سندات الشركات الخاصة تغرق الأسواق رغم ارتفاع مخاطرها

بورصة نيويورك للأوراق المالية (غيتي)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (غيتي)
TT

سندات الشركات الخاصة تغرق الأسواق رغم ارتفاع مخاطرها

بورصة نيويورك للأوراق المالية (غيتي)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (غيتي)

توسعت الشركات خلال السنوات الماضية بقوة في إصدار السندات الخاصة. وكان لافتاً بالنسبة للخبراء المصرفيين الألمان حجم هذه السندات الهائل، الذي أغرق الأسواق المالية، متجاهلاً المخاوف من تكرار أزمات مالية، كتلك التي طغت على العالم في 2008، في الوقت الذي تحذّر فيه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من ارتفاع مستوى المخاطر بنسبة كبيرة من هذه السندات.
يقول الدكتور ألان بارنارد، الخبير الاقتصادي الدولي في مصرف «كوميرس بنك» الألماني، إن تعاظم إصدارات السندات الخاصة أتى تزامناً مع تحركات المصارف المركزية التي تبنّت نسب فوائد تحت الصفر، لانتزاع الاقتصاد العالمي من براثن الكساد بعد الأزمة المالية العالمية في 2008. وبهذا وجدت الشركات الخاصة في هذه التحركات فرصة ذهبية لا تفوّت، للحصول على تمويل غير محدود لخططها المالية. وتسبب تعطّش المستثمرين الدوليين لجني الأرباح في توجههم نحو سندات عالية المخاطر، مما مكن الشركات المالية من زيادة قدراتها على إغراق الأسواق المالية ببحر من سنداتها الخاصة.
ويضيف أن اتجاه المصارف المركزية لضخّ مليارات الدولارات من السيولة المالية حول العالم، في مواجهة مخاطر الكساد، مهد الطريق أمام الشركات الخاصة في الدول النامية لإصدار سندات مالية، كان مردودها يرتفع كلما زادت مخاطرها. وبما أن المصارف المركزية قررت سحب سيولتها المالية من الأسواق في الوقت الراهن، فستتحول سندات الشركات الخاصة إلى قنبلة مؤقتة قد تنفجر في أي لحظة، حاصدة معها آلاف الضحايا من المستثمرين الذين سيخسرون من دون شك كل أموالهم أو جزءاً منها.
ويتابع: «في الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2018 أصدرت الشركات الدولية الخاصة ما مجموعه 1.7 تريليون دولار من السندات الخاصة سنوياً، مقارنة بما إجماليه 864 مليار دولار سنوياً قبل عام 2008، أي قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية. وفيما يتعلق بالشركات المنتمية إلى اقتصادات الدول المتقدمة التي تستأثر سنداتها الخاصة بنحو 79 في المائة مما يتوافر في الأسواق المالية، فزاد حجم إصداراتها لسنداتها 70 في المائة، لتصل قيمتها إلى 10 تريليونات دولار. أما في الأسواق النامية، فإن حجم إصدارات سندات شركاتها الخاصة قفز 395 في المائة في الأعوام العشرة الأخيرة، مقارنة بما قبل عام 2008، بفضل نمو اقتصاد التنين الصيني. واليوم يصل إجمالي السندات الخاصة إلى 13 تريليون دولار حول العالم».
ويوضح: «تكمن المشكلة اليوم في نوعية السندات الخاصة، بصرف النظر عن عددها المرتفع جداً؛ لأن تصنيفها الائتماني من حيث الموثوقية تراجع بشكل واضح. فعدد السندات التي تتمتع بأعلى قدر من الجودة، وتنطوي على أقل مستوى من المخاطر الائتمانية، أو تلك التي تتمتع بجودة عالية وتنطوي على مخاطر ائتمانية ضعيفة، يتراجع تدريجياً».
ويضيف: «قبل عشرة أعوام كانت السندات المصنّفة ائتمانياً (بي بي بي) أي أنها ذات جودة ائتمانية متوسطة، تستأثر بنحو 30 في المائة من السندات الخاصة الموجودة في الأسواق المالية الدولية، أما اليوم فهي تستأثر بأكثر من 54 في المائة منها. علماً بأن كافة السندات التي تحصل على درجة تصنيف ائتماني ما دون (بي بي بي) هي ذات جودة ائتمانية منخفضة، وعادة ما يشار إليها باسم السندات الرديئة. وينذر ارتفاع عدد السندات المصنّفة (بي بي بي) باقتراب عدد ضخم من السندات الخاصة إلى تصنيفه كسندات رديئة. وهذا قد يشمل سندات قيمتها نصف تريليون دولار في أقل من عام، لا سيما أن شبح التباطؤ الاقتصادي لن يتلاشى بسهولة. ويشير التصنيف الائتماني لدرجة استثمار إلى انخفاض مخاطر التخلّف عن سداد الائتمان. مما يجعلها أداة استثمار جذابة بات لمعانها يقلّ في عيون المستثمرين الدوليين يوماً تلو الآخر».



تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
TT

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة، بمقدار يبلغ نحو ربع المبلغ الحالي، وذلك نتيجة للتأثيرات المترتبة على السياسات التي توعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وفقاً لما أشار إليه «معهد التمويل الدولي» يوم الأربعاء.

وأوضح «المعهد» أن التهديدات بفرض التعريفات الجمركية، وقوة الدولار الأميركي، والتباطؤ في خفض أسعار الفائدة من قبل «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، بدأت بالفعل تؤثر على خطط المستثمرين في الأسواق العالمية، وفق «رويترز».

وفي تقريره نصف السنوي، قال «معهد التمويل الدولي»: «لقد أصبحت البيئة المحيطة بتدفقات رأس المال أكثر تحدياً، مما أدى إلى تراجع شهية المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر العالية».

وأشار التقرير إلى أن هذا التحول يؤثر بشكل أكبر على الصين، بينما من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة خارج الصين تدفقاً «قوياً» للاستثمارات في السندات والأسهم، مدعوماً بشكل خاص من الاقتصادات الغنية بالموارد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقد شهدت الصين في عام 2024 بالفعل أول تدفق خارجي للاستثمار المباشر الأجنبي منذ عقود، ومن المتوقع أن تتحول التدفقات الإجمالية للأموال إلى أكبر اقتصاد في العالم إلى سلبية، حيث يُتوقع أن يصل حجم الخروج إلى 25 مليار دولار في عام 2025.

وأكد «المعهد» أن هذا التباين يُبرز مرونة الأسواق الناشئة غير الصينية، التي تُدعم بتحسن المشاعر تجاه المخاطر، وتحولات هيكلية مثل تنويع سلاسل الإمداد، والطلب القوي على الديون بالعملات المحلية.

وتوقع «معهد التمويل الدولي» أن يتباطأ النمو العالمي إلى 2.7 في المائة عام 2025، مقارنة بـ2.9 في المائة هذا العام، في حين يُتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة بنسبة 3.8 في المائة.

ومع ذلك، فإن التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة من المتوقع أن تنخفض إلى 716 مليار دولار في عام 2025، من 944 مليار دولار هذا العام، ويرجع ذلك أساساً إلى الانخفاض الحاد في التدفقات إلى الصين.

وحذر «المعهد» بأن السيناريو الأساسي في تقريره يفترض تنفيذ التعريفات الجمركية بشكل انتقائي فقط. ومع ذلك، فإذا نُفذت التهديدات بفرض تعريفة بنسبة 60 في المائة على الصين و10 في المائة على بقية العالم، فإن الوضع سيتدهور بشكل كبير.

وأضاف «المعهد»: «تنفيذ التعريفات بشكل أسرع وأقوى من قبل الولايات المتحدة قد يفاقم المخاطر السلبية، مما يعزز الاضطرابات في التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، ويضع مزيداً من الضغط على تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة».