تراجع مؤشرات الاقتصاد التركي يزيد مخاوف الاستثمار في القطاع العقاري

خسائر مستثمرين سعوديين تتفاقم وتصل إلى 55 %

أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي الأمر الذي دفع الأسعار إلى التراجع بشكل حاد
أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي الأمر الذي دفع الأسعار إلى التراجع بشكل حاد
TT

تراجع مؤشرات الاقتصاد التركي يزيد مخاوف الاستثمار في القطاع العقاري

أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي الأمر الذي دفع الأسعار إلى التراجع بشكل حاد
أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي الأمر الذي دفع الأسعار إلى التراجع بشكل حاد

يمر الاقتصاد التركي حالياً بأسوأ مرحلة له منذ ثلاثة عقود، فالبورصة التركية فقدت أكثر من 20% من قيمتها في 2018، وفقدت الليرة التركية 30%، وخلال الأشهر الأربعة الأولى فقط في 2019 وارتفع التضخم نحو 20%، وهبط الميزان التجاري الذي تجاوز الـ50 مليار دولار في الأعوام السابقة ليصل في 2018 إلى 25 مليار دولار، وحتى تحافظ الحكومة على السيولة من الهرب أو من تحويلها إلى الدولار قامت برفع الفائدة إلى 24%، وهي ثاني أعلى فائدة في العالم.
ومع انهيار سعر الليرة التركية وارتفاع أسعار الفائدة إلى نحو غير مسبوق وتراجع ثقة المستهلكين، أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي، الأمر الذي دفع الأسعار إلى التراجع بشكل حاد، كما أن الكثير من المشاريع العقارية داخل تركيا توقفت نتيجة الكساد الذي عانى منه الاقتصاد التركي.
ودفعت الأزمة التي تشهدها السوق العقارية، الحكومة التركية إلى إعطاء المزيد من التسهيلات أمام الأجانب في محاولة منها لدعم القطاع ومنعه من الدخول في مرحلة الركود، فقامت بتخفيض القيمة المادية المطلوبة للحصول علي الجنسية مقابل شراء عقار من نحو مليون دولار إلى 250 ألف دولار فقط، في خطوة منها لمنع الدخول في مرحلة ركود في القطاع.
ورغم المميزات فإن جزءاً كبيراً من قلق المستثمرين من خيار الاستثمار في تركيا يعود إلى طريقة إدارة الاقتصاد التركي، حيث تتدخل الدولة فيه بشكل يشوّه قانون حرية السوق.
وفيما تجاهل رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي التركي مازن رجب، الرد على اتصالات «الشرق الأوسط» والإجابة عن استفساراتها، بيّن لـ«الشرق الأوسط» اللواء الدكتور محمد الحربي الخبير الاستراتيجي والسياسي، أن الاقتصاد التركي في انكماش واضح بشكل عام، فقد تراجعت الليرة التركية لمستوى 6.24 مقابل الدولار، لتسجل أضعف سعر لها في ثمانية أشهر، وسط بواعث قلق بشأن إعادة انتخابات رئيس بلدية إسطنبول.
ويتوقع المستثمرون أن قرار إعادة انتخابات إسطنبول في 23 يونيو (حزيران) المقبل، سيتسبب في شهرين إضافيين من عدم التيقن بشأن خطة تركيا لإعادة التوازن والاستقرار إلى الاقتصاد، مشيراً إلى بواعث قلق من قبل المستثمرين السعوديين في الوقت الحالي نظراً إلى الأحداث السياسية المتسارعة داخلياً وخارجياً.
وأوضح الحربي أن الاستثمار السعودي والخليجي في تركيا بشكل عام بلغ ذروته عامي 2015 و2016، حيث برز المستثمرون السعوديون كأكبر نسبة مستثمرين من دول الخليج العربي في تركيا، وثاني أكبر مستثمر أجنبي بعد العراق، بينما الكويت نافست روسيا على المرتبة الثالثة، وقطر في السابعة، والبحرين في العاشرة، ليحصد المستثمرون العرب عموماً مراتب متقدمة في صدارة أكثر 10 دول أجنبية تستثمر في عقارات تركيا، حيث كان سعر الدولار يساوي 3 ليرات تركية في أغسطس (آب) 2015.
وبيّن الحربي أن إجمالي قيمة العقارات التي تم شراؤها من قبل السعوديين في تركيا في عام 2017 (910 آلاف متر مربع)، بلغ ما نسبته 22% تقريباً من مجمل العقارات التركية المبيعة للأجانب والتي بلغت نحو 4.2 مليون متر مربع (حيث كان سعر الدولار = 3.77 ليرة تركية)، أي أن مجمل الخسارة للمستثمر السعودي المالك للعقار بنسبة 55% من إجمالي رأس المال.
ورأى أن السياسة الحالية لإردوغان هي ما تسبب في تدهور اقتصاد تركيا بدليل خسارة حزبه في الانتخابات البلدية أهم وأكبر مدينتين، أنقرة وإسطنبول، وهو مؤشر على تناقص شعبيته بحكم أداء حكومته السيئ وانتشار المحسوبية والفساد، بالإضافة إلى عدة أسباب أخرى منها إعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول، والاستقطابات السياسية بين الحكومة (حزب العدالة والتنمية) والأحزاب المعارضة، والعلاقة غير المنضبطة مع أميركا (تجميد صفقة F35 وكانت تركيا مستثمرة في جزء منها)، أيضاً دخول تركيا في التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط والتوغل في المياه الاقتصادية لجمهورية قبرص أثار قلق الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تقييد حرية الصحافة المعارضة واعتقال الصحافيين بحجة الحفاظ على أمنهم القومي.
من جهته أوضح لـ«الشرق الأوسط» المستشار الاقتصادي سليمان العساف، أن الاقتصاد التركي يمر بأسوأ مرحلة له، حيث سُجل في عام 2018 كأحد أسوأ خمس اقتصادات في العالم سواءً من ناحية التضخم أو انخفاض العملة أو جذب الاستثمارات والحركة التجارية والانكماش الحاصل في الاقتصاد. وحذّر من الخطورة التي تواجه الاستثمارات السعودية في تركيا، وصنّفها إلى استثمارات سياسية وقانونية ومالية ومحاسبية، وقال: «بغضّ النظر عن أي وضع استثمار سعودي هناك فإن قيمته انخفضت ما بين 40 و50%، كما أن هناك تشديداً على الإجراءات».
وأضاف: «عندما تتداخل السياسة مع الاقتصاد يتعطل الاقتصاد، والتهديدات التي وردت للمستثمرين وصلت إلى إجبار المستثمرين على تحويل 80% من أموالهم إلى الليرة التركية، وهو ما سيكلف المستثمر الكثير».
وأوضح أن المشكلات التي تعاني منها تركيا مع الكثير من الدول أدت إلى استبدال المنتجات التركية، بالإضافة إلى هروب الكثير من رؤوس الأموال من تركيا وهو ما تسبب في ضعف جذب الاستثمارات وتخلخلها.
وأكد العساف أن العقارات في تركيا تواجه خطورة كبيرة في انخفاض قيمتها، مبيناً أن العقارات التي تم شراؤها قبل 2018 انخفضت قيمتها النقدية هذا العام إلى ما يقارب 45 إلى 50% إضافة إلى الانخفاض الحاصل في السوق ليصبح الانخفاض الإجمالي يقارب الـ60%.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).