيار.
وتباينت ردود الفعل على خطوة الصدر، ففي حين تحمس لها أتباعه وقطاع من الرأي العام الذي يرى الحملة ضد الفساد مفيدة، خصوصاً مع اتساع الدور الذي يلعبه التيار في السياسة العراقية، بعد حصول تحالف «سائرون» بقيادته على 54 مقعداً في انتخابات العام الماضي.
لكن في المقابل، يشكك خصوم الصدر وتياره بجدوى الإجراءات الأخيرة، ويعتقدون أن مقتدى الصدر هو المسؤول الأول عن الفساد والتجاوز على المال العام الذي ارتكبه بعض أتباعه. وغالباً ما يشيرون إلى «اللجنة الاقتصادية» التي أسسها داخل التيار ثم عاد فجمد عملها، بعد أن كانت مهمتها الأساسية استخدام نفوذها للحصول على مشاريع واستثمارات من الوزارات والمؤسسات الحكومية.
وعن توقيت الحملة، يقول مصدر بارز من «التيار الصدري»: إن «فساد بعض قيادات التيار فاحت رائحته وباتت تزكم الأنوف، ولا بد للصدر من أن يتدخل لإيقاف ذلك، خصوصاً أن أكثر أتباعه من الفقراء والمعدمين».
وعما يتردد عن مسؤولية الصدر عما وصلت إليه الأمور في التيار وسماحه بحالات الفساد، كما يقول خصومه، يقول المصدر لـ«الشرق الأوسط»: إن «الصدر يتحمل المسؤولية، سواء كان يعرف بفساد بعض القيادات أم لا يعرف؛ لأنه القائد والمسؤول وموضع ثقة أتباعه».
وأضاف: «أعتقد أن الصدر يتحسس وجود فساد عند بعض المقربين منه، لكنهم ضربوا حوله سوراً بحيث لم يتركوا مجالاً لوصول أي دليل معتبر ضدهم». ورأى أن «الفاسدين لديهم قدرة عجيبة. كل فسادهم مقنن ورسمي وأصولي، وأي قضية يثيرها الصدر معهم بخصوص العمل، يتم تخريجها بطريقة عجيبة ويقنعونه وفق أوراق رسمية وما شابه ذلك».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».