حزبان مغربيان معارضان ينتقدان ابن كيران في ذكرى «تقديم وثيقة الاستقلال»

شباط: سياسة الحكومة الحالية ورئيسها تشكل خطرا جديا على التجربة الديمقراطية

قيادات «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لتقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب في الرباط مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
قيادات «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لتقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب في الرباط مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

حزبان مغربيان معارضان ينتقدان ابن كيران في ذكرى «تقديم وثيقة الاستقلال»

قيادات «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لتقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب في الرباط مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
قيادات «الاستقلال» و«الاتحاد الاشتراكي» خلال الاحتفال بالذكرى الـ70 لتقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب في الرباط مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

واصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال المغربيان المعارضان، انتقادهما لسياسة حكومة عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، حيث نظم الحزبان مساء أول من أمس في الرباط، تجمعا حاشدا إحياء للذكرى السبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، لم يفت فيها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، تحذيره لابن كيران، وانتقاد سياسته التي تهدد الانتقال الديمقراطي في المغرب، منبها أن دستور أول يوليو (تموز) 2011 يتعرض اليوم لخطر الهيمنة، وتكميم الأفواه، وتوظيف الدين لخدمة أجندة سياسية إقليمية، مضيفا أن خطر الانقلاب على الدستور هو خطر تدمير الأحزاب السياسية، وشيطنة المخالفين في الرأي.
وقال شباط، إن سياسة الحكومة الحالية ورئيسها تشكل خطرا جديا على التجربة الديمقراطية في المغرب، موضحا أن فكرة الإصلاح التي تحاول الحكومة احتكارها بشكل يائس، وتوظيفها مطية لنيل الشرعية الشعبية، كانت إحدى الدعامات الكبرى التي تخللت نقاشات جيل الآباء المؤسسين وهم يتداولون في مضامين وثيقة 11 يناير (كانون الثاني) 1944، وأكد شباط أن مسيرة النضال ستتواصل من أجل تحرير الإنسان المغربي من كل أشكال المعاناة التي يئن تحت وطأتها، مبرزا أنه عوض أن يقوم رئيس الحكومة بتنفيذ وعوده الانتخابية، التي تبخرت بمجرد تربعه كرسي رئاسة الحكومة المريح، تفنن في قمع كل الفئات الاجتماعية، وأدار ظهره لكل انتقاد بناء، إلى درجة قطع أصوات ممثلي الشعب في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).
وذكر شباط أن الإفلاس السريع لمشروع التطرف في المنطقة وفي عدة أقطار، يؤكد أن «الغمة الحكومية» في المغرب ستنفرج قريبا، مشيرا إلى أن الصراع السياسي في المغرب اليوم أصبح واضح المعالم، مشيرا إلى أن هناك الأحزاب الوطنية التي انتصرت دوما للوطن ولقيمه وثوابته ومقدساته وشعبه، وأن هناك «حزب الحركة، وحركة الحزب»، حيث الولاء لتيار التعصب الديني العالمي، والسعي لتفكيك الدولة، وإثارة الفتنة بين مكونات الأمة المغربية التي عاشت لقرون في سكينة.
وقال شباط: «لقد واجهنا الدولة الاستعمارية، وانتصرنا، وواجهنا الدولة المستبدة بعد الاستقلال وانتصرت الديمقراطية، ونواجه اليوم قوى التطرف والتعصب وسننتصر».
ومن جهة أخرى، عبر شباط عن الإدانة القوية لكل دعاوى التكفير، التي تتحالف موضوعيا مع قوى التطرف الدعوي، وقال إن «خطر أصوات التكفير والتعصب يماثل خطر توظيف حركة دعوية لتحقيق مآرب سياسية من طرف الحزب الحاكم»، مشيرا إلى رفضه امتداد التعصب الديني لهذه الحركة التي تستغل الدين ودور العبادة من أجل الدعاية الانتخابية لمشروع سياسي مدمر.
وبدوره، انتقد الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، رئيس الحكومة، وقال إن المغرب يبتعد عن كل مقومات تعميق وتمتين الانتقال إلى الديمقراطية بفعل توجه الحزب الذي يقود الحكومة، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية «عاد إلى إنتاج نفس الأساليب السلطوية التي سادت في الماضي».
وذكر لشكر أن الشعب المغربي أصبح يعيش تحت وطأة حكومة لا يعرف رئيسها إلا لغة الابتزاز السياسي والتهجم على المعارضين وتهديدهم وتوجيه التهم لهم، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة تناسى أنه يمثل الدولة. وذكر لشكر أن أعضاء الحزب الذي يقود الحكومة الحالية حرفوا الدين الإسلامي الحنيف عن روحه، وحولوه إلى مجرد آلة لجمع التبرعات وأداة من أدوات الحملة الانتخابية، ووسيلة لتهديد الخصوم وابتزاز الدولة، ومحاولة التسلط، والهيمنة على مؤسساتها.
ومن جهة أخرى، قال لشكر إنه كلما حصل انسجام بين الحركة الوطنية الديمقراطية وبين الملكية، كلما تقدمت البلاد وتغلبت على التحديات، وإنه كلما ضعف أو اضمحل التنسيق والتوافق بين حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، كلما تراجعت البلاد خطوات إلى الوراء وفقد الشعب المغربي الكثير من مكتسباته.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.