مصر تُروج لعاصمتها الإدارية بمُبادرات وأنشطة جديدة

شركات عقارية تكثف من إعلاناتها التسويقية في رمضان لاجتذاب الزبائن

نموذج للعاصمة الإدارية الجديدة (الشرق الأوسط)
نموذج للعاصمة الإدارية الجديدة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تُروج لعاصمتها الإدارية بمُبادرات وأنشطة جديدة

نموذج للعاصمة الإدارية الجديدة (الشرق الأوسط)
نموذج للعاصمة الإدارية الجديدة (الشرق الأوسط)

في ظل فترة الركود وتباطؤ حركة البيع والشراء التي تعاني منها السوق العقارية المصرية، مؤخراً، اعتمد المطورون العقاريون حلولاً تسويقية للترويج والدعاية لمشروعاتهم. ويعتبر شهر رمضان المبارك، أحد أهم مواسم الترويج والدعاية في مصر، وهو ما لم تغفله شركات العقارات، ومع بداية الشهر الكريم أطلقت المشروعات العقارية حملاتها الدعائية عبر أغانٍ تذاع على شاشات التلفزيون، وتخفيضات وتسهيلات في السداد، وإعلانات على الطرقات وغيرها من الوسائل الدعائية، أملاً في تجاوز فترة الركود العقاري.
وأكد الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، أنه من «الطبيعي في ظل حالة الركود التي تشهدها السوق العقارية في الفترة الأخيرة، أن تعمد الشركات إلى حلول ابتكارية لتنشيط المبيعات، ومن الطبيعي أن يتم استغلال شهر رمضان المبارك في الدعاية، بهدف زيادة قاعدة العملاء المرتقبين، وهذا يفسر ما نشاهده حالياً من إعلانات عن مختلف المشروعات العقارية».
وفي محاولة للترويج للعاصمة الإدارية الجديدة، محلياً وعالمياً، تعتزم مصر تنظيم أطول مائدة إفطار يوم 25 مايو (أيار) الحالي، تحت عنوان «مصر بتفطر في العاصمة»، بحضور ممثلين عن موسوعة «غنينس» للأرقام القياسية، بهدف التعريف بمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، والترويج لها في الداخل والخارج، وجذب مزيد من الاستثمارات إلى العاصمة الجديدة التي من المقرر أن تنتقل لها الوزارات والهيئات الحكومية خلال العام المقبل.
وتكثف الشركات العقارية المصرية من نشر إعلاناتها التلفزيونية في شهر رمضان، وباتت إعلانات هذه الشركات محل متابعة ونقاش دائم بسبب الأسعار الكبيرة، المعلن عنها للتملك، بجانب مخاطبة فئات كثيرة، وليس فئة محددة تستطيع دفع ملايين الجنيهات للإقامة في «كمبوندات» سكنية مغلقة، وفق ما يردده بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال العميد خالد الحسيني، المتحدث الرسمي باسم «شركة العاصمة الإدارية الجديدة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «شركة العاصمة الإدارية الجديدة تعتزم تنظيم مائدة إفطار رمضانية بطول 3100 متر تقريباً، تتسع لنحو 7 آلاف فرد، في المنطقة المجاورة لفندق (الماسة) بالعاصمة الإدارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «المائدة سيحضرها مختلف فئات الشعب، وعدد من المسؤولين والشخصيات العامة، وممثل عن موسوعة (غنينس) للأرقام القياسية».
وأضاف الحسيني أن «الحدث يأتي رغبة في إلقاء مزيد من الضوء على مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، محلياً وعالمياً، ولذلك تواصلت (شركة العاصمة) مع القائمين على موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية، واطلعت على كل شروطهم لتنظيم أطول مائدة إفطار في العالم»، مشيراً إلى أن «أطول مائدة إفطار في العالم كانت في دولة الإمارات الشقيقة، ولم يتجاوز طولها 3000 متر».
ووفقاً لموقع موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، فإن رقم أطول مائدة مسجل باسم عجمان في الإمارات العربية المتحدة، في يونيو (حزيران) 2018، بمائدة طولها 2983 متراً، اتسعت لـ6 آلاف شخص.
وقال الحسيني إن «الحدث لا يقتصر فقط على مائدة الإفطار، بل سيتم تنظيم زيارات للمدعوين للمشروعات داخل العاصمة الإدارية الجديدة، لرؤية المشروعات على أرض الواقع، والترويج للعاصمة ومشروعاتها محلياً وعالمياً».
ووفقاً لبرنامج حفل الإفطار، فإن وصول المدعوين للعاصمة الإدارية الجديدة سيبدأ في الثالثة والنصف عصراً، حيث يصحبهم ممثلو شركة العاصمة في جولة داخل مشروعات العاصمة تستمر حتى موعد الإفطار.
من جانبه، وصف عبد العظيم فكرة المائدة بأنها «فكرة تسويقية جيدة ومبتكرة»، وقال إن «الهدف منها هو خلق حركة في المكان، عبر دعوة مختلف الفئات لزيارته والتعرف عليه على الطبيعة، في نوع من الترويج المحلي والعالمي للمشروع»، مشيراً إلى أن «مشاركة فنانين ومسؤولين ووسائل إعلام محلية وأجنبية في الحدث ستزيد من قيمة المشروع التسويقية».
وبدأ تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في مارس (آذار) عام 2015. وتسابق الحكومة المصرية الزمن للانتهاء من المشروع في أقرب وقت ممكن، حيث يجري العمل في الحي الحكومي الذي سيضم الوزارات والمؤسسات الرسمية في البلاد، إضافة إلى عدد من الأحياء السكنية الأخرى.
وحول آلية اختيار المدعوين، قال الحسيني إن «العاصمة تنظم هذا الحدث، بالتعاون مع عدد من الشركات في مجال العلاقات العامة والدعاية وسلامة الغذاء، وهناك خطة لاختيار المدعوين، من بينها طرح مسابقة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المواطنين لالتقاط صور لهم على مائدة الإفطار مع عائلاتهم، لاختيار أصحاب أفضل الصور لحضور المائدة، إضافة إلى طرق أخرى بهدف تمثيل كل أطياف المجتمع».
وأضاف عبد العظيم أن «هناك أشكالاً مختلفة من التسويق العقاري تتبعها المشروعات العقارية، من بينها تنظيم حفلات لفنانين مشهورين، وتنظيم مؤتمرات ومنتديات والبطولات الرياضية، وغيرها من الأنشطة التي تهدف للترويج لهذه المشروعات، وإظهار الفرص التسويقية الموجودة بها».
وعلى مدار الفترة الماضية، اعتمدت العاصمة الإدارية الجديدة عدداً من الحلول التسويقية للترويج للمشروع محلياً وعالمياً، من خلال الإعلان عن البدء في إنشاء أطول برج في أفريقيا، وافتتاح مسجد «الفتاح العليم»، وكاتدرائية «ميلاد المسيح»، واللذين يعتبران «الأكبر في منطقة الشرق الأوسط»، في احتفال كبير حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي. كما يتم تنظيم عدد من الجولات بمشروعات العاصمة، التي تعتبر مشروعاً قومياً للبلاد، كما نظمت حفلات فنية لنجوم الغناء، كان آخرها حفل للفنانة ماجدة الرومي.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».