الببلاوي يكشف تفاصيل فض اعتصام رابعة.. ويقول إن منصور كان يعطي فرصة للكل في الحديث

رئيس وزراء مصر السابق يروي ذكرياته لـ {الشرق الأوسط} من ثورة 1952 إلى ثورة 2013 (2 - 2)

الببلاوي يكشف تفاصيل فض اعتصام رابعة.. ويقول إن منصور كان يعطي فرصة للكل في الحديث
TT

الببلاوي يكشف تفاصيل فض اعتصام رابعة.. ويقول إن منصور كان يعطي فرصة للكل في الحديث

الببلاوي يكشف تفاصيل فض اعتصام رابعة.. ويقول إن منصور كان يعطي فرصة للكل في الحديث

يواصل الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء المصري السابق، رواية ذكرياته مع الشأن المصري منذ ثورة 1952 حتى ثورة 2013 التي تولى المسؤولية في ظل الأحداث الكبرى لها، وفي القلب منها إجراءات فض اعتصامي الموالين للرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة» بالقاهرة. ويكشف الببلاوي في هذه الحلقة عن ملابسات استقالة الدكتور محمد البرادعي الذي كان وقتها نائبا لرئيس الدولة المؤقت المستشار عدلي منصور، قائلا إن الأغلبية في المجلس الأعلى للدفاع، كانت مع فض الاعتصام، إلا البرادعي الذي كان يرفض ذلك، ويقول إنه يخشى أن يتكرر ما حدث في الجزائر من اقتتال في تسعينات القرن الماضي بين المتطرفين والجيش استمر لعدة سنوات، وأنه يخشى من وقوع حرب أهلية بمصر.
ويقول الببلاوي إن الدولة كانت تؤجل فض اعتصام «رابعة العدوية» مرة بعد أخرى، لكنها في الوقت نفسه كانت لا تريد أن تتحول الأمور إلى فوضى تهدد وجود الدولة نفسها، ولهذا عندما تطورت الأمور ووصلت إلى مرحلة معينة تنذر بالخطر، كان لا بد من اتخاذ إجراءات حاسمة لفرض سلطة القانون على الجميع. ويضيف أنه قال في اجتماع مجلس الدفاع: «إذا لم تتخذ الوزارة أي إجراء يبين أن الدولة قادرة على فرض القانون على الشارع، فإنها ستفقد سلطتها بالكامل».
وتطرق الببلاوي إلى محطات خلال عمله وزيرا للمالية ونائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في حكومة الدكتور عصام شرف، خاصة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي، الذي تولى إدارة البلاد عقب تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن سلطاته في 2011. وقال إنه قدم استقالته وهو وزير للمالية احتجاجا على العنف مع متظاهري أحداث «ماسبيرو»، وقام بإغلاق هواتفه ومكث في بيته، إلا أن المشير طنطاوي بعث له برسالة مفادها أنه «إما أن تفتح الهاتف حتى أتصل بك، أو أنني سآتي لك في بيتك».
وإلى أهم ما جاء في الحلقة الأخيرة من الحوار:

* هل كنت تتوقع وأنت تراقب الأحداث في مصر أن تحدث فيها ثورة مثل تلك التي وقعت في تونس؟
- كنت أشعر أن الأوضاع في مصر سيئة جدا، وأن هناك تذمرا شديدا، وعدم قبول للأوضاع، لكن أيضا كنت أشعر أن البلد فيها «بلادة».. حين قامت الثورة في تونس، انبهرتُ لكن لم أكن أتصور أن هذا سيحدث في مصر بشكل سريع، وبتلك القوة التي جرت بها الأحداث. ورجعت إلى مصر في شهر يوليو (تموز) 2011. ودخلت الحكومة (حكومة الدكتور عصام شرف) يوم 22 أو 23 يوليو. وكنت أدرك وقتها أن البلد في حالة سيولة رغم أنها لم تكن قد بلغت السيولة والصعوبة التي وصلت إلهيا في المرحلة الثانية (أي مع ثورة المصريين ضد حكم «الإخوان» في يونيو/ حزيران 2013)، لكن كان الهم الذي نحن فيه، كوزراء، يتلخص في أننا في مرحلة ما بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وأن الوضع معقد، وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي يدير (الحكم). وكانت المسألة هي كيف ننتقل إلى الوضع الطبيعي، الذي يقتضي وضع دستور وإجراء انتخابات. فكان الجوهر هو كيف نساعد على إعادة النظام السياسي. كانت الفكرة هي أننا في وضع قلق.. كنا نسعى لترتيب البيت من الداخل.
* هل شعرت أن المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي كانت لديه رغبة في الاستمرار في حكم البلاد، أم كنت ترى أن المجلس جاد في السعي لتسليم السلطة سريعا؟
- أعتقد أنهم كانوا جادين.. كان هناك كثير من الدلائل التي تشير إلى أنهم كانوا يريدون فعلا، وبقدر الإمكان، أن تنتهي الفترة الانتقالية وتعود القوات المسلحة لثكناتها. وكانت هناك العديد من الاجتماعات المشتركة ما بين المجلس العسكري وعدد من وزراء الحكومة، وحضرت كل هذه الاجتماعات. وأرى أيضا، للإنصاف، أنه في كثير من الأحيان تجري مناقشة قضية، وتكون البداية فيها أن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو أحد أعضائه، له رأي حول موضوع مطروح للنقاش، ثم من خلال المناقشة يغير رأيه.. وأذكر هذا في كذا موقف.. مثلا أعتقد أنه كان هناك حديث في أحد هذه الاجتماعات حول ما إذا كان المصريون في الخارج يحق لهم المشاركة في التصويت في الانتخابات أم لا، وكانت الفكرة أنه من الصحيح أن من حقهم التصويت، لكن الوقت غير مناسب.. والوقت ضيق.. لكن كانت هناك آراء موجودة في الاجتماع المشترك، خاصة من جانب بعض الوزراء المدنيين، بأنه يجب أن نفعل كل شيء من أجل أن يتمكن المصريون في الخارج من المشاركة في التصويت في الانتخابات التي تجري في بلدهم. وتغير الرأي بعد المناقشات والحوار داخل اجتماع المجلس العسكري.
* يعني كان المشير طنطاوي مع تأجيل تصويت المصريين بالخارج؟
- في البداية.. في بداية الاجتماع كان رأيه أن الوقت قصير وليست لدينا إمكانات، ولا نريد أن تحدث مشاكل في هذه التجربة.. لكن، ومن خلال المناقشات التي جرت، غير رأيه بعد ذلك.. مثلا في بعض المسائل التي كنت طرفا فيها، كانت في البداية هناك معارضة لمسألة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، وأنا كنت أرى أن القرض ليس فيه عيب.. وهذا حق.. فهذا الصندوق جرى إنشاؤه بينما كنا دولة من الدول المؤسسة له، لكي يساعد البلاد، ونحن أصبحنا الآن في أشد الحاجة لهذه المساعدة.. ومجرد أن تحصل على القرض تعطي شهادة أمام العالم أن هذا الاقتصاد قادر (على التعافي). وفي آخر الأمر، كنت مصرا على رأيي.. وحين ذلك قابلت الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان وقتها ما زال عضوا في المجلس العسكري (بصفته مديرا للمخابرات الحربية)، وقلت له إن رفض الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي ليس مفيدا للبلد، فقال لي: حسنا.. اذهب (للمشير طنطاوي) وابحث معه الأمر مجددا. وعليه توجهت للمشير طنطاوي، وقلت له: لن أذهب من هنا إلا بعد أن نتوافق حول موضوع قرض الصندوق، فطلب مني أن أكتب مذكرة وأوقع عليها أنا ومحافظ البنك المركزي، ورئيس الوزراء في ذلك الوقت. وبالفعل.. كتبت المذكرة وعرضتها على مجلس الوزراء، ولأول مرة.. أو المرة الوحيدة التي يتخذ فيها مجلس الوزراء قرارا بعد التصويت بتلك الطريقة. كان بعض الوزراء يرون أنه لا يجب أن يصوتوا بـ«نعم»، لكن القرار حصل على أغلبية معقولة، حيث رأى من صوتوا لصالح القرار أن القرض يصب في مصلحة مصر. ولهذا أقول إن مسألة أن أعضاء المجلس العسكري أو رئيسه كانوا يتمسكون بآرائهم، هي مسألة غير صحيحة، بل كانوا يتناقشون ويوافقون حين يقتنعون بأن الموضوع يخدم البلد.
* هل أثرت الأغلبية البرلمانية التي تكونت من الإسلاميين (إخوان وسلفيون) على عملك وزيرا؟
- لا.. لكن لا جدال أن هؤلاء النواب الذين شكلوا الأغلبية في البرلمان في ذلك الوقت كان لديهم تأييد شعبي حقيقي.. ولم أشعر أن العملية (الثورة) سرقت، إلا أن ضعف الأحزاب السياسية بالكامل، وتفرقها، وعدم وضوح رؤيتها، هو السبب.. الساحة تقريبا كانت متروكة للإخوان.. الإخوان، أولا، كان لديهم تنظيم قوي وجبار، وليس لديهم ماض يقيس عليه الناس ما إذا كانوا يصلحون أم لا يصلحون للعمل السياسي.. كانوا أمام الناس صفحة بيضاء. ثانيا دعوة الإخوان تتحدث بطريقة تجد هوى لدى المصريين الذين لديهم تطلع ديني.. كانت الظروف بشكل عام تساعد الإخوان. ولذلك أنا قلت بالعكس، هذا مظهر ديمقراطي حقيقي. أنا لم أكن أعتقد أن هذا أفضل مجلس، لكن الديمقراطية هي التي أتت بهم. المشكلة أنه لم يكن لديهم ما يقدمونه أكثر من الخطاب والكلام.. ليس لديهم وضوح تام. وكنت أتوقع أن تواجههم مشاكل كثيرة، لكن في العمل اتضح أن أداءهم أسوأ من تقديري لهم، رغم أنه لم يكن لدي تقدير كبير بشأنهم.
* دار لغط حول أنك كنت تريد أن تقدم استقالتك احتجاجا على التعامل الأمني مع بعض المتظاهرين في الشوارع في ذلك الوقت، مثل مظاهرة «ماسبيرو».. هل تقدمت باستقالتك بالفعل، ولمن وجهتها؟
- وأنا في مجلس الوزراء، أثناء أحداث المظاهرات المعروفة بمظاهرات «ماسبيرو»، قلت رؤيتي لمن معي من المسؤولين، وهي أنه حين يسقط ضحايا أبرياء، فإن القانون يقول إنه لا بد من الالتزام بنتيجة.. وهي أن الدولة عليها أن توفر الأمن لأبنائها.. وإذا لم يتوفر الأمن، حتى لو كان دون حدوث خطأ، فعلى الأقل أن تقول الدولة: أنا آسفة.. ولا بد أن يكون هناك أي إجراء للتعبير عن الأسف، مثل تقديم الاستقالة. قلت هذا الرأي في مجلس الوزراء، وكانت هناك أغلبية في المجلس ميالة لهذا الرأي. ثم انقلبت الأوضاع (أي تغير رأي أغلبية أعضاء مجلس الوزراء).. وحين رجعت للمنزل، وجدت نفسي غير قادر على الاستمرار، فقلت خلاص.. المجلس حر.. لكن أنا غير قادر، فقررت تقديم استقالتي وأرسلتها لرئيس الوزراء، دون أن يعلم أحد.. وأغلقت هواتفي، ومكثت في البيت.
* كم من الوقت استغرق غلقك للهواتف، وماذا حدث بعد ذلك؟
- أغلقت هواتفي تقريبا لمدة يوم، حيث كانت الدنيا مقلوبة (في أوساط مسؤولي الدولة الكبار)، وتلقيت اتصالا على هاتف المنزل من الوزيرة فايزة أبو النجا، وأخطرتني أن المشير (طنطاوي) يبحث عني في كل مكان، وإذا لم أعد تشغيل هواتفي، فإنه سيأتي لي بنفسه في البيت. وقالت لي أيضا: نريد منك أن تفتح هاتفك المحمول حتى يتمكن المشير من الاتصال بك، وإذا لم تفتحه، فإن المشير مُصرّ على القدوم للبيت. ففتحت الهاتف وكلمني المشير طنطاوي، وقال لي: كيف أقابلك؟ فقلت له: سآتي لك أنا.. ذهبت له وشرحت له وجهة نظري من أحداث ماسبيرو، فقال لي: لا.. لا.. المسألة لا تتحمل. ومن جانبي قلت له: على أية حال.. هذا كان تعبيرا مني عن أنه ينبغي أن نقول للناس: أنا آسف على ما حدث، وليس لأنني مخطئ. أعني حتى لو لم يكن وقوع تلك الأحداث مقصودا، إلا أنه كان يتوجب الأسف. وقلت له أيضا إن ما جرى أصابني بالضيق، لكن إذا قلت لي أكمل عملك في الوزارة سأكمل، (وهو ما حدث).
* بعد تركك موقعك الوزاري، جاءت الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها في سنة 2012 الرئيس الأسبق محمد مرسي.. ما موقفك الشخصي من هذه الانتخابات؟
- كنت أفضل أن يفوز في الانتخابات شخص آخر. هذه مسألة ليس فيها مزاح. أنا لم أتعامل مع أي حملات انتخابية. بل تعاملت مع الأمر كأي مواطن عادي.
* وتوقعت فوز مرسي؟
- الحقيقة أنا فوجئت أساسا أن شفيق حصل (في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية) على أعلى أصوات، مع مرسي.. كنت أتوقع أن الإخوان سيحصلون على غالبية الأصوات، وأنه في حالة الإعادة سيعيد معهم أحد المرشحين المدنيين. الخيار بين شفيق ومرسي (في الجولة الأخيرة للانتخابات) كان خيارا مزعجا.. أحلاهما مر.. لا تشعر بأي راحة لو أعطيت صوتك لأي منهما.
* هل توقعت أن نظام الحكم الجديد بقيادة مرسي سيكون نظاما ضعيفا وسيتسبب في وقوع مشكلات، كما حدث بثورة المصريين على نظام الإخوان في يونيو 2013؟
- كنت أتوقع أنه لن يكون لديهم وضوح فكري بشأن ما ينبغي القيام به. لديهم شعارات، لكن ليس لديهم فهم كامل، إلا أنه أيضا لم أكن أتوقع أن عملية الحشد الشعبي ضد الإخوان ستكون بذلك النجاح وبتلك القوة التي رأيناها في 30 يونيو، سواء حركة «تمرد» أو غيرها. كنت أشعر أن الإخوان لا يديرون البلد إدارة جيدة، وأنهم يرتكبون أخطاء، ويدفعون برجالهم، ويقصون رجالا يتمتعون بكفاءة. لم يكن الإخوان يسيرون في طريق مريح، وكنت أرى أيضا أن هناك شعورا جماهيريا متزايدا بالقلق، كما كنت أرى، شخصيا، أنه من أخطر الأشياء الخلط بين السياسة والدين.. هذا أمر يضر الدين ويضر السياسة.
* توليت في يوليو 2013 العمل رئيسا للوزراء والقاهرة فيها اعتصامان كبيران لأنصار الرئيس المعزول.. هل كنت تتوقع أن فض هذين الاعتصامين بالقوة سيكون هو الخيار الوحيد؟
- لا تستطيع أن تقول «تتوقع».. لكن الشيء الوحيد الذي تضعه في الحسبان هو أن قوانين الدولة لا بد أن تُحترم، وأنه إذا بدأ الناس في الاستهانة بقوانين الدولة، فلن تستطيع الدولة القيام بأي عمل. ولذلك كان لا بد للأمن أن يعود، أي أن يطبق القانون على الجميع. إلا أنه في حالة ما إذا كان هناك من له مطالب ولديه استعداد أن تناقشه فيها وتتحاور معه حول الحلول، فهذا مقبول، لكن حين يصر على ألا يكون هناك أي نوع من الحلول الوسط، دون أي احترام للدولة.. فنفترض أنك قمت بمخالفة، وقمت بعرقلة المرور في الشارع، فأنا لن آتي لأضربك فورا، ولكن أترك لك فرصة لكي تُخلي الطريق. ولذلك كان لا بد أن تعود هيبة الدولة، مع الإقرار بأنه يمكنك أن تعترض وتعلن آراءك وتعمل اجتماعات، لكن من غير المقبول أن تتحدى الدولة، وتقول إنني لن أخلي الطريق، وتقوم بترويع المواطنين وتسئ للسكان الموجودين حولك، وتلقي خطبا تحريضية على مدى أسابيع. كما أن عملية التصدي لهذه العملية (اعتصام رابعة العدوية) لم يكن أمرا سهلا.. فيها ثمن وفيها إصابات، ولذلك كان لا بد من عدم التسرع، وأن تعطي فرصة إلى أقصى حد ممكن، لكن دون أن يمس ذلك هيبة الدولة أو يقلل من احترامها. هذا هو التوازن الذي جرى والذي كان مطلوبا. أعطينا فرصة للمعتصمين لفض الاعتصام سلميا أكثر من مرة.. وكانت هناك وساطات من الداخل ومن الخارج، لعلها تنجح، لكنها لم تنجح.. بل بالعكس.. ازدادت لهجة التحدي وازداد الإيذاء للمواطنين، وبدا أن الدولة غير موجودة. ومجلس الوزراء اتخذ قرارا بالإجماع في ثاني اجتماع له بتكليف وزير الداخلية بإعادة الأمن والاستقرار للشارع وفض الاعتصامات مع احترام القانون والدستور. كان هذا قرارا سياسيا. أما التنفيذ فيتم عن طريق خطة.. وفي الوقت نفسه كانت الوساطات مستمرة على أمل الحل دون مشاكل.
* لكن الدكتور البرادعي كان معترضا على فض الاعتصامين؟
- أولا وضع الخطة واتخاذ قرار بساعة البدء في الفض، استغرق وقتا، حيث كان المجلس الأعلى للدفاع يعقد أيضا اجتماعاته. وكان الدكتور البرادعي عضوا فيه (بصفته نائبا لرئيس الدولة)، وكان حاضرا رئيس الجمهورية، المستشار عدلي منصور، وأنا بصفتي رئيس الوزراء بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء.. وكان موضوع الاعتصام يُناقش في المجلس، وكان الدكتور البرادعي يقول رأيه في الموضوع، وإنه لا بد من إعطاء مزيد من الفرصة للوصول إلى حل سلمي. والأغلبية التي كانت موجودة في المجلس الأعلى للدفاع، وأنا شخصيا بصفتي رئيس وزراء في ذلك الوقت، كنت أقول لهم، إنه بعد فترة قليلة، وإذا لم تتخذ الوزارة أي إجراء يبين أن الدولة قادرة على فرض القانون على الشارع، فإنها ستفقد سلطتها بالكامل. وقلت أيضا إنه لا يمكن السماح بتحدي الدولة علانية وبرفع السلاح.. هذا أمر غير مقبول. الدكتور البرادعي كان له رأي آخر يقول إنه يجب إعطاء مزيد من الوقت.. وأنا أرى أنه صاحب حق في إبداء رأيه، وهو كان يخشى أن يتكرر ما حدث في الجزائر (من اقتتال بين المتطرفين والجيش استمر لعدة سنوات)، ويخشى من وقوع حرب أهلية بمصر تمتد لسنوات. أعلن البرادعي رأيه بصراحة في اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع، وكان مصرا على رأيه حتى النهاية، لكن المجلس، في مجمله، كان يرى أن الأمور جاوزت (كل حد)، وعليه اتخذ القرار (بالفض).
* هل كانت هناك آراء في مجلس الدفاع مشابهة أو متقاربة مع آراء الدكتور البرادعي؟
- لا أذكر.. يعني ربما هناك من كان يلتزم بالصمت، فكيف أعرف رأيه؟
* هل السيسي، وزير الدفاع وقتها، كان له كلام خلال اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع أثناء مناقشة موضوع اعتصام رابعة العدوية.. هل كان له رأي محدد، أو لهجة تبين إن كان مع أو ضد فض الاعتصام؟
- لا.. كان مثل غالبية الحاضرين.. أعني أنه لم يكن يوجد تمايز من جانبه يختلف به عن التوجه العام في الاجتماع.
* وموقف الرئيس عدلي منصور؟
- الرئيس كان يستمع، ويعطي فرصة للكل في الحديث وإبداء وجهات النظر والآراء..
* بماذا شعرت حين قرر الدكتور البرادعي الاستقالة؟
- أولا هو استقال دون أن يخبر أي أحد. أنا أسفت طبعا.. لكن طالما أنه يرى أن هذا الأمر لا يتفق مع ما يعتقده، فمن حقه أن يستقيل. أنا قلت إن الرجل كان متسقا مع نفسه.. إذا الأغلبية رأت رأيا فمن الخطأ أن تحاول أن تفرض رأيك على الأغلبية، لكن إذا وجدت أن ضميرك لن يكون مرتاحا، فيمكنك أن تترك المكان.. أنا رأيت أنه أخذ الموقف المنطقي لواحد له رأي مخالف، أيا كانت مبرراته، فهذا حقه، واستقال. في الحقيقة أنا فوجئت.. فهو لم يقل لي إنه سيستقيل، إلا أنني كنت أفضل ألا يسافر خارج مصر بعد الاستقالة، لكن هذا قراره هو.
* في تلك الأيام وما تلاها، كانت الأوضاع في مصر تحت أنظار العالم، ووفود أجنبية تأتي ووفود تمضي.. ما أكثر شيء كان يشغل بالك وأنت رئيس للوزراء، هل الوفود الغربية؟
- كل ما كنت أتحسب منه هو موقف الشارع المصري.. كنت أقول إذا استمر هذا القلق واستمر هذا الاعتصام، فماذا يمكن أن يحدث في البلد؟ أولا لا بد أن تعطيه فرصة، وثانيا لا بد أيضا أن تعلم أن العملية ليست بتلك البساطة، وأن خطر استمرار الاعتصام كان أكبر كثيرا من خطر فضه، ولهذا كان لا بد من أن يتخذ القرار.
* هل كان لديك علم بالساعة التي سيبدأ فيها فض الاعتصام؟
- كان لدي خبر بالموعد الذي سيتم فيه ذلك، لكن كان من الممكن أن يتأخر يوما أو أن يبدأ التنفيذ قبل الموعد المحدد بساعات.
* ومن أين تابعت عملية الفض.. من التلفزيون أم من موقع الأحدث على الأرض؟
- بالهاتف.. مع وزير الداخلية.
* ما ملابسات إصدار الحكومة في عهدك قرارا يعد جماعة الإخوان جماعة إرهابية؟
- أولا نحن جاءنا حكم من المحكمة بحظر نشاط جماعة الإخوان، ووضعها وأموالها تحت التحفظ. وبالتالي كنا ننفذ حكما قضائيا. أما بعد ضرب وتفجير مقر مديرية أمن محافظة الدقهلية، الموجودة في مدينة المنصورة (نهاية العام الماضي، وخلف عشرات القتلى والجرحى)، فقد اتخذ مجلس الوزراء قرارا سياسيا باعتبار جماعة الإخوان جمعية إرهابية. والسبب في هذا مبني على أنه في مصر، على خلاف أميركا مثلا، لا يوجد نظام يقول متى تعلن هذه الجماعة أو تلك جماعة إرهابية. ولكن توجد جريمة إرهابية، وهي الجريمة المنصوص عليها في قانون العقوبات (المصري).. وجريمة الإرهاب يقوم بها شخص توجه إليه التهمة من النيابة العامة ويقدم للمحكمة. لكن لا يوجد إجراء بأن الدولة تقوم بإصدار قرار، ولكنها يمكن أن تتخذ موقفا سياسيا. ولو كانت الحكومة أصدرت قرارا قانونيا لأصبح قرارا إداريا، يمكن إبطاله من خلال رفع قضية أمام مجلس الدولة (المختص بالفصل في النزاعات بين الدولة والمواطنين). ورغم أنه لا يوجد نظام قانوني (للتصدي لمثل هذا النوع من الجرائم) فإنه يمكنك أن تتخذ موقفا سياسيا، تدين من خلاله. وبالتالي الدولة تصرفت كدولة قانون، وحين صدر حكم قضائي (ضد الإخوان) قامت بتنفيذه.
* في ذلك الوقت، أي مع اقتراب منتصف عام 2014، كان السيسي مترددا في الترشح لانتخابات الرئاسة.. ما انطباعك حيال تلك الأيام؟
- الشيء الأكيد هو أنني كنت أرى أنه في مصلحة مصر أن يأتي رئيس للدولة يتمتع بشعبية، وأن السيسي هو الوحيد الذي يتمتع بشعبية في هذه المرحلة، وأنه على دراية كبيرة بمشاكل البلد، وله رؤية كبيرة، وكنت أرى أنه أصلح من يمكن أن يتولى قيادة الدولة. حتى لو لم يكن راغبا في ذلك الوقت، إلا أنني كنت أرى أن هذا واجب وطني عليه أن يستجيب له.
* وما ظروف تقديم استقالتك من رئاسة الحكومة للرئيس عدلي منصور، خاصة أنه ظهر كثير من اللغط في ذلك الوقت بشأنها.. فما السبب؟
- أنا حين تقدمت بالاستقالة للمرة الأولى لرئيس الدولة، قال لي إن الوقت غير مناسب.. وسبب تقديمها، في رأيي، أنه هناك مرحلة هامة جرى الانتهاء منها، وهي دقيقة، وهي تلك التي جاءت بعد إقرار الدستور الجديد.. ورأيت أنه ينبغي أن تكون هناك مرحلة ثانية تحتاج لوجوه جديدة.. مثلا الجندي على الجبهة يحارب، لكن ليس مطلوبا منه أن يظل يحارب طوال الوقت. وبعد ذلك تحدثت مع رئيس الدولة في فترة لاحقة. وقلت إن الوقت الذي لم يكن مناسبا لتقديم الاستقالة من قبل، أعتقد أنه أصبح مناسبا الآن، وذلك بالاتفاق معه.
* البعض يرى أن الأوضاع بمصر يمكن أن تستقر بالطريقة التي تمضي فيها الدولة وتوجد أصوات تقول إنه ينبغي أن تكون هناك مصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان.. ما رأيك؟
- لا بد أن تكون هناك مبادئ واضحة.. وهو أن مصر لكل المصريين، ولا يُدان أي شخص إلا إذا ارتكب إثما، وفقا للقانون. كيف تحرم شخصا لم يرتكب جريمة ولم يشترك في عمل جريمة، ولكن رأيه يختلف معك؟
* هل تعول على الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي أعلنها الرئيس السيسي وبدأ العمل فيها بالفعل؟
- مشروع قناة السويس مشروع هام جدا وضروري وسيساعد مصر.. لكن أنا لست من أنصار أن هناك حلا سحريا. كل الحلول لا بد أن تكون موجودة. ولا بد أن تقيم مشروعات كبيرة وصغيرة مع فتح المجال للمستثمرين في الداخل. أقصد أنها ليست عملية يمكن أن تحل بمشروع واحد.. ومصر ستخرج من أزمتها الاقتصادية حتى لو تطلب ذلك مزيدا من الوقت. وأريد أن أؤكد أنني متفائل، لكن الأمر ليس سهلا، ويتطلب عملا.. مصر أفضل مما كانت عليه منذ 6 أشهر. وكل يوم الوضع يتحسن أكثر من السابق.



دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

قال أشخاص مشاركون في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية، أو مطلعون عليها، إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت المصادر السورية والكردية والغربية التي تحدّثت إلى «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية، على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخيرات، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال 5 من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد وتُسيطر على شمال شرقي البلاد.

وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي و3 مسؤولين أكراد أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها، على أن تُعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في 3 فرق رئيسية وألوية أصغر، ما دامت ستتنازل عن بعض سلاسل القيادة، وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

ولم يتضح ما إذا كانت الفكرة ستمضي قدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق شامل في اللحظات الأخيرة، قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات.

الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وذكر مسؤول غربي ثانٍ أن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه»، وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشّة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد.

وذكرت معظم المصادر أنه من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين في 10 مارس (آذار).

ويُهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروجها من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة التي تُهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعدّهم إرهابيين.

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية، فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلّي عن الحكم الذاتي الذي فازت به بوصفها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد الشرع، وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات، وحثت على التوصل إلى اتفاق.

تركيا: صبرنا ينفد

ومنذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرقي سوريا، حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت، ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» «ينفد».

عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة، وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل.

وقال سيهانوك ديبو، وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 لمعالجة جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» قد طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في 3 فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجيستية وإدارية قد تسبب خلافاً وتؤدي إلى تأخير».

وصرح مسؤول سوري كبير لـ«رويترز» بأن الرد السوري «يتسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».


وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه
TT

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية المصرية إطلاق «الكتاب الأبيض» بشأن مبدأ الاتزان الاستراتيجي في الدبلوماسية المصرية، حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، في مكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع فيها القاهرة بأدوار تتراوح ما بين الوساطة والشراكة والحوار والاتصالات الدبلوماسية.

في حديثه أكد عبد العاطي «تميز» العلاقات المصرية - السعودية، معلناً التحضير للاجتماع الأول لـ«مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبد الفتاح السيسي. وأشار وزير الخارجية المصري إلى التنسيق مع الرياض في ملفات إقليمية عدة، بينها غزة وأمن البحر الأحمر، مؤكداً أن القاهرة والرياض هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية ودونهما لن يصلح حالهما.

وحمَّل عبد العاطي إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وقال إن «الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي لنقل الرؤية المصرية بشأن الكيانات الانتقالية، وعلى رأسها مجلس السلام وقوة الاستقرار»، مشدداً على موقف القاهرة بأن تكون قوة الاستقرار «قوة حفظ سلام لا فرض سلام». وتحدث عن حصر السلاح في غزة لا نزعه.

كما نفى عبد العاطي الاتهامات الموجهة لبلاده بلعب دور ميداني في السودان، مؤكداً دعم مصر للدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها الجيش السوداني، وهو «ما لا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة»، على حد تعبيره.

وأشار وزير الخارجية إلى تطور العلاقات مع تركيا، مؤكداً أن «بناء الشراكات لا يعني التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة». كما جدد التأكيد على أن البحر الأحمر للدول المشاطئة، وشدَّد على حق بلاده في الدفاع عن أمنها المائي بعد وصول المفاوضات مع إثيوبيا إلى «طريق مسدود».

وبدا لافتاً تقاطع الاتصالات الأميركية - المصرية في ملفات عدة، من بينها غزة والسودان و«سد النهضة»، في إشارة واضحة إلى حوار وصفه عبد العاطي بـ«الإيجابي» بين القاهرة وواشنطن. وفيما يلي نص الحوار:

 

* نبدأ بملف غزة، رغم الجهود المبذولة لتنفيذ «خطة ترمب»، لماذا يتعذر الوصول للمرحلة الثانية من الاتفاق؟

- الأمر مرتبط بالتعاون والالتزام من الجانب الإسرائيلي بخطة الرئيس ترمب، وهي خطة واضحة تم تنفيذ المرحلة الأولى منها بالكامل باستثناء جثة وحيدة يتم البحث عنها وسط آلاف الأطنان من الركام والمتفجرات التي خلفها العدوان الإسرائيلي على غزة. نحن نعوّل على الدور الأميركي وقيادة ترمب للعمل على إنفاذ الخطة والانتقال إلى المرحلة الثانية، ورغم كل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة يومياً، لا بد أن نعيد التأكيد على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية بكل استحقاقاتها، بما في ذلك إعادة الانتشار والانسحاب الإسرائيلي من داخل قطاع غزة، ووفقاً للخطة، ولما تضمنه أيضاً قرار مجلس الأمن 2803، ونرمز حالياً إلى الكيانات الانتقالية المؤقتة التي تم النص عليها في قرار مجلس الأمن، سواء ما يتعلق بمجلس السلام أو قوة الاستقرار الدولية أو اللجنة الإدارية الفلسطينية. نحن جاهزون، ولا بد من الضغط في اتجاه الدخول في المرحلة الثانية والعمل على تنفيذها.

 

* بمناسبة الحديث عن الكيانات الانتقالية، ما آخر تطورات تشكيل «مجلس السلام العالمي»؟

- نحن على تواصل مستمر مع الجانب الأميركي، لا سيما أن الولايات المتحدة معنية بشكل كامل بوضع خطة ترمب موضع التنفيذ على أرض الواقع. الاتصالات مستمرة مع الجانب الأميركي على كل المستويات، السياسي والأمني والاستخباراتي؛ بهدف تذليل أي مشاكل موجودة. ومصر بصفتها دولة عربية وإسلامية وواحدة من الدول الثماني التي اجتمعت بالرئيس الأميركي في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة لأمم المتحدة ودعمت رؤيته، لديها تصور يتوافق مع الرؤية العربية والإسلامية، خاصة فيما يتعلق بهذه الأطر الانتقالية المؤقتة، ونحن نتفاعل ونتحاور مع الجانب الأميركي بشكل إيجابي.

نحن ننقل رؤيتنا بأن «مجلس السلام» مهم للغاية ولا بد من تدشينه، ولا بد من أن تتركز صلاحياته في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، وأيضاً مراقبة صرف أموال إعادة الإعمار، وإذا كان هناك صندوق سيتم تدشينه من جانب البنك الدولي لهذا الغرض فلا بد أن يكون تحت رعاية هذا المجلس وإشرافه.

 

* ما آخر تطورات تشكيل «قوة الاستقرار»، وهل ستضم قوات من مصر ودول عربية؟

- نحن في حوار جدي وإيجابي مع الجانب الأميركي؛ لأن هذه القوة لا بد أن يكون طبيعتها حفظ السلام وليس فرض السلام، وهناك بون شاسع بين الاثنين. حفظ السلام يعني التركيز على مراقبة مدى التزام طرفي الاتفاق بوقف إطلاق النار، إضافة إلى المساعدة في تشغيل المعابر، أما فرض القانون أو إقرار النظام العام الداخلي فهذه صلاحيات أصيلة للشرطة الفلسطينية التي يتعين نشرها داخل قطاع غزة، وإلى جانب ذلك تؤكد مصر ضرورة تشكيل اللجنة غير الفصائلية، اللجنة «التكنوقراط»؛ لتتولى إدارة الأمور الحياتية في القطاع. ومصر قدمت قائمة من 15 اسماً هناك توافق بين الفصائل عليها.

 

* هل سيكون هناك مشاركة مصرية أو عربية في القوة الدولية؟

- بالتأكيد مصر تدعم تشكيل القوى الدولية، وهناك أطر مختلفة لتقديم الدعم اللوجستي والفني لهذه القوة. وبالتأكيد نحن منخرطون في أعمال القيادة والسيطرة، ومصر موجودة في «اللجنة المدنية العسكرية» في كريات غات بجنوب إسرائيل، والتي تم تشكيلها لمتابعة تنفيذ اتفاق شرم الشيخ.

 

* هناك حديث عن نزع سلاح حركة «حماس»، فهل يمكن أن توافق الحركة على ذلك؟

- خطة ترمب تتحدث عن حصر السلاح وتسليمه وليس نزع السلاح. وهذه أمور سيتم التفاهم بشأنها بين الفصائل الفلسطينية. وأعتقد أن هناك إمكانية في إطار التفاهم بين الفصائل للوصول إلى صيغة تتضمن تسليم الأسلحة بشكل متدرج في الإطار الفلسطيني - الفلسطيني.

 

* قدمت مصر خطة لإعادة إعمار غزة. وأعلنت استعدادها لاستضافة مؤتمر لتمويل إعادة الإعمار، فإلى أين وصلت الجهود؟

- هناك تنسيق كامل مع الجانب الأميركي على المستوى السياسي، وتحدثت مؤخراً مع وزير الخارجية ماركو روبيو وأيضاً مع جارد كوشنير. هناك حوار ممتد ننقل فيه رؤيتنا بشأن مكان وتوقيت عقد المؤتمر والاستفادة من الزخم الحالي.

 

* هل في موعد قريب؟

- حتى الآن لم يتم تحديد موعد، لكننا ننخرط في حوار مع الجانب الأميركي لتحديده.

 

* السعودية كانت من الدول الرئيسية الداعمة للحراك السياسي من أجل وقف الحرب في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فكيف تقيّم العلاقات السعودية - المصرية؟ وكيف تصف دور المملكة إزاء الملفات الإقليمية المهمة؟

- علاقات المصرية والسعودية علاقات متميزة للغاية، وهي علاقات أبدية بين بلدين وشعبين شقيقين. وبالتأكيد مصر والمملكة هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية، ولن ينصلح حالهما إلا بالتنسيق الكامل والتعاون الكامل بين جناحي الأمة.

هناك تنسيق على كل المستويات بين مصر والمملكة في ضوء توجيهات عليا من الرئيس السيسي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ للارتقاء بهذه العلاقات في كل المستويات الاقتصادية والتجارية والاستثماريّة، وفي مجالات الطاقة والمجالات القنصلية أيضاً.

التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته. وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى.

 

* متى يُتوقَع عقد الاجتماع؟

- يجري الآن الاختيار من بين مواعيد مختلفة، ونأمل أن يُعقَد في الربع الأول من العام المقبل.

 

* إلى أين وصلت الجهود المصرية لوقف الصراع في السودان؟

- الجهود المصرية مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف على الإطلاق؛ لأن السودان هي الفناء الخلفي لمصر لذلك فالاتصالات المصرية مستمرة بشكل يومي على كل المستويات، سواء مع مجلس السيادة أو الحكومة أو الجيش السوداني، من منطلق الحرص المصري على الحفاظ على المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها الجيش الوطني، فضلاً عن الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.

أما على مستوى الرباعية الدولية، فمصر في انخراط وتواصل مستمرين مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة لبحث سبل وقف هذه الحرب المروعة، وتتواصل مصر مع الأمم المتحدة لحشد وتعبئة الموارد الإنسانية وفتح الممرات الإنسانية وإقامة ملاذات آمنة. كما ننسق أيضاً مع بريطانيا وقطر، وكلتاهما أبدت رغبة في الإسهام والمشاركة جنباً إلى جنب مع الرباعية الدولية. ولن نهدأ إلا بالتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار بما يمهد إلى إقامة أو تدشين عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً. فما يحدث في السودان أمر يدمي القلوب ولا يمكن السماح أو القبول باستمراره.

 

* هل هذه الهدنة ممكنة في ظل استمرار النزاع واتهامات بدعم أطرافه؟

- هدف هذه الهدنة هو بالتأكيد تهيئة الظروف نحو وقف دائم لإطلاق النار بما يؤسس للعملية السياسية، نحن نسعى لهذا بما يحقق مصلحة السودان، ولا يمكن ولا نقبل بتقسيم السودان، أو نقبل بوضع مؤسسة الدولة السودانية على قدم المساواة مع أي كيانات موازية نرفضها تماماً ولا يمكننا أن نعترف بها.

 

* تُتَهم القاهرة عادة بأن لها دوراً ميدانياً فيما يخص الحرب السودانية، فهل هذا صحيح؟

- هذه أكاذيب. مصر لا تنخرط إلا في إطار وقف وخفض التصعيد. وموقف مصر واضح ومعلن، وهو مع الحلول السياسية والدبلوماسية؛ لأنه ببساطة شديدة لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان.

 

* تدعم مصر مؤسسات الدولة السودانية، فهل يتسبب موقف القاهرة الواضح إزاء طرفي الحرب في إرباك علاقاتها الإقليمية؟

- هناك طرف يمثل الدولة الوطنية ومؤسساتها ولا يمكن مساواته مع أي ميليشيا أو أي إطار غير خارج الدولة، وبالتالي فالحفاظ على الدولة ومؤسساتها وفي قلبها الجيش الوطني مسألة مهمة جداً ومفروغ منها.

 

* ألا يربك ذلك علاقات مصر الإقليمية؟

- لا، على الإطلاق.

 

* لا يمكن إغفال الوضع في ليبيا، فما موقف مصر من استمرار الأزمة؟

- الوضع في ليبيا يثير القلق، ولا يمكن أن نقبل بتكريس الانقسام الحالي بين الشرق والغرب، ولا بد من العمل على توحيد مؤسسات الدولة، وفي القلب منها الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية؛ بهدف تهيئة الظروف نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن. نحن نسعى لتحقيق ذلك، وكان هناك حوار مطول مع مبعوث الرئيس ترمب إلى أفريقيا مسعد بولس، أكّدنا خلاله على أنه لا مخرج للوضع في ليبيا سوى من خلال التحضير لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

 

* المشير خليفة حفتر التقى الرئيس السيسي أخيراً بالقاهرة، وكان هناك حديث عن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق لمصر أن أبدت اعتراضاً على اتفاقيات تركية - ليبية في هذا المجال، فما الخطوات التي تتخذها مصر في هذا الملف؟

- نعم، نحن لا نعترف بمذكرة التفاهم الموقَّعة بين الجانب التركي والحكومة «غير الشرعية» حكومة السراج آنذاك في الغرب، وأبلغنا مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الموقف، ولدينا حوار مع الجانب الليبي حول الأمر الذي يعدّ مسألة ثنائية تخص البلدين.

 

* هل هناك حوار أيضاً مع الجانب التركي في هذا الإطار؟

نعم، هناك حوار عام ومشاورات على المستوى الوزاري وغير الوزاري، يتم خلالها تناول الأوضاع في ليبيا والعمل على تجاوز أي نقاط قد تكون خلافية. ومواقف مصر واضحة ومعلنة وسبق الحديث عنها في أنقرة وفي كل أنحاء العالم. والقاهرة تؤكد دائماً على ضرورة خروج القوات الأجنبية من ليبيا وتفكيك الميليشيات، وأن ترسيم الحدود البحرية مسألة ثنائية بين مصر وشقيقتها ليبيا.

 

* شهدت العلاقات المصرية - التركية تطورات في الآونة الأخيرة، فكيف يمضي مسار التقارب بين البلدين؟

- تمضي العلاقات بشكل جيد جداً ونعدّ حاليا للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق الاستراتيجي المقرر عقده العام المقبل في القاهرة وبحضور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان؛ كون الاجتماع الأول كان في أنقرة.

 

* هناك تباينات بين مواقف مصر وتركيا إزاء بعض الملفات الإقليمية، فكيف توازن مصر بين علاقاتها مع تركيا في ظل هذه التباينات؟

- هناك تنسيق مشترك، ونحن نبني شراكات، وليس معنى ذلك التوافق في كل الملفات بنسبة 100 في المائة؛ فهذا أمر يستعصي حتى ما بين الأشقاء. وبالتالي، نحن نبني على نقاط الاتفاق الموجودة ونحاول التوصل إلى تفاهمات حول النقاط العالقة.

 

* دعمت مصر الصومال وأكدت مراراً حرصها على استقرار منطقة القرن الأفريقي، لكن أحياناً ينظر لأي تحركات مصرية بأنها تستهدف الضغط على إثيوبيا؟ لماذا؟

- هذه أكاذيب وأوهام ولا علاقة لها بالواقع، مصر علاقتها بالصومال تمتد إلى آلاف السنين، وبالتالي نحن معنيون باستقراره. ولذلك؛ ستشارك مصر في بعثة حفظ السلام بناءً على طلب من الاتحاد الأفريقي ومن الحكومة الصومالية، وبهدف واحد هو تمكين الحكومة الصومالية من فرض سيطرتها ومكافحة الإرهاب.

 

* تدعم مصر الصومال ودول القرن الأفريقي، فما خطة مصر لأداء دورها إزاء الأمن في البحر الأحمر؟ ومع من تتعاون؟

- نحن معنيون أيضاً بقضية الاستقرار في القرن الأفريقي وأيضاً حوكمة البحر الأحمر، وننسق بشكل كامل مع السعودية والدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، وهناك توافق كامل بأن حوكمة هذه المنطقة، خليج عدن والبحر الأحمر، يخص الدول المشاطئة فقط ولا دخل لأي دولة أخرى، ولن نسمح بأي نفاذ بحري لأي أغراض عسكرية لأي دولة غير مشاطئة.

 

* يقودنا الحديث عن مساعي الدول غير المشاطئة للوجود على البحر الأحمر، إلى إثيوبيا وملف سد النهضة، فما خطة مصر للتعامل مع هذا الملف؟

- الموقف مصري واضح تماماً، وسبق أن أعلنا أن المسار التفاوضي وصل إلى طريق مسدود ولا مجال لاستئنافه حالياً؛ لأنه ليس ما يبرر ذلك بعد استنزاف 13 سنة في مفاوضات عبثية بسبب سوء النية من الطرف الآخر. ومصر تحتفظ لنفسها بحق الدفاع الشرعي عن النفس المكفول في ميثاق الأمم المتحدة إذا حدث ضرر لأمنها المائي.

 

* ما المسارات الأخرى بعد إيقاف المفاوضات؟ وفي ظل وجود السد كأمر واقع؟

- مصر تتابع الوضع على الأرض، وإذا حدث ضرر لأمنها المائي سيكون هناك رد فعل.

 

* هل تطمح مصر لوساطة أميركية في هذا الملف؟

- هناك حديث مع الجانب الأميركي ومع أطراف أخرى، لكن لن تحدث أي انفراجة في هذا الملف ما لم يعي الجانب الإثيوبي أن نهر النيل نهر عابر للحدود، ومن ثم فهو لا يخضع لسيادة إثيوبيا. والمجاري المائية العابرة للحدود مثل نهر النيل تخضع لقواعد القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمبادئ الإخطار المسبق وعدم إحداث أي ضرر بالدول التي يمر بها النهر.

 

* كيف تنظر مصر إلى التطورات الأخيرة في سوريا؟ وهل لا تزال لدى القاهرة تحفظات إزاء الإدارة السورية الجديدة؟

- مصر يعنيها بشكل مبدئي وبشكل شديد الأهمية الاستقرار والخير لسوريا والشعب السوري، ونحن ندعم الشعب السوري بكل قوة وندين إدانة كاملة أي انتهاكات للسيادة السورية من جانب إسرائيل. وأنا على اتصال مع وزير الخارجية السوري وكنت قد التقيته مؤخراً في الدوحة. وإذا كانت هناك أي نصائح نقدمها، فإن ذلك من باب الأخوة والحرص على أمن سوريا واستقرارها ومساعدتها ودعمها في استرداد أراضيها المحتلة، والعمل على كف الجانب الإسرائيلي عن التدخل في شؤون سوريا.

نحن نتحدث عن أهمية الانفتاح لكل مكونات المجتمع السوري وعدم إعطاء الذرائع لأي دولة خارجية أن تنصّب نفسها داعمة لأي أقلية كما تحاول إسرائيل أن تفعل، ومن ثم نقول إن الدولة والحكومة السورية هي المعنية بشكل أساسي بتقديم كل الدعم والحماية والتواصل مع كل أطياف الشعب السوري.

أيضاً قضية المقاتلين الأجانب لا بد من التعامل معها، وكذلك قضية الإرهاب فلا يجب أن تكون سوريا قاعدة لتهديد أي دولة من دول المنطقة.

 

* قدمت مصر مبادرة إزاء لبنان؟ فما آخر تطورات الجهود المصرية؟

- نبذل جهوداً مكثفة، وكثيرة للغاية على كل المستويات مع كل الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، وأجريت اتصالات مكثفة مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة لتجنيب لبنان ويلات أي تدخلات أو أي عمليات عسكرية تمس بمقدرات الشعب. ونحن نثمّن كل الخطوات التي اتخذها الجيش اللبناني وكل الإنجازات التي تحققت في منطقة جنوب الليطاني فيما يتعلق بفرض سيادة الدولة وسيطرتها، كما نثمن تأكيد الحكومة اللبنانية التزامها باتفاق وقف العدائيات الموقَّع العام الماضي وتنفيذه في كل ربوع لبنان وليس فقط في منطقة جنوب الليطاني. ومصر لا تدخر وسعاً لدعم لبنان وشعبها وقيادتها.


حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
TT

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية والأمنية مع الحكومة اليمنية واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، في مرحلة تتسم بتعقيد المشهد المحلي، وازدياد التحديات الإقليمية المرتبطة بالأمن والاستقرار في اليمن.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمها مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما رشح عن هذه اللقاءات، فقد تركزت المباحثات مع رئيس مجلس القيادة على مستوى الشراكة اليمنية - الأميركية، والدور الذي تضطلع به واشنطن في دعم الدولة اليمنية، سواء على الصعيد السياسي في المحافل الدولية، أو في ملف مكافحة الإرهاب، وردع شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بإيران. كما برز ملف الإصلاحات الحكومية كأحد محاور النقاش، في ظل الحاجة إلى دعم دولي مستمر يخفف من الضغوط الاقتصادية والإنسانية.

في هذا السياق، جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية التي تقودها السعودية، والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية، ويمنع انعكاس الخلافات الداخلية على وحدة القرار الأمني والعسكري.

القيادة اليمنية شددت خلال هذه المشاورات على أهمية الالتزام بالمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، بوصفها الإطار الناظم للشراكة السياسية، محذرةً من أن أي تجاوز لهذه المرجعيات قد يخلق فراغات تستغلها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما يفاقم التحديات الأمنية.

مقاربة أوسع

في اتصال مرئي أجراه السفير الأميركي ستيفن فاغن، مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، برزت مقاربة أوسع لطبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، بوصفها مرحلة مركَّبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وأكد العرادة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة، ودعماً عملياً يمكّن الحكومة من استعادة مؤسسات الدولة، وتجفيف مصادر تمويل الميليشيات، ومنع تقويض الجهود الأممية. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

التحذير من تداعيات التساهل الدولي مع الممارسات الحوثية شكّل نقطة تقاطع في هذه النقاشات، إذ اعتُبر هذا التساهل عاملاً مشجعاً على استمرار التصعيد، وعرقلة مساعي السلام، وخلق بيئة غير مستقرة تؤثر على الأمن اليمني والإقليمي، وعلى خطوط الملاحة الدولية.

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

أما لقاء السفير الأميركي مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، فقد ركّز على أبعاد التهديد الإيراني في اليمن، ودور طهران في دعم القدرات العسكرية للحوثيين، وما يمثله ذلك من خطر على الداخل اليمني، ودول الجوار، والأمن البحري في البحرين الأحمر والعربي.

كما جرى تأكيد دور تحالف دعم الشرعية في الحفاظ على السلم الاجتماعي في المناطق المحررة، ودعم مؤسسات الدولة، والبنك المركزي، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية.

وحسبما أورد الإعلام الرسمي اليمني، أعاد السفير الأميركي تأكيد ثوابت موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتعزيز فرص الاستقرار والتنمية.