تركيا تعزز قواتها على حدود سوريا بعد استهداف «نقطة حماة» للمرة الثانية

TT

تركيا تعزز قواتها على حدود سوريا بعد استهداف «نقطة حماة» للمرة الثانية

دفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا أمس بعد تعرض إحدى نقاط المراقبة التابعة له في منطقة خفض التصعيد في إدلب إلى قصف من جانب النظام السوري أول من أمس، للمرة الثانية.
وانطلق رتل عسكري يضم الكثير من الآليات القتالية والمدرعات، من منطقة كريكهانة في ولاية هطاي جنوبي البلاد، نحو الوحدات العسكرية المتمركزة على الحدود مع سوريا. وأكدت مصادر عسكرية تركية أن قوات النظام السوري استهدفت بقذائف صاروخية محيط نقطة المراقبة التركية رقم 10، وأن هذا الاستهداف، وهو الثاني في أقل من أسبوعين، يعد انتهاكا لاتفاقية سوتشي المبرمة بين أنقرة وواشنطن في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، لا سيما أن نقطة المراقبة تقع داخل حدود مناطق خفض التصعيد.
واستهدفت قوات النظام السوري أول من أمس نقطة المراقبة الواقعة غرب حماة بعدد من القذائف بشكل مباشر للمرة الثانية بعد قصفها الأول الذي وقع السبت قبل الماضي وأسفر عن إصابة جنديين تركيين.
وكشفت مصادر ووسائل إعلام تركية عن أن قوات النظام استهدفت نقطة المراقبة الواقعة قرب قرية شير مغار بجبل شحشبو في ريف حماة الغربي، دون إشارة إلى وقوع إصابات بين صفوف الجنود الأتراك.
كانت وزارة الدفاع التركية أعلنت السبت قبل الماضي إصابة جنديين تركيين نتيجة هجوم بقذائف جرى تنفيذه انطلاقا من أراض يسيطر عليها النظام السوري. وقامت مروحيات تركية بإجلاء الجنديين المصابين إلى داخل الأراضي التركية من أجل تلقي العلاج.
وتحدثت تقارير لاحقة عن قيام الجيش التركي بإخلاء نقطة المراقبة وهي واحدة من 12 نقطة تركية جرى إنشاءها في إدلب ومحيطها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي جرى التوصل إليه بين الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
وعقب هذا الهجوم دفع الجيش التركي بتعزيزات إلى نقاط المراقبة شملت 50 مدرعة وزعت على هذه النقاط.
وتشهد محافظتا إدلب وحماة حملة قصف جوي مكثف تنفذها طائرات النظام الحربية والطائرات الروسية منذ أكثر من أسبوعين، ما خلف عشرات الضحايا والجرحى وأكثر من 300 ألف نازح، فضلاً عن الدمار الهائل في المناطق المستهدفة بالقصف.
وبينما التزمت تركيا الصمت، قالت موسكو إن الضربات التي تنفذ في هذه المناطق تجري بالتنسيق مع تركيا، وتحدثت تقارير عن أن الصمت التركي يأتي في إطار عملية مقايضة مع موسكو تقضي بترك جنوب إدلب والطرق الدولية للنظام مقابل السماح لتركيا والفصائل الموالية لها بالسيطرة على تل رفعت والقضاء على وجود مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية.
وجاء استهداف النظام لنقطة المراقبة بعد يومين من تصريحات لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار دعا فيها روسيا إلى اتخاذ تدابير فاعلة وحازمة من أجل إنهاء هجمات قوات النظام.
وقال أكار، عقب اجتماع مع القادة العسكريين في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، إن النظام يسعى لتوسيع مناطق سيطرته جنوب إدلب على نحو ينتهك اتفاق أستانة، ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين، ومغادرة السكان للمناطق التي يعيشون فيها. وأنه على هذا النحو تزداد المشكلات الإنسانية يوماً بعد يوم وتظهر بوادر حدوث كارثة جديدة. كما أن تلك الهجمات تشكل خطراً على أمن نقاط المراقبة التركية، وتسبب تعطيل دوريات القوات المسلحة التركية وتنقلاتها في إدلب».
إلى ذلك، قضت محكمة الجنايات العليا في أنقرة أمس، بالسجن المؤبد 53 مرة بحق يوسف نازيك مخطط تفجير ريحانلي الذي وقع في ولاية هطاي المحاذية للحدود السورية جنوب تركيا عام 2013 وراح ضحيته 52 شخصاً وأصيب العشرات. كما أنزلت به عقوبة السجن نحو 4 آلاف سنة في تهم أخرى. وخلال جلسة النطق بالحكم، أصدرت المحكمة قرار السجن المؤبد بحق نازيك لمرة واحدة بتهمة محاولة الإخلال بوحدة البلاد، و52 مرة لتورطه بمقتل 52 شخصاً بينهم 5 أطفال.
كما أمرت المحكمة بسجن نازيك لمدة 3 آلاف و900 سنة بتهمة محاولة قتل 130 شخصاً بينهم 28 طفلاً، و16 عاماً أخرى بتهمة حيازة متفجرات لاستخدامها في أعمال إرهابية.
وتمكن جهاز المخابرات التركي في سبتمبر (أيلول) 2018 من جلب نازيك في عملية خاصة نفذت في مدينة اللاذقية السورية، وخلال الاستجواب الأولي، اعترف نازيك بتخطيطه لهجوم ريحانلي بناء على تعليمات من المخابرات السورية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.