إردوغان يتوعد أنصار إمام أوغلو... ورفض طلب المعارضة «إعادة كاملة» في إسطنبول

رفضت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا أمس (الاثنين)، طلب المعارضة بشأن إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول كاملة، وليس الإعادة على منصب رئيس البلدية فقط، وإلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي أجريت في 24 يونيو (حزيران) 2018. بينما هدد الرئيس رجب طيب إردوغان المؤيدين لأكرم إمام أوغلو مرشح المعارضة الفائز في المرة الأولى، معلناً أن كل ما يقومون به يسجل.
وتقدم حزبا الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، وحزب «الجيد» (الشريكان في تحالف الأمة الانتخابي)، الأسبوع الماضي، بطلبين رسميين إلى اللجنة العليا للانتخابات لإلغاء نتائج الانتخابات المحلية في عموم إسطنبول ونتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي أجريت الصيف الماضي، وذلك رداً على قرار اللجنة، الصادر الاثنين قبل الماضي، بإلغاء نتائج التصويت على رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، بعد النظر في الطعون المقدمة من قِبل حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وذكر الحزبان أنه في حال وجدت مخالفات قانونية في الانتخابات المحلية بإسطنبول، فإن تلك المخالفات يجب أن تشمل التصويت على رئاسة البلدية والأقضية وأعضاء المجالس، على اعتبار أن جميع البطاقات الانتخابية توضع في ظرف واحد ومن ثم تلقى في الصندوق الانتخابي، كما يجب إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأن المسؤولين عن الصناديق في الانتخابات المحلية، هم أنفسهم الذين أشرفوا على الصناديق في الانتخابات الرئاسية.
في السياق ذاته، هدد الرئيس رجب طيب إردوغان مؤيدي أكرم إمام أوغلو، مرشح المعارضة لانتخابات الإعادة على منصب رئيس بلدية إسطنبول، خلال كلمة ألقاها أثناء مشاركته في حفل إفطار في إسطنبول ليل الأحد/ الاثنين، بمنقطة باي أوغلو في إسطنبول.
وطالت التهديدات هذه المرة مشجّعين أخذوا يرددون وهم في مدرجات أحد الاستادات بإسطنبول، السبت، لمشاهدة مباراة بين فريقي فنر بهشة وأكهصار في الدوري التركي الممتاز لكرة القدم، شعار «كل شيء سيصبح جميلاً جداً»، الذي أطلقه إمام أوغلو عقب قرار إلغاء فوزه ببلدية المدينة، وإعادة الانتخابات الشهر المقبل، وتحول إلى الهاشتاغ الأعلى على «تويتر» بإعادة تغريده أكثر من مليون مرة.
وقال إردوغان خلال الحفل، منفعلاً: «نحن من قام بإنشاء هذه الاستادات... هؤلاء (المشجعون) يسيرون في الطريق الخطأ... لكن لا تقلقوا نحن نقوم بالتسجيل».
وسبق أن هدّدت قيادات في حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه إردوغان، فنانين بارزين نشروا وسم «كل شيء سيصبح جميلاً جداً»، بمنعهم من العمل أو الظهور. ونشر محمد صافي، وهو أحد مستشاري إردوغان، قائمة بأسماء الفنانين المؤيدين لإمام أوغلو معلقاً: «للتسجيل» قبل أن يمحوها من حسابه بعد أن تعرض لهجوم كاسح، واتّهامات بالإبلاغ عمن يعبرون عن آرائهم. وقبل الإفطار، قام إردوغان بجولة في ميدان تقسيم في وسط إسطنبول، وأخذ يتحدث مع المارة، ثم ركب «الترام» الذي يقطع شارع الاستقلال بين ميداني إسطنبول وغالطا سراي، ونزل في شارع الاستقلال لشراء الكستناء وتبادل الحديث مع بائعها بعد أن فاصله ممازحاً على سعر الكستناء وسأله كيف يسير عمله، وسط تواجد إعلامي كثيف من الصحف والقنوات الفضائية الموالية له.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة «يني شفق» القريبة من حكومة إردوغان، إن الرئيس التركي أصدر عدداً من التعليمات لتشكيلات حزبه استعداداً لإعادة انتخابات رئيس بلدية إسطنبول، خلال اجتماع للمجلس المركزي والمجلس التنفيذي لحزب العدالة والتنمية يوم الجمعة الماضي، حيث أكد أن قرار الاعتراض على انتخابات إسطنبول كان بإجماع أعضاء الحزب، لذلك يجب أن يكون الحزب موحداً ومجتمعاً حول آليات الحملة الانتخابية للانتخابات المقرر إعادتها في إسطنبول. واستمع إلى رؤساء الفروع والتشكيلات بشأن التحضيرات الخاصة بالانتخابات، وقيّم الإجراءات المتوقع اتخاذها خلال الحملة الانتخابية، خصوصاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي نجح إمام أوغلو في توظيفها بمهارة خلال الانتخابات المحلية. كما أكّد ضرورة تجنب الدخول في جدال ونقاشات حول هذا القرار، «لأنه صدر ولن يتغيّر»، كما نقلت عنه الصحيفة.
ووجه إردوغان إلى التركيز عبر حملة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي على توضيح القرائن التي أدت إلى قرار إعادة الانتخابات، وتجنب التعليقات التي قد تؤثر سلباً على رأي الناخبين، وتفادي النقاشات الحادة، والتصرّف بتواضع مع الناخبين، والتثبت جيداً قبل نشر أي تغريدة أو تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكشفت الصحيفة أن تصريحات أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري، كانت محور النقاش بين إردوغان ومسؤولي تشكيلات حزبه. وشدّد إردوغان على ضرورة اتّخاذ التدابير اللازمة لمنع نشر أي رأي يصوّر أن إمام أوغلو كان ضحية قرار اللجنة العليا للانتخابات؛ وذلك من خلال التواصل المباشر مع المواطنين، وشرح الحيثيات القانونية التي تثبت حق حزب العدالة والتنمية في إعادة الانتخابات، واستخدام مقاطع الفيديو والصور التي تشير إلى وقوع حالات تلاعب ومخالفة للقانون في انتخابات إسطنبول.
