ذراع بن لادن في السعودية يروي قصته مع «القاعدة»

الفقعسي قاد «المجلس العسكري» للتنظيم... وحُكم عليه بالسجن 45 عاماً

الفقعسي خلال المقابلة مع قناة «روتانا خليجية» (الشرق الأوسط)
الفقعسي خلال المقابلة مع قناة «روتانا خليجية» (الشرق الأوسط)
TT

ذراع بن لادن في السعودية يروي قصته مع «القاعدة»

الفقعسي خلال المقابلة مع قناة «روتانا خليجية» (الشرق الأوسط)
الفقعسي خلال المقابلة مع قناة «روتانا خليجية» (الشرق الأوسط)

كشف رئيس ما يسمى بـ«المجلس العسكري» لتنظيم «القاعدة» في السعودية علي الفقعسي، للمرة الأولى عن تفاصيل علاقته بالتنظيم وزعيمه أسامة بن لادن، وصولاً إلى تسليمه نفسه، وأخيراً مرحلة السجن.
أحداث شبيهة بأفلام «هوليوود» رواها الفقعسي خلال مقابلة في برنامج «الليوان» مع الإعلامي السعودي عبد الله المديفر على قناة «روتانا خليجية» ليلة أمس (الأحد).
بدأت القصة في أواخر التسعينات عندما أثّرت التعبئة المتشددة والخطاب الديني المتشدد على شباب كثيرين، بينهم الفقعسي، وبات لديهم اندفاع ديني عاطفي. تأثر الفقعسي بأخيه الأكبر في أفغانستان قبل أن يقرر عام 1998، وعمره حينها 24 عاماً، الخروج إلى الشيشان مروراً بجورجيا وتركيا، حيث التقى في الأخيرة منسقاً من قبل القيادي المعروف في تلك الفترة باسم «خطّاب»، الذي وجّهه بدوره إلى أفغانستان للتدريب.
وعندما وصل الفقعسي ومن معه إلى أفغانستان، استقبلهم عناصر «القاعدة» واحتفوا بهم، ونقلوهم إلى معهد علمي تابع للتنظيم، ونوقش معهم موضوع العمليات الانتحارية ومسائل التكفير. وبعد أسبوع التقوا بزعيم التنظيم أسامة بن لادن الذي طرح عليهم في مأدبة غداء واحتفاء خاص، مشروعه، وحينها لم يتوقعوا أنهم سيلتقون به وجهاً لوجه، ليتضح لهم بعد ذلك أن هذه طريقة في الاستقطاب.
كان بن لادن يهدف لتكوين ما أسموها «دولة إسلامية» تنطلق من اليمن وتمر ببلاد الحرمين، وتتوسع منهما بلا حدود، لكن واجهته 3 معوقات مختلفة، هي: الفرقة بين الجماعات المتطرفة، وعدم وجود قاعدة شعبية له، ووجود الولايات المتحدة على رأس الهرم العالمي. لذلك لم تكن محاربة أميركا هدفاً استراتيجياً «بل تكتيكياً» لاستقطاب وتوحيد تلك الجماعات تحت لوائه، ساعياً في الوقت نفسه لاستغلال الثورات والقلاقل في المنطقة لتحديد أهدافه، فدخل إلى العراق لكسب تأييد شعبي وتشكيل نواة جديدة. ولم يبايع الفقعسي زعيم التنظيم «البيعة الكبرى»، لكن بايعه ابتداءً «مبايعة تقليدية لتنظيم العمل»، وليستفيد منها في التدريب.
لم يعلم الفقعسي عن «أحداث 11 سبتمبر» كما يقول، لكنه كان يعرف أن هناك شيئاً ما سيحدث في أميركا، ووقعت تلك العملية بعد 7 أشهر من مغادرته أفغانستان هارباً بسبب خلاف مع «القاعدة» رغم اقتناعه بفكرة التنظيم، لكن العمل ظلّ مفتوحاً له إذا استطاع أن يعمل في أي مكان. وعاد مجدداً إلى باكستان بعد سقوط «طالبان» عن طريق إيران «التي تسهّل ذلك نكاية بأميركا»، ورافق بن لادن في تورا بورا وغيرها.
غادر الفقعسي باكستان مرة أخرى واتجه إلى سوريا للتنسيق والقيام بعمليات لوجيستية، ومنها إلى السعودية مكلفاً من خالد شيخ محمد باسم بن لادن بتكوين «خلية تهدف إلى اختطاف شخصيات والقيام بعمليات مثخنة و(محاولة ضرب) أي هدف كبير»، قبل أن يبلغ هو ويوسف العييري، القيادي في التنظيم خالد الحاج برفضهما العمل في السعودية، فكتبا لزعيم «القاعدة» بأن «العمليات لا تصلح هنا لأن المملكة عمق استراتيجي وقد تتضرر لو وقفت ضدنا».
كان الفقعسي يتسلم أموالاً من المسؤول المالي والإعلامي لـ«القاعدة» في السعودية يوسف العييري، ويرسل نحو مليون ريال سعودي شهرياً إلى بن لادن يحملها له بعض المعتمرين المحسوبين على التنظيم في طريقهم من باكستان عبر قطر.
وشهد الفقعسي اللقاء الذي أجرته قناة «الجزيرة» مع زعيم التنظيم الذي «كانت أهدافه تتقاطع مع القناة، ومنها زعزعة أمن الدول العربية والسعودية أولها»، وكانت «القاعدة» تسهّل اتصال «الجزيرة»، وهي آلة الإعلام القطرية، بقادة التنظيم، إذ يأتي اللقاء في غضون 24 ساعة من الطلب.
لم يكن الفقعسي متحدثاً رسمياً لابن لادن في السعودية، حسب ما يقول، لكن الشباب المغرر بهم كانوا يتحدثون إليه لقربه من زعيم «القاعدة»، قبل أن ينشأ «المجلس العسكري» للتنظيم في المملكة برئاسته ومعه راكان الصيخان ومعيض القحطاني وعبد العزيز المقرن، فيما استبعد تركي الدندني الذي كان «مجرد مهرب سلاح من العراق وقطر».
كانت أولى قرارات المجلس إيقاف العمل الداخلي في السعودية، والاتجاه إلى العمل الخارجي والقيام بخطف الطائرات. وكتب الفقعسي تقريراً لأسامة بن لادن بشأن ذلك فأول ما وصل إليه قرر «حَل المجلس» وعدم إيقاف العمل الداخلي.
بعد خروج اسمه في أول قائمة لمطلوبين أمنيين تضم 19 شخصاً في مايو (أيار) 2003 ومعه المذكورة أسماؤهم آنفاً (الدندني، المقرن، الصيخان، العييري، الحاج)، كان الفقعسي في المدينة المنورة، وهرب إلى جدة متنكراً أحياناً بالزي النسائي وبهوية وأوراق مزورة، وبقي متخفياً. واتصل بصديق مقرب من الداعية السعودي سفر الحوالي، وذهب إليه وأقام عنده وبدأ معه مناقشة تسليم نفسه، وطلب منه المبادرة بذلك ففعل، حين ذهب بتاريخ 27 يونيو (حزيران) 2003 مع الحوالي في سيارة واحدة إلى الأمير محمد بن نايف (مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية آنذاك) الذي استقبله في جدة استقبالاً وصفه الفقعسي بــ«الفخم».
وُحكم على الفقعسي بالسجن 45 عاماً، ويؤكد أنه لم يتعرض للتعذيب، فأمضى 5 سنوات بالسجن «متأملاً» ثم 6 سنوات منفرداً تفرغ فيها للدراسة. ويقول: «فكرت أننا كنا تختار آراءنا بالعاطفة لا بالعقل، لكنني لم أكن أعرف أين الخطأ، واكتشفت أننا عقدنا الدين الذي كان أبسط مما نتخيل، فقد كانت لدينا مشكلة في فكرة التدين وتقديس العالم وتكثير المسائل».
ويرى أنه ورفاقه وقعوا «ضحية خطاب الصحوة» الذي جعلهم عرضة للتجنيد، مُتّهماً بعض الدعاة بالتغرير بالشباب وتحريضهم عبر أشرطة وكتب تضخم السلبيات ضد الدولة، وتحض على التشدد في الدين وتجعل الأخطاء من الكبائر.
واختتم الفقعسي قصته بالقول: «اليوم قامت ثورة حقيقية قادها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تهدف للعودة إلى بساطة الدين، ولو كانت هذه الثورة قبل 20 عاماً، ما كنت هنا الآن بل في بيتي ووظيفتي». لكنه أكد أنه «الآن مطمئن لأن ولدي محمي، وأحضرته وزوجتي في حفل السجن باليوم الوطني، وألقنه حب الوطن».



من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.