الزخم النفسي وراء «ريمونتادا» توتنهام وليفربول بدوري الأبطال

قاموس أكسفورد لعلوم الرياضة والطب يؤكد أن الأحداث المتقلبة تؤثر على تصورات المنافسين وجودة الأداء

احتفالات بوكتينيو وفريق توتنهام بالفوز المجنون على أياكس (إ.ب.أ)
احتفالات بوكتينيو وفريق توتنهام بالفوز المجنون على أياكس (إ.ب.أ)
TT

الزخم النفسي وراء «ريمونتادا» توتنهام وليفربول بدوري الأبطال

احتفالات بوكتينيو وفريق توتنهام بالفوز المجنون على أياكس (إ.ب.أ)
احتفالات بوكتينيو وفريق توتنهام بالفوز المجنون على أياكس (إ.ب.أ)

بغض النظر عن رأينا في المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو، يتفق معظمنا على أنه يمتلك خبرات كبيرة في عالم كرة القدم. وفي استعراضه للعودة التاريخية التي حققها كل من ليفربول وتوتنهام هوتسبر في مباراة الإياب بنصف نهائي دوري أبطال أوروبا، توصل مورينيو إلى استنتاجين مختلفين تماماً حول نجاح الفريقين الإنجليزيين في العودة من بعيد وبصورة لم تكن متوقعة.
وفي الحالة الأولى، قال المدير الفني البرتغالي إن نجاح ليفربول في سحق برشلونة برباعية نظيفة على ملعب «آنفيلد» لم يكن له علاقة بطرق اللعب. وبدلاً من ذلك، أرجع مورينيو السبب وراء هذه «الريمونتادا» التاريخية - بعد الخسارة على ملعب «كامب نو» بثلاثية نظيفة في مباراة الذهاب - إلى «العقلية» التي غرسها المدير الفني الألماني يورغن كلوب في نفوس لاعبيه.
وفي الحالة الثانية، قال مورينيو إنه يعتقد أن الأهداف الثلاثة التي أحرزها توتنهام هوتسبر في مرمى أياكس أمستردام الهولندي في الشوط الثاني من مباراة العودة جاءت جميعها بسبب الخطة التكتيكية التي اعتمد عليها المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكتينيو، وهي إرسال كرات طويلة لفرناندو ليورينتي.
ويمكن القول بأن كل تحليل من هذين التحليلين له وجهته ومزاياه، لكنهما يفتقدان إلى عامل مهم آخر. فبالإضافة إلى الحظ الذي وقف إلى جانب الناديين الإنجليزيين في هاتين المباراتين وبعض التفاصيل الأخرى التي ساهمت في تحقيق هذه النتيجة، كان هناك العامل الرئيسي الذي يبرز دائماً في مثل هذه «الريمونتادا» التاريخية، ألا وهو الزخم النفسي.
ويُعرّف قاموس أكسفورد لعلوم الرياضة والطب الزخم النفسي بأنه «التغيير الإيجابي أو السلبي في الإدراك والتأثير وعلم وظائف الأعضاء والسلوك الناجم عن حدث أو سلسلة من الأحداث التي تؤثر إما على تصورات المنافسين أو ربما على جودة الأداء ونتائج المسابقة».
قد يبدو هذا الأمر متخصصاً تماماً في الجانب النفسي، وفي الواقع هناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى أن الزخم النفسي ليس له تأثير ملحوظ على النتائج الإجمالية، بمعنى أنه قد يكون له تأثير على مباراة واحدة ولكن ليس على بطولة على مدار عدد كبير من المباريات.
لكن ماذا عن الزخم النفسي في المباراة الواحدة؟ يمكنك أن ترى ذلك الأمر بوضوح في لعبة فردية مثل التنس، لأن نظام تسجيل مجموعات منفصلة يشجع على حدوث تقلبات مثيرة في الزخم النفسي. وقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2012 على البطولات الأربع الكبرى في عالم التنس خلال عشر سنوات أن الزخم النفسي يكون أكثر تأثيراً وبروزاً في المباريات المكونة من خمس مجموعات التي يخسر فيها الفائز أول مجموعتين.
ويمكن أن نقول على سبيل المثال إن مباراتي إياب نصف نهائي دوري الأبطال لكرة القدم تُعادلان مباراة الدور نصف النهائي لبطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس عام 2011. عندما خسر نوفاك ديوكوفيتش أول مجموعتين قبل أن يعود ويهزم روجر فيدرر في نهاية 3-2. لكن ما حدث في كرة القدم في هذه الحالة كان أكثر إثارة للدهشة، لأنها ليست لعبة فردية ولكنها لعبة جماعية تضم فريقاً بأكمله.
ومن بين مباراتي العودة للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، كان الزخم النفسي أبرز وأوضح في مباراة توتنهام هوتسبر أمام أياكس أمستردام. صحيح أن ليفربول كان يتعين عليه الفوز على برشلونة برباعية نظيفة في ظل وجود الجوهرة الأرجنتينية ليونيل ميسي، وألا يستقبل الفريق الإنجليزي أي هدف، لكن دعونا نتفق ببساطة على أنه يمكن وصف ما حدث في هذه المباراة بأنه مجرد إنجاز مذهل لأن ليفربول كان لديه العديد من العوامل التي تصب في صالحه.
أولاً، لقد لعب ليفربول بشكل جيد للغاية في المباراة الأولى على ملعب «كامب نو» وكان من المؤسف أن يخسر بثلاثة أهداف دون رد. ثانياً، كانت المباراة الثانية بمثابة بداية جديدة، وكأنها مجموعة جديدة في لعبة التنس. ثالثاً، كان ليفربول يلعب على ملعب «آنفيلد» المعروف بالتشجيع الجماهيري الذي يلهب حماس اللاعبين. وأخيراً، سبق وأن خرج برشلونة من دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي رغم تقدمه في مباراة الذهاب على روما الإيطالي بفارق ثلاثة أهداف.
وعلى النقيض من ذلك، لعب توتنهام بشكل سيء في المباراة الأولى أمام أياكس أمستردام الهولندي وخسر على ملعبه بهدف مقابل لا شيء. وما زاد الأمر سوءاً وتعقيداً أن الفريق تلقى هدفين في الشوط الأول من مباراة العودة، التي أقيمت على ملعب «يوهان كرويف» وسط جمهور هولندي متحفز ويؤازر فريقه بكل قوة.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها توتنهام بالعودة بقوة بعد التأخر في النتيجة، حيث كان الفريق على وشك الخروج من المسابقة قبل بداية الأدوار الإقصائية، بعدما حصل على نقطة واحدة فقط من أول ثلاث مباريات له في البطولة، لكنه عاد بفضل إحرازه عدداً من الأهداف في الأوقات القاتلة من عمر المباريات. وبعد ذلك، خاض الفريق مباراة الدور ربع النهائي الاستثنائية أمام مانشستر سيتي والتي شهدت كل أشكال الإثارة التي ممكن أن نراها في عالم كرة القدم.
لكن توتنهام كان لديه قوة دفع هائلة أمام أياكس، الذي بدا أكثر ثقة وذكاء في كل شيء. ومن المفارقات أن هذا هو الأمر الذي صب في مصلحة توتنهام من الناحية النفسية، لأن لاعبي أياكس قد دخلوا المباراة وهم يعتقدون أنهم الأوفر حظاً بعد الفوز في المباراة الأولى خارج ملعبهم ويكفيهم التعادل بأي نتيجة لكي يصلوا إلى المباراة النهائية، وهو ما أدى إلى «تغيير سلبي في الإدراك».
وعلى نفس المنوال، لم يكن لدى توتنهام أي شيء يخسره لأنه كان بالفعل خارج البطولة بهذه النتيجة. ويبدو كما لو أن الهزيمة الوشيكة قد حررت لاعبي توتنهام وجعلتهم يغامرون بكل قوة لأنهم ليس لديهم ما يخسروه. وقد صرح كلوب وبوكتينيو بأن السبب وراء عودة ليفربول وتوتنهام هو «الإيمان»، في الوقت الذي وصف فيه المعلقون ما حدث بأنه «عودة بعد الموت». وعندما سجل اللاعب البرازيلي لوكاس مورا هدف التأهل لتوتنهام في الدقيقة 96 من عمر اللقاء، بدا الأمر وكأنه لحظة من السمو، أو المعجزة على عشب ملعب «يوهان كرويف».وبالطبع، يمكن القول بأن «الإيمان» هو السبب وراء هذه العودة الرائعة. ولم يكن توتنهام هو الطرف الأفضل في بداية المباراة، بغض النظر عما قالوه بعد ذلك، ولم يصدقوا أنهم كانوا جيدين بما فيه الكفاية، لكنهم بعد ذلك شعروا بالثقة في أنفسهم وبقدرتهم على العودة. إنهم يقولون إن الأهداف تغير المباريات، وهذا صحيح، لكن الزخم النفسي بدأ يظهر بعد أن سجل مورا هدفه الأول.
وقال بوكتينيو بعد المباراة وهو يبكي: «كان من المستحيل أن ينتابني هذا الشعور من دون كرة القدم». وفي الحقيقة، كان المدير الفني الأرجنتيني محقاً تماماً في هذه التصريحات، لأن كرة القدم تجعل المرء يؤمن بنفسه وبقدراته وتمنحه زخماً نفسياً لا يمكن إيقافه، رغم كل ما قد تسببه من آلام في أوقات أخرى.