وشدد إردوغان على ضرورة الابتعاد عن اللغة الحادة والإقصائية عبر مواقع التواصل. وقد وُجّهت اتهامات إلى حزب العدالة والتنمية بالتعالي على الشعب في الفترة الأخيرة، وتقديم نفسه بصورة من يمن عليهم بوجوده في السلطة، فضلاً عن استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أن اللغة الحادة الصدامية لإردوغان في خطاباته أثّرت على شعبية الحزب.
نتيجة لذلك، طالب إردوغان بزيادة التركيز على زيارة المنازل والتخاطب مع الناس من خلال البرامج الرمضانية في الساحات والميادين. وأشارت الصحيفة إلى أن التصريحات التي أدلى بها كل من الرئيس السابق عبد الله غل ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو حول إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول نوقشت أيضاً خلال هذا الاجتماع. وأفاد إردوغان بأن «السيد غل لم يكن من مؤسسي الحزب، خلافاً لما يعتقد الكثيرون. وبعد تركه رئاسة الجمهورية، لم يعد حتى عضواً في الحزب».
من جانبها، قالت جنان قفطانجي أوغلو، رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض بمدينة إسطنبول، إن التفكك سيكون مصير حزب إردوغان إذا تعرض لهزيمة ثانية في جولة الإعادة على منصب رئيس بلدية إسطنبول.
وأضافت في تصريحات أمس، أن إردوغان يشعر بالحاجة الماسة إلى الفوز بمدينة إسطنبول «حتى يتسنى له الإبقاء على المحيطين به إلى جواره كي لا يبقى وحيداً». ورداً على المقولة الشهيرة لإردوغان بأن «العدالة والتنمية لا يدخل انتخابات إلا وفاز بها»، قالت قفطانجي أوغلو: «لقد قاموا بإلغاء الانتخابات الأخيرة ليجربوا حظهم ثانية، حتى ولو كانت نسبة فوزهم 1 في المائة، أي أنهم لم يفعلوا ذلك لتأكدهم من الفوز يقيناً». وأشارت إلى أن إردوغان وحزبه خلال الفترة الأخيرة، «بدآ يتبعان سياسة استجداء الأكراد، إذ سمحا لمحامي عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل بتركيا، بعقد لقاء معه أملاً في الحصول على أصوات الناخبين الأكراد في جولة الإعادة، لكن مثل هذه السياسات لن تجدي نفعاً من الآن فصاعداً»، مشيرة إلى أن قرار إعادة الانتخابات عاد بالنفع على أكرم إمام أوغلو مرشح الشعب الجمهوري، «إذ زاد عدد المؤيدين له في جميع أنحاء البلاد».
وتابعت أن «نظام إردوغان إذا لم يتمكن من فهم وإدراك شعار إمام أوغلو (كل شيء سيكون جميلاً جداً)، فلن تكون له أي حظوظ في البقاء بالحكم، وبالنسبة للإعادة في إسطنبول فإنهم لن يفعلوا شيئاً مطلقاً، لأن إرادة سكان إسطنبول تريد القيم التي يمثلها أكرم إمام أوغلو».
على صعيد آخر، أطلقت تركيا أمس مناورات «ذئب البحر 2019»، التي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد وتجري بشكل متزامن في 3 بحار؛ البحر الأسود وبحر إيجة والبحر المتوسط. وتشرف قيادة القوات البحرية التركية على المناورات التي تجري بمشاركة 131 سفينة بحرية و57 طائرة حربية و33 مروحية، وتستمر حتى 25 مايو (أيار) الحالي وتنفذ على المستوى الاستراتيجي والعملياتي استناداً إلى سيناريوهات مستوحاة من فترات الأزمات والتوترات والحروب.
وتنفذ ضمن إطار المناورات عمليات قصف من البحر إلى البر، بالإضافة إلى ضرب أهداف على سطح الماء، بما في ذلك بواسطة طائرات مسيرة، إلى جانب تدريبات على الحرب فوق الماء والحرب الدفاعية تحت الماء والحرب الإلكترونية، علاوة على عمليات المراقبة في البحر وعمليات إنقاذ عناصر الغواصات.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في معرض تعليقه على المناورات، إنها تهدف إلى إظهار «مدى عزم وإصرار وقدرة القوات البحرية التركية على حماية البلاد وأمن شعبها، والمحافظة على سيادتها واستقلالها وحقوقها ومصالحها البحرية».
وتأتي المناورات في ظل توتر متصاعد بين تركيا واليونان وقبرص بسبب إطلاق تركيا أعمال تنقيب عن النفط والغاز بمنطقة في غرب قبرص تعتبرها الحكومة القبرصية جزءاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة. وتقول تركيا إنها تقع ضمن الجرف القاري لها، وهو ما نفته اليونان في شكوى إلى الأمم المتحدة.
وأثارت الخطوة التركية ردود فعل رافضة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا ومصر واليونان وقبرص، واعتبرت بمثابة انتهاك للقوانين الدولية وعملاً استفزازياً من جانب أنقرة. كما تأتي المناورة التركية وسط توتر مع اليونان بسبب الجزر المتنازع عليها في بحر إيجه. ويرى مراقبون أن تركيا تحاول من خلال المناورة استعراض قوتها في إيجة وشرق المتوسط.