الحكومة اللبنانية تقر اليوم «الموازنة المتقشفة»

رسوم جمركية إضافية على سلع مستوردة

TT

الحكومة اللبنانية تقر اليوم «الموازنة المتقشفة»

تنجز الحكومة اللبنانية اليوم مشروع الموازنة للعام 2019 تمهيداً لإقراره وإحالته إلى مجلس النواب تمهيداً للمصادقة عليه قبل نهاية الشهر الحالي، وهو موعد انتهاء المهل المتعلقة بالإنفاق المالي وفق القاعدة الاثني عشرية.
وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة «ستنهي اليوم النقاشات وتضع مشروع الموازنة»، مشيرة إلى أن ختم القضايا العالقة «سيكون اليوم الأربعاء في جلسة مسائية في حال تعثر الإقرار في الجلسة الصباحية». وقالت المصادر إن الحكومة «ستبحث في فرض بعض الضرائب منها إضافة 2 في المائة على الضرائب المفروضة على السلع المستوردة التي يوجد منها إنتاج لبناني».
وقال وزير الإعلام جمال الجراح: «أنجزنا بنود الموازنة وسنتابع البحث في المواد الإصلاحية والوزير باسيل سيقدم مع وزراء آخرين طروحاتهم لتخفيض العجز»، في وقت أعرب وزير المال علي حسن خليل عن ارتياحه «لأننا سنصل إلى نتيجة إيجابية بتخفيض العجز ويفترض أن ننتهي غداً (اليوم) من درس مشروع الموازنة».
وفيما أعلن وزير الخارجية جبران باسيل أنّه قدم اقتراحات ترتكز إلى 5 محاور شاملة لاقت أصداء إيجابية، أعلن وزير الدفاع إلياس بوصعب أنّه أنجز موازنة الوزارة باستثناء ما يتعلق بالتدبير رقم 3 قائلاً: «حققنا فيها تخفيضاً كبيراً من دون المس برواتب وتعويضات العسكريين والمتقاعدين ولا بالطبابة».
وأعلن باسيل بعد ترؤسه اجتماع «تكتل لبنان القوي» أنه «فيما يخص موضوع التدبير رقم 3 (المختص بالعسكريين) يجب أن يكون هناك فرق بين الموجود على الجبهة والحدود ومن يقوم بمهمات أمنية في الداخل ومن يقوم بمهام إدارية في الثكنات»، في إشارة إلى توجه لعدم منح جميع العسكريين قيمة تعويضات واحدة عند نهاية خدمتهم، علما بأن التدبير رقم 3 يعطي العسكريين تعويض 3 أشهر عن كل سنة في الخدمة.
وقال باسيل: «كلنا في الحكومة ممتعضون لأننا لم نصل إلى حيث نريد»، لافتاً إلى أنه «إذا أنجزنا موازنة جدية نذهب إلى تصنيف أفضل وتتحرك العجلة وهذا الأمر يتحدد مع الصيف». وقال: «نحن معنيون بنجاح الموازنة لا تسجيل النقاط ونهدف لإصلاح حقيقي يريح الناس ويخلص لبنان». واعتبر أنه «لزيادة المداخيل الضريبية، علينا رفع الضريبة المتعلقة بالمصارف وهذا الأمر لا يحتمل التفكير بعد رفع الفوائد». وأشار باسيل إلى «أننا قدمنا مشروع قانون تتمحور فكرته حول تغريم كل عامل أجنبي يعمل خلافا للقانون وخارج القطاعات المسموح فيها»، كما «قدّمنا مشروعاً مهماً وهو مشروع استعادة الأموال المنهوبة من كل من قام بخدمة عامة حاليا وسابقا».
وتمس التخفيضات بموازنة بعض الوزارات ما يعيقها عن الاستمرار في تقديماتها ومن بينها وزارة الشؤون الاجتماعية التي أسف وزيرها ريشار قيومجيان لأن بعض السياسيين يستغلون وضع الفقراء والمعوقين وكل الجمعيات الصادقة التي تدعم الناس المحتاجة من أجل الشعبوية والمكاسب السياسية. وتابع: «من يتباهون بالعضلات ويستعملون جهاز (أمن الدولة) ليرهبوا بعض الموظفين في بعض الوزارات وبعض الدبلوماسيين، أدعوهم ليرسلوا (أمن الدولة) إلى مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية كافة وإلى الجمعيات الأهلية المتعاقدة معنا، وليروا إن كانت هناك جمعيات وهمية أو لا. توجد وقائع، توجد جمعيات على (الورقة والقلم) موجودة جسدياً وتعمل في أماكنها، فليزوروها. لا يوجد سياسيون يستفيدون منها. الدولة لا تقوم بواجباتها وهذه الجمعيات تقوم بواجباتها وعيب ما يقال بحقها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.