مقالات ذات صلة

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

رياضة عالمية غاري أونيل (رويترز)

ولفرهامبتون المهدد بالهبوط يقيل مدربه أونيل

ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن ولفرهامبتون واندرارز أقال مدربه، غاري أونيل، اليوم (الأحد)، بعد سلسلة نتائج بلا انتصارات مما جعل الفريق يقبع في منطقة الهبوط.

رياضة عالمية بو هنريكسن (أ.ب)

مدرب ماينز: الفوز على بايرن إنجاز هائل... تفوقنا على أفضل نادٍ في ألمانيا

أعرب بو هنريكسن المدير الفني لنادي ماينز عن فخره بفوز فريقه على ضيفه بايرن ميونيخ البطل القياسي لدوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (بوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ماينز)
رياضة عالمية أندريس إنييستا (أ.ف.ب)

إنييستا يودّع الملاعب أمام 45 ألف متفرج في طوكيو

ودَّع نجم كرة القدم الإسباني المعتزل، أندريس إنييستا، مسيرته الكروية (الأحد) في مباراة استعراضية بين أساطير برشلونة وريال مدريد في طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
رياضة عالمية أوناي إيمري (إ.ب.أ)

إيمري: فورست منافس حقيقي في السباق على المراكز الأولى

قليلون هم الذين كانوا يتوقعون منافسة نوتنغهام فورست على المراكز الأربعة الأولى، في بداية موسم الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عربية سيتم الإعلان عن هوية الفريق الفائز بجائزة أفضل ناد في أفريقيا (رويترز)

جوائز أفريقيا: الأهلي ينافس الزمالك على «أفضل نادٍ»

يتجدد الصراع بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك عبر جائزة أفضل نادٍ في أفريقيا التي سيتم الإعلان عن هوية الفريق الفائز بها.

«الشرق الأوسط» (مراكش)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».