الكويت تموّل إعادة بناء منفذ «صفوان» مع العراق

الحكيم بعد لقائه الشيخ الجابر الصباح: نعمل على تعزيز التعاون في المجالات كافة

TT

الكويت تموّل إعادة بناء منفذ «صفوان» مع العراق

توصلت الكويت والعراق إلى اتفاق على مشروع لبناء منفذ صفوان الحدودي، تتولى الكويت تمويله في مسعى لتنشيط التبادل التجاري بين البلدين. وجاء الاتفاق خلال انعقاد أعمال الدورة السابعة للجنة العليا الكويتية - العراقية المشتركة التي استضافتها الكويت أمس والسبت.
ويعتبر منفذ «صفوان» المنفذ الحدودي البري للعراق مع الكويت، وهو تابع لمحافظة البصرة في جنوب العراق. ونقلت وكالة الأنباء العراقية أمس عن هيئة المنافذ الحدودية الإعلان عن اتفاق عراقي كويتي على بناء منفذ صفوان الحدودي. وذكر بيان للهيئة أن «اللجنة الوزارية العليا المشتركة العراقية الكويتية عقدت اجتماعا في دولة الكويت وقد ترأس الوفد العراقي وزير الخارجية وبمشاركة عدد من رؤساء الهيئات والوكلاء وهيئة المنافذ الحدودية». وأضاف أن «الجانب الكويتي اتفق على بناء منفذ صفوان كمنحة وتوفير البنى التحتية اللازمة لعمل المنفذ»، مشيرا إلى أنه «سيتم توقيع مذكرة التفاهم بين الطرفين والتي توضح من خلالها تحديد التزامات الجانب العراقي والجانب الكويتي المتعلقة بعمل المنفذ».
واستقبل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، حيث تم بحث العلاقات بين بغداد والكويت، والعمل على تعزيز مسيرة التعاون بين البلدين في المجالات كافة بما يخدم مصالحهما المشتركة. ونقلت وكالة الأنباء العراقية أن الحكيم «ثمن مواقف الكويت الداعمة للعراق، وجهودها على الساحة العربية في تعزيز مسار التضامن العربي المشترك بما يرسخ السلم، والأمن، والاستقرار بالمنطقة، معربا عن اهتمام العراق باستمرار البناء على حجم الزخم الذي تشهده أطر التعاون الثنائي بين البلدين في شتى المجالات».
كما التقى وزير الخارجية العراقي رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ جابر مبارك الصباح، حيث أكد الحكيم، بحسب بيان وزارة الخارجية، على حرص بغداد على توثيق أواصر التعاون الثنائي مع الكويت في ظل ما تشهده العلاقات بين البلدين من تطورات إيجابية. كما بحث الاجتماع التطورات المتعلقة بالقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام، فضلاً عن تبادل وجهات النظر لإيجاد حلول لما تعاني منه بعض دول المنطقة من أزمات.
وشهدت الكويت انعقاد الاجتماعات التحضيرية للدورة السابعة للجنة المشتركة الكويتية العراقية يومي 11 و12 مايو (أيار) الحالي، حيث ترأس الجانب الكويتي نائب وزير الخارجية خالد الجار الله والجانب العراقي الوكيل الأقدم في وزارة الخارجية السفير نزار خير الله، وذلك بمشاركة عدد كبير من ممثلي الوزارات والهيئات ذات العلاقة بالعمل المشترك بين البلدين. وأشار الجار الله في كلمته في افتتاح الاجتماع إلى أهمية الدورة السابقة للجنة المشتركة الكويتية العراقية «كونها تعقد في ظروف حرجة ودقيقة في المنطقة مما يتطلب ترابطا وتشاورا، مشيرا إلى أن عقد هذه الدورة يعكس حرص قيادتي البلدين على الدفع بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة ومتطورة».
وتطلع الجار الله إلى أن تحقق هذه الدورة ما يأمل له الجانبان من فتح آفاق جديدة للعلاقات بينهما.
من جانبه، أكد خير الله أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين والحرص على عقد الاجتماعات، مؤكدا دعم القيادة السياسية في العراق لأعمال اللجنة والتطلع إلى فتح آفاق جديدة للعلاقات بين البلدين، مشيدا بما تقدمه دولة الكويت من دعم العراق، مستذكرا تنظيمها لمؤتمر إعادة الإعمار.
وتمنى خير الله أن يشكل الاجتماع الحالي للجنة فرصة لبحث المشاريع الاستراتيجية التي يتطلع لها الطرفان للوصول إلى الشراكة المأمولة.
وكان نائب وزير الخارجية الكويتي أعلن مساء أول من أمس أن هناك توافقا كويتيا - عراقيا على حل الكثير من القضايا العالقة في إطار العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين. وأعرب الجار الله عقب افتتاحه الاجتماع الوزاري السابع للجنة الكويتية العراقية المشتركة عن تطلعه لتوقيع الوفدين الكويتي والعراقي على عدد من الاتفاقيات بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها. وقال إن هناك جولة أخرى من المباحثات الثنائية سيترأسها الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي ووزير الخارجية العراقي محمد الحكيم، معربا عن ثقته في إسهام تلك المباحثات بدفع العلاقات لمزيد من التعاون وتطوير مستقبل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.
وكشف عن خمس وثائق ستوقع من قبل ممثلي البلدين بالإضافة إلى محضر متفق عليه بين الجانبين تشمل جميع أوجه التعاون بهدف البناء على ما تم إنجازه في الاجتماعات السابقة.
وأعرب الجار الله عن الارتياح من الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماعات والتعاون الذي أبداه الوفد العراقي حول الموضوعات التي تم بحثها في فرق العمل المشتركة، مشيدا بالإنجازات التي تحققت من خلال فرق العمل المشتركة. وأكد أن الاجتماع يأتي في ظروف دقيقة وحرجة تمر بها المنطقة، وعليه فإنه من المهم والضروري «مد جسور التواصل مع الأشقاء لتعزيز وتوثيق العلاقات بين البلدين».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.