«نشيد الفجيعة»... معرض فني عراقي يستلهم آثار الحرب والإرهاب

«جثة في مكب النفايات» للفنان عقيل خريف
«جثة في مكب النفايات» للفنان عقيل خريف
TT

«نشيد الفجيعة»... معرض فني عراقي يستلهم آثار الحرب والإرهاب

«جثة في مكب النفايات» للفنان عقيل خريف
«جثة في مكب النفايات» للفنان عقيل خريف

«نشيد الفجيعة» هو عنوان المعرض المشترك الذي أقيم هذا الأسبوع، في قاعة «برج بابل» ببغداد، للفنانين العراقيين رضا فرحان، وعقيل خريف.
وتميز هذا المعرض بأنه ضم عملين فقط، بواقع عمل واحد لكل فنان. العملان ينتميان إلى ما يعرف بالفن التركيبي، الذي لاقى انتشاراً واسعاً من قبل الفنانين العراقيين، بوصفه الفن الذي يعتمد على عناصر وخامات مستهلكة وبشكل يومي من قبل الجمهور، مما يمنح المتلقي فرصة في النظر للموضوع باعتباره جزءاً منه.
ويتناول العملان الواقع الفجائعي الذي مر به العراق على مدى أكثر من ثلاثة عقود، من الحروب والحرب الأهلية والحصار، والآثار السلبية للوضع الاقتصادي والاجتماعي.
عمل «بقايا» للنحات رضا فرحان، عبارة عن عربة خشبية من تلك التي ما زالت تستخدم في أسواق بغداد، وبداخلها رأس بشري مقطوع، رمزاً أو إشارة للإنسان بدلالاته المعرفية والحياتية، إذ حاول النحات أن يبعد المتلقي عن فكرة الرأس المقطوع، فراح يفتش عن رمزية الرأس الذي يبث رسائل الرفض أو الاحتجاج والحب والعشق، أو حتى الألم.
يقول رضا: «حاولت أن أجسد الإنسان برمزية الرأس حين يترك الحياة، فيصبح سلعة لها ثمن تباع وتشترى. قدمت مجموعة من الأشرطة البرونزية تدخل الرأس من جانبيه، تمثل الأحلام والذكريات والوجع والطموح والحزن والفرح، تصبح سلعة تباع في أسواق العتيق أو الخردة».
ووضع الفنان فرحان بجانب عمله ورقة كتب فيها: «شاهدت هذا في أسواق الخردة وأسواق الهرج. يباع كثير من السلع أو المكتبات والأنتيكات أو لوحات عزيزة، دفاتر ذكريات تعود لأناس في يوم كانوا يعشقون ما يملكون ولا يفرطون فيه أبداً؛ لكنها سنة الحياة... تباع في عربات تحت جسر النهضة».
أما الفنان عقيل خريف، فقدم عملاً حمل عنوان «جثة في مكب النفايات» بقياس 300 في 185 سنتيمتراً، يقدم فيه رؤية فردية للفن الجاهز والمستهلك. علب «الكولا» جمعها لتكون مشهداً بصرياً لصرخة موحدة. علامات مرمزة لأفواه مفتوحة، وهي تهم بالصراخ. وقد كتب هو أيضاً ورقة مع عمله يقول فيها: «لا قيمة للإنسان في عالم تقوده آلة الخراب، سلعة تباع وتشترى، يرفع الظلم رأسه ويصغر أمامه الإنسان. هذا العالم أصبح كئيباً. التعصب الديني والعرقي أصبح عبئاً على البشرية، من يقود العالم يقدس كل شيء إلا الإنسان، أصبح سعر الفرد يساوي قنينة (كولا) وهو سعر الرصاصة التي اخترقت رأسه ليستقر به الأمر في مكب النفايات».
ومكونات العمل مجموعة كبيرة من علب «الكولا» جمعت من مكب النفايات في بغداد، وهي الأماكن نفسها التي كانت ترمى فيها الجثث المغدورة.
وقد كتب الفنان العراقي فاخر محمد عن هذا في «بروشور» المعرض: «رضا فرحان وعقيل خريف... فنانان يفصلهما فارق زمني في العمر؛ ولكنهما يلتقيان في الرؤية الإبداعية لموضوعات عاشها الإنسان العراقي خلال السنوات الماضية، وما زالت آثارها نعيشها يومياً: الحرب والإرهاب، والوجود الإنساني المهمش والمضطرب، في محيط وبيئة تتساوى من خلالها قيمة الإنسان ومصيره مع قيمة علبة (الكولا)». ويضيف الفنان فاخر: «أعمالهما نابعة من مشاهدات ومعايشة، ذاكرة مستعادة لأحداث حصلت، كل بحسب طبيعة رؤيته وأسلوب تقنيته. فرضا قدم عمله من خلال استخدام تقنيه البرونز، واضعاً رأساً بشرياً في عربة خشبية، تستخدم كثيراً في الأسواق الشعبية العراقية. فالأسواق كانت مسرحاً مفتوحاً للعبوات الناسفة والسيارات المفخخة. والفنان هنا استخدم العربة الخشبية للدلالة على ما وصلت إليه قيمة الإنسان.
معرض الفنانين فرحان وخريف هذا هو فعلاً جزء من نشيد الفجيعة، الذي ما زال يتردد صداه في كل شارع ورصيف ومقهى وبيت ومدرسة في العراق.



الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
TT

الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)

يعمل الباحثون في كلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية في جامعة تكساس إيه آند إم بالولايات المتحدة مع خبراء الطيران الحر للببغاوات والشركاء في البرازيل، في محاولة لزيادة معدّل نجاح إطلاق الببغاوات الأسيرة في البرية.

في دراستهم المَنشورة في مجلة «بيردز» (Birds)، أطلق الفريق بنجاح قطيعاً صغيراً من ببغاوات المكاو الزرقاء والصفراء، بهدف التّعرض التدريجي للبيئة الطبيعية، من أجل إعداد هذه الببغاوات للبقاء على قيد الحياة في البرية.

وبعد عامين، لا تزال جميع الطيور الستة قيد الدراسة على قيد الحياة، كما أنها نجت حتى من حريق غابات كان قد حدث في المنطقة.

قال الدكتور دونالد برايتسميث، أستاذ في قسم علم الأمراض البيطرية في جامعة تكساس إيه آند إم: «الببغاوات هي واحدة من أكثر مجموعات الطيور المهددة بالانقراض في العالم».

وأضاف في بيان صادر الثلاثاء: «بالنسبة للعديد من الأنواع، فإن أفضل أمل لدينا لزيادة أعدادها هو تربيتها في الأسر ومن ثَمّ إطلاق سراحها. لكن بعض البرامج تنفق آلاف، بل وملايين الدولارات على تربية الببغاوات في الأسر، فقط لتكتشف أن هذه الطيور غير قادرة على البقاء على قيد الحياة في البرية لأنها لا تمتلك ما يكفي من «الخبرة في العالم الحقيقي».

وتستخدم الطريقة الجديدة استراتيجية «تدريب الطيران الحر» الواعدة لأنها تستفيد من التّطور الطبيعي للببغاوات مع السّماح للباحثين بالتحكم في متغيرات معينة مثل الموقع، على سبيل المثال.

«نحن نسهل على الببغاوات الصغيرة تعلّم الطيران والانضمام إلى القطعان والهرب من الحيوانات المفترسة من خلال تعريضها بعناية للمواقف التي قد تواجهها عادةً على أي حال، ويجري كل ذلك بما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل النمو»، كما قال كريس بيرو من منظمة «أجنحة الحرية» (Liberty Wings).

وشدّد الدكتور كوني وودمان، مدير برنامج منح الابتكار في مجال الحفاظ على البيئة التابع لوزارة الزراعة الأميركية في جامعة تكساس إيه آند إم، على أن «هذه الطريقة فعالة بشكل لا يصدق لأنها لا تتطلّب أجيالاً من النوع نفسه تعلم كيفية البقاء في بيئة معينة عن طريق التجربة والخطأ».

وأوضح: «من خلال التحليق في بيئة الإطلاق ومشاهدة البالغين المدربين، يمكن لطيورنا التي أُطلق سراحها أن تتعلّم بسرعة مهارات البقاء الأساسية وزيادة فرص بقائها بشكل كبير».

يبدأ إعداد طيور الببغاوات الأسيرة للبقاء في البرية عندما تكون الطيور صغيرة، في الوقت الذي تبدأ فيه النظر بفضول حول العالم خارج العش.

«قبل أن يبدأ الببغاء الصغير في التحليق يبدأ بالتسلق والنظر إلى العالم الخارجي»، كما قال بيرو. «بالفعل، يقوم هذا الفرخ بإنشاء قاعدة بيانات ذهنية لما هو طبيعي في عالمه. إذا رأى حيواناً مفترساً، فسيكون ذلك خارجاً عن المألوف، لذا على الفرخ أن يتعلّم كيفية الرد على التهديدات».

في مرحلة لاحقة من النمو، تُشجّع الفراخ على المشي على عصي مصمّمة لهذا الغرض، ثم القفز إلى عصي أخرى قريبة. ومن هناك، تبدأ في تعلّم الطيران.

«لمساعدة الفراخ على تعلّم الطيران سرباً، نُدرّبها حتى مع الفراخ الأخرى والطيور البالغة المدربة، حتى تتعلّم الانتقال من (النقطة أ) إلى (النقطة ب) معاً وفي أسراب»، كما قال برايت سميث.

وفي الليل وبين جلسات التدريب، تستريح الببغاوات بأمان في القفص، حيث تتلقى الطعام والماء. ولكن مع مرور الوقت، تقضي الطيور الصغيرة وقتاً أقل فأقل في القفص ومع الطيور البالغة، كما تتعلم كيفية العثور على الطعام والماء بنفسها.

قال برايتسميث: إن «جزءاً رئيسياً من هذه العملية هو في الواقع كسر الرابط بين الببغاوات والبشر الذين كانوا يطعمونها».

وأوضح أنه في عمله مع الببغاوات، اكتشف كريس بيرو أنه عندما يبلغ عمر الكتاكيت الصغار نحو 8 أشهر، فإنها تبدأ بالابتعاد عن والديها وتصبح مستقلة. نتأكد من فطام الطيور عن التغذية اليدوية بحلول هذا الوقت حتى تنتقل إلى أن تكون طيوراً برّية مستقلة، تماماً كما تفعل مع والديها